محمود الدنعو

اللاجئون يتوجون ميركل


موجات اللجوء المتلاطمة إلى شواطئ أوروبا وموقف الحكومة الألمانية من استقبالهم بحنو غير متوفر في الكثير من البلدان الأوروبية، هو الذي منح يومية (بيلد) الألمانية الثقة لتقول عبر عنوانها الرئيس الصادر يوم الجمعة: “نوبل للسلام لميركل”. وأضافت الصحيفة الألمانية أن “المستشارة أنجيلا ميركل لديها فرص جيدة للحصول على جائزة نوبل للسلام”، ولدى الكثير من المراقبين ما كشفته الصحيفة الألمانية ليس ثمة تكهنات تصدر عادة قبل أيام من البدء في إعلان جوائز نوبل في الطب والفيزياء والكيمياء ولكن جائزتي نوبل للاداب والسلام هي التي تحوز الاهتمام الإعلامي الأكبر، وهذا العام طرحت أسماء 276 شخصية ومنظمة، وهو رقم كبير ينقص اثنين فقط من الرقم القياسي الذي كان في العام 2014، وريثما يتم الكشف عن اسم الفائز في السابع من أكتوبر الجاري باتت التوقعات محصورة على المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل المرأة الحديدية التي ظلت تحكم ألمانيا منذ العام 2005 كاول امرأة تتولى منصب المستشارة الألمانية، وتوجتها مجلة فوربس بجائزة أقوى امرأة في العالم لخمسة مواسم متتالية، وترشحها لجائزة نوبل للسلام جاء بسبب مواقفها من الهجرة واللجوء، وهي التي تنبهت مبكرة لهذه الظاهرة خلال ولايتها الثالثة في المستشارية في أكتوبر من العام 2010 عندما قالت إن تجربة التعددية الحضارية فشلت فشلاً ذريعاً في ألمانيا، وأضافت لاحقاً في مؤتمر لحزبها أنها تأخذ على محمل الجد الجدل الدائر حول الإسلام والهجرة، وقالت “إننا لا نعاني من وفرة في الإسلام، بل نعاني من قلة في المسيحية، لا توجد في ألمانيا حالياً نقاشات جدية حول الرؤية المسيحية للإنسانية”.
وجاءت أزمة اللجوء الحالية إلى أوروبا، خصوصا من سوريا، لتشكل اختباراً أخلاقياً كبيراً لأوروبا فشل فيه الكثير من الزعماء، وفي وقت أوصدت فيه أوروبا أبوابها بالأسلاك الشائكة أمام قوافل اللاجئين كانت ميركل تستقبلهم، وترى أن للاتحاد الأوروبي واجباً أخلاقياً في استقبال مئات الآلاف من اللاجئين القادمين إلى أوروبا، وفتحت ميركل أبواب ألمانيا أمام ما بين 800 ألف ومليون مهاجر يتوقع وصولهم في 2015، وهذا الموقف وضعها في مواجهة عاصفة من الانتقادات حتى في معسكرها السياسي في ألمانيا وخارجها، ومن المفارقات أن أزمة اللاجئين التي بصدد تتويج ميركل بجائزة نوبل للسلام تسببت في الطرف الآخر في انحدار شعبيتها داخل ألمانيا على نحو غير مسبوق، وطبقا لأحدث استطلاع للرأي أجرته شبكة تلفزيون (ايه آر دي) الألمانية انخفضت شعبية ميركل إلى أدنى مستوى لها منذ 4 سنوات، حيث أيدها فقط 54% من عينة الاستطلاع بانخفاض 9 % عن الشهر الماضي.