عبد الباقي الظافر

هذا الحوار برعاية قنوات «آيه أر تي»..!!


صباح السبت القادم سيجد رجل الأعمال السعودي صالح الكامل الكاميرات تسلط الأضواء عليه في قاعة الصداقة.. حكومتنا وجهت الدعوة للمستثمر السعودي لتشريف جلسة افتتاح مؤتمر الحوار الوطني.. بحثت في سيرة الشيخ صالح فوجدتها مفعمة بالنجاحات في عالم المال والإعلام.. الرجل يملك قنوات راديو وتلفزيون العرب ( ART) بجانب مجموعة بنك البركة.. رغم الثراء الفاحش ظل الرجل يبعد نفسه عن عالم السياسة.. بل حتى علاقته بالسودان تقلصت عقب تخلصه من نصيبه في قناة النيل الأزرق ب-«تراب الفلوس».
حكومتنا تجيد الاستثمار السياسي حتى في المستثمرين أنفسهم.. أغلب الظن أن الشيخ كامل جاء في زيارة ليس لها علاقة بالحوار الوطني.. إلا أن تجار السياسة أقحموا الرجل في برنامج لا ناقه له فيه ولا بعير.. القائمون على الحوار قدموا رقاع الدعوة ولم يستجب لهم إلا نبيل العربي، وذاك بحكم وظيفته كأمين للجامعة العربية.. الضيف الثاني هو إدريس ديبي الرئيس التشادي.. هذا الرجل يستحق الإشادة من شعبنا الصابر على تلبيته دعوات حكومتنا في كل المناسبات السعيدة والحزينة.
بعض قادة الحكومة ومشايعيها في أمر الحوار يقلّلون من أهمية الغطاء الدولي لمؤتمر الحوار الذي من المفترض في حال نجاحه أن يؤسس لجمهورية رابعة في السودان.. قبل أن نتحدث عن أهمية العامل الدولي في دعم التسوية والاستقرار في البلاد نسأل كيف غاب الاتحاد الأفريقي ورئيسه روبرت موغابي عن مناسبة الحوار وقد ظل هذا الكيان الأفريقي معنا في السراء والضراء.. كيف يكون موقع ثامبو أمبيكي شاغراً وهو رئيس اللجنة الرفيعة المعنية بملف التسوية في السودان.. أين الأشقاء العرب من مصر أخت بلادي إلى المملكة السعودية الحليفة.. أين بقية الدول الصديقة والشقيقة التي نرسل لها موفداً رسمياً في كل المناسبات من عقيقة مولود إلى مأتم عزيز.. كيف تغيب أثيوبيا ولا تشاطرنا أريتريا الأفراح. تجاهلتنا دولة الصومال التي حضر رئيسها ذات مرة وقبل سنوات حفل تعلية خزان الروصيرص.
في تقديري .. أن التقليل من فاعلية العامل الدولي والإقليمي ينم عن فقدان الحكمة السياسية.. المجتمع الدولي والإقليمي يمكنه أن يمنح المناسبة زخماً هي في مسيس الحاجة إليه.. ماذا إذا حضرت هيلاري كلنتون مرشحة الرئاسة الأمريكية و استعرضت قدراتها الدبلوماسية في الخرطوم.. ستهتهم كثيراً أجهزة الإعلام العالمية بوجود الشيخ حمد بن خليفة أمير قطر السابق في مثل هذه المناسبة.. توجيه الدعوة للرئيس التونسي السابق منصف المرزوقي أو حتى ابننا أحمد الصوفي الذي خطف الاهتمام في العالم يمنحها مذاقاً خاصاً.
الغطاء الدولي لا يتوقف في الزخم السياسي.. بل يتعدى ذلك إلى تقديم الدعم المالي كما حدث في عدد من الدول التي حدث فيها تحول ديمقراطي أو غادرت محطات الحرب الأهلية.. السند الدولي لمخرجات الحوار يقلّل مساحات الحركة أمام رافضي التسوية.. الأهم من ذلك يحسّن من الصورة النمطية السالبة لبلدنا كبلد مصدر للعنف والحروب والكراهية.. إن تحسنت صورتنا فستصبح بلدنا قبلة للمستثمرين ونموذجاً للتعافي.
بصراحة.. تجاهل العالم لمؤتمر الحوار يشير إلى أن الحدث لم يرقَ للمعايير الدولية أو لم يجد التسويق الدبلوماسي.. وفي كليهما خلل وقصور في النظر السياسي.