محمود الدنعو

بين الجد والهزل !

بين الواقع والخيال وبين الجد والهزل تختزل قصة الممثل الكوميدي الذي تحول إلى رئيس لغواتيمالا وتتنظره حزمة من التحديات التي تنوء بحملها الجبال.
ومن أشهر الأعمال الفنية للممثل الكوميدي الغواتيمالي موراليس تجسيده دور راعي بقر ساذج كاد أن يصبح رئيسا للبلاد، ولكن للمفارقة أصبح الممثل نفسه رئيسا لغواتيمالا بأن حقق فوزاً كاسحاً في جولة الانتخابات الرئاسية الثانية عن حزب (جبهة التقارب الوطني) اليميني متفوقاً على سيدة البلاد الأولى سابقاً ساندرا توريس من يسار الوسط، ولم تكن المفاجأة فقط كونه ممثلاً كوميدياً بل قلة خبرته بالسياسة وشؤون الحكم بالبلاد، وهو ما أخذه عليه خصومه ومنافسيه في الانتخابات، ولكنه في أول خطاب عقب إعلان فوزه عبر التلفاز وجه رسالة إلى شعب غواتيمالا قائلا: “بهذا التصويت جعلتموني رئيساً، حصلت على تفويض، ويجب أن يكون هذا التفويض في خدمة مكافحة الفساد الذي نخرنا”.
إذن هو يدرك تماماً ما هو المطلوب منه خلال هذه الفترة، ولماذا اختارته الشعب رغم قلة الخبرة السياسية، لأن البلاد تعاني من أزمة فساد طاحنة ووحدهم عديمو الخبرات السياسية السابقة، الذين لم تتلوث أيديهم بالسلطة يملكون النزاهة والشجاعة لمواجهة الفساد في واحدة من أكثر 5 دول الأكثر عنفاً في العالم.
برغم حملات المنافسين المضادة بأن البلاد تحتاج إلى الخبرة السياسية وليس إلى وافد جديد لا تتعدى خبراته أكثر من إضحاك الناس، فاز موراليس بنسبة 71% من الأصوات، ولكن هناك تحديات تواجهه، فهو لا يملك برنامجاً واضحاً فقط ست صفحات كان برنامجه الانتخابي، فضلا عن أن حزبه لا يشغل سوى 11 مقعدا من جملة 158 هي مقاعد البرلمان الجديد.
ومع أنه استغل خبراته كممثل كوميدي في حشد الناس خلال حملته الانتخابية التي لم تخلُ من بعض الأفكار الكوميدية مثل تعهده بتوزيع تليفونات ذكية على الأطفال أو ربط المدرسين بجهاز تحديد المواقع (جي بي اس)، للتأكد من حضورهم الفصول الدراسية، إضافة إلى تصريحه بأنه يدعم عقوبة الإعدام ويعارض الإجهاض، ولكن السخط العام من الفساد ساهم كثيراً في فوزه.
رفع موراليس طوال حملته الانتخابية شعار (لا فساد ولا سرقة). وعليه، فإن الحرب على الفساد هي التحدي الأبرز والأصعب لدرجة أن موقع الـ (بي بي سي) عنون تقريراً حول التحديات التي تواجه الرئيس بـ (آخر ابتسامات الرئيس)، حيث سيدخل في معمعة الجد بعد سنوات الهزل التي استمرت 14عاماً أضحك خلالها الشعب عبر التلفاز، فهل يستطيع في رسم الابتسامة والأمل على الشعب الذي كثيرا ما أضحكه كممثل كوميدي ذلك هو التحدي الأكبر للرئيس موراليس في مقبل الأيام.