تعالوا نعمل..
الشاب السوداني أحمد.. ما كان صعباً عليه أن يشتري ويقتني أجمل (ساعة).. لكن موهبته الإبداعية قادته إلى صنع هذه الساعة بيديه في منزله.. ومن باب الفخر بإبداعه أخذها معه إلى المدرسة ليريها زملاءه وأستاذته.. ولم يكن يدري ما يخبئه القدر.
القصة تطورت سريعاً حتى غدت خبراً تتناقله أشهر الوكالات.. المدرسة اتصلت بالشرطة.. التي جاءت سريعاً، وألقت القبض على أحمد، واحتجزته رهن التحري.
تكشفت القصة للإعلام فطارت حتى وصلت المكتب البيضاوي في البيت الأبيض.. إلى الرئيس الأمريكي أوباما- نفسه.. الذي دعا الشاب السوداني- الأصل- إلى زيارة البيت الأبيض، ومعه (الساعة) سبب الأزمة.. ثم السيدة هاليري كلينتون حتى مؤسس موقع الفيسبوك يدعو أحمد لزيارة الشركة.
أحمد لم يخترع آلة جديدة لم تعرفها البشرية.. بل على النقيض- تماماً- هو اختار آلة متوفرة في كل بيت، ومنذ.. تصوروا معي لو أن المدرسة لم تطلب الشرطة.. أو لو أن الشرطة جاءت ونظرت إلى (الساعة)، وتبسمت في وجه أحمد، ومسح ضابط الشرطة بكفه- بكل حنان- رأس أحمد، وقال له (مبارك واصل موهبتك)، وذهبت الشرطة في حالها.. لم يكن أحد ولا حتى السيد محمد الحسن الصوفي والد النابغة أحمد- ربما- لم يسمع بـ (ساعة) ابنه.
وربما رجع أحمد إلى البيت فألقى بالساعة في أي ركن أو سلة مهملات وراح يفكر في آلة أخرى ليصنعها.
لكن.. ما الذي حول (ساعة) أحمد إلى معجزة حملته- فوراً- إلى داخل البيت الأبيض، وجاءت إليه حتى قدميه بشهرة لم يحققها والده الذي ضرب أكباد الإبل من أمريكا البعيدة ليأتي إلى السودان ليترشح لرئاسة الجمهورية ثم يرجع دون أن يعرفه أحد في الخرطوم فضلاً عن أمريكا.
هذا يسمى (التدبير).. الذي عناه الله سبحانه وتعالى في قوله (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ..) السجدة (5)
(قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُالْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ). يونس(31)
ما على المرء إلا الفعل مهما كان صغيراً.. والله (يدبر الأمر).
في ديسمبر 2010 شاب تونسي بسيط ضاقت عليه أبواب الرزق الحلال فبسط بضاعته في السوق.. فبعث الله إليه سلطة القهر لتطرده بل وتصفعه على وجهه.. فلم يفعل شيئاً غير أن صبّ البنزين وأحرق نفسه.. ولم يكن يعلم أنه يصب البنزين ويحرق عروش دكتاتوريات تليدة ظلت تقبض أنفاس بلاد عربية لعقود طويلة فشلت حتى القوى الكبرى في العالم على إسقاطها.. فسقط زين العابدين بن علي.. وتبعه حسني مبارك.. ثم القذافي.. ثم علي عبد الله صالح.. وأخيراً بشار الأسد سيسقط مهما طال ليل سوريا الحبيبة.
ليس علينا بلوغ الغاية.. لكن علينا العمل من أجلها..
فالله هو الذي (يدبر الأمر).
(ليس علينا بلوغ الغاية.. لكن علينا العمل من أجلها )
بل علينا العمل من اجل بلوغ الغاية وان نصلها فهذا تدبير من رب العالمين