حوارات ولقاءات

أليسون باركر : وضع التعليم في السودان يحتاج لاهتمام خاص من قبل الدولة والبيئة المدرسية والأدوات غير كافية

حذرت اليونسيف من مغبة تفاقم الأوضاع في المستقبل ما لم تتحرك الدولة والمجتمع على السواء في عملية إعادة الأطفال المتسربين إلى المدارس، والمساهمة في تقليل وفيات الأطفال، المصابين بأمراض سوء التغذية.

(الصيحة) حملت أسئلتها بخصوص الأوضاع الصحية المتردية للأطفال في مناطق النزاع الثلاث دارفور، والنيل الأزرق وجنوب كردفان، إلى مسؤولة الاتصال والعلاقات الخارجية باليونسيف السيدة أليسون باركر، والتي كانت صريحة في إفاداتها التي عبرت فيها عن قلقها تجاه أوضاع وصفتها بالمزرية ظل يعيشها الأطفال تحت سن الخامسة منذ وقت ليس بالقريب، فيما يختص بسوء التغذية والأعداد المتزايدة في عملية التسرب من العملية التعليمية علاوة على أن آلاف الأطفال فاتتهم سن التعليم المدرسي وهم الآن على أعتاب الثالثة عشرة من العمر، وعبرت عن قلقها أن نسبة البنات خارج أسوار المدارس أكثر من الأولاد، وأشارت إلى أن العادات والتقاليد في بعض المناطق لا تزال تمارس الزواج المبكر ولا تهتم بتعليم البنات لأسباب اًجتماعية.

أليسون أجابت بصراحة على بعض استفهامات (الصيحة) التي التقتها بمكاتب اليونسيف شرق الخرطوم، وكانت دبلوماسية في البعض الآخر، فإلى مضابط الحوار:

* أليسون كيف تصفين وضعية الأطفال الصحية في السودان وماهي الجهود التي تبذلها اليونسيف في ذلك؟.

بالطبع اليونسيف تعمل بوتيرة مرتفعة في عدد من القضايا التي تختص بالأمومة والطفولة، ولكن هناك الكثير من العوائق التي تواجه معالجة قضايا الأطفال تعلم جيدًا أن اتفاق السلام الشامل بين الشمال والجنوب كان يمثل فرصة كبيرة لمعالجة كافة القضايا الاجتماعية والاقتصادية ولكن شاءت الظروف بأن تظهر عوائق جديدة حالت دون نجاح العديد من المشروعات في البلدين، ولكن الآن اليونسيف وشركاؤها في المنظمات الأخرى ووزراة الصحة تعمل جاهدة على تحسين وضع الأطفال الصحي والتعليمي.

*آسف.. سؤالي كان عن وضع الأطفال في البلاد هل لك تقييم محدد؟

بالطبع غير مرضية في كثير من المجالات ولكن مزرية جداً في مجال الصحة والتعليم خاصة فيما يتعلق بأمراض سوء التغذية.

**طيب كيف تصفين إحصائيات وفيات الأطفال في البلاد بحسب تقارير اليونسيف؟

نحن أطلقنا مسحاً في العام 2014 بخصوص الأرقام الحقيقية لوفيات الأطفال وأظهرت نتائج البحث خلال العشرة أعوام الماضية كانت مرتفعة

ولكن بعد مجهود كبير قامت به اليونسيف ووزارة الصحة في العام 2015 ساهمت في خفض النسبة، ولكن الأمر يتطلب مجهودات كبيرة لتحصين الأوضاع الصحية وإزالة مسببات وقاية الأطفال.

**ماهي المجهودات التي قمتم بها لتقليل تلك المسببات؟

اليونسيف استطاعت بالتعاون مع وزارة الصحة أن تكثف حملات التطعيم ضد العديد من الأمراض التي تسبب وفيات الأطفال وبالطبع قطعنا شوطاً كبيراً في التحصين ضد الحسبة وشلل الأطفال وتدريب القابلات وتحسين مستوى مياه الشرب وتحسين مستوى الصرف الصحي في العديد من المناطق المتأثرة بالنزاعات. كما قمنا بتكثيف عملية نشر الوعي والمطالبة بالتحصين في المجتمعات المحلية، وتحسين خدمات توصيل اللقاحات باستخدام إطار خطة التلقيح العالمية. فكل عام يؤدي التحصين إلى تجنب 2 – 3 ملايين حالة وفاة بسبب الدفتيريا والتيتانوس والسعال الديكي والحصبة.

* الحصبة لا تزال منتشرة في السودان؟

هناك حملة كبيرة تقوم بها اليونسيف ووزارة الصحة، وعدد من الشركاء الوطنيين والتي تستهدف تطعيم أكثر من (8)ملايين طفل في السودان، وذلك لأجل القضاء على مرض الحصبة في أعمار الأطفال التي تتراوح ما بين 6- شهور إلى 15سنة.

*** ماذا عن التعليم في السودان هناك تقارير مخيفة تتحدث عن التسرب المدرسي؟

أها.. هذا السؤال مهم جداً وخطير في نفس الوقت لأن عملية التسرب المدرسي في السودان في تزايد كبير، وهذا ما يقلق اليونسيف، وهذا التسرب تسببت فيه الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية الأمر الذي يحتاج إلى قرع جرس الإنذار ولفت الانتباه لمستقبل البلاد، والذي يعتمد بصورة مباشرة على تعليم الأجيال الحالية، فبالتالي المستقبل لن يقبل أي طفل خارج مظلة التعليم وإلا ستدفع الثمن البلاد برمتها.

** كم تبلغ نسبة التسرب الدراسي وهل لديكم إحصائية محددة؟

بالفعل عدد المتسربين من التعليم هم أكثر من ثلاثة ملايين طفل غالبيتهم من المناطق المتأثرة بالنزاع، في دارفور، وجنوب النيل الأزرق، وكردفان.

الأمر المؤسف أن عدد المتسربين عن المدارس في تزايد مستمر، وهؤلاء جميعهم في العمرية من سن 5سنوات إلى 13 عاماً ولكن نطمئن بأن جهوداً تبذل من قبل اليونسيف والاتحاد الأوربي، ومؤسسة قطر يسعون، لإعادة أكثر من ألف متسرب من أطفال المدارس.

**هل لليونسيف دور واضح في الحد من تلك الظاهرة خاصة أنها معنية بقضايا الأمومة والطفولة.؟

اليونسيف تقوم بمجهود كبير وتقديم المساعدات على نطاق واسع بما في ذلك العمل على حلحلة العديد من قضايا الأطفال والأمومة، في السودان وليس التعليم فقط بدليل أن أي طفل في السودان نحن تحصلنا عليه وعملنا على تحصينه ضد مرض الحصبة والأمراض التي يتعرض لها الأطفال كالشلل والسل والدفتريا.

**لم تجيبي عن سؤال إحصايئية دقيقة للأطفال المتسربين من المدارس؟

نحن نعلم جيدًا أن 3.1 مليون خارج المدارس بحسب إحصائيات اليونسيف فإن عدد المتسربين من المدارس بلغ حوالي (3.1) مليون طفل في أنحاء السودان وهناك مشروع لليونسيف يعمل على استعادة هؤلاء إلى المدارس، ولكن للأسف الشديد أن غالبية التسرب يعود إلى عوامل اقتصادية واجتماعية مرتبطة بمناطق النزاع والعديد منهم فشلت أسرهم في توفير العيش لهم وهؤلاء غالبيتهم في العمرية من 10- إلى 13 عاماً، لذا يجب على الجميع التعاون من أجل إنقاذهم وإلحاقهم بقطار التعليم.

*** من الملاحظ أن آلاف الأطفال يعملون في أسواق العاصمة الخرطوم كيف يعود هؤلاء إلى المدرسة بعد أن تعلقوا بالأسواق؟

بالطبع المسألة تحتاج إلى مجهود كبير ومشاريع تتمثل في تحسين الأوضاع الاقتصادية لأسرهم وتحسين البيئة التعليمية ومدهم بالأدوات المدرسية وكل ما يحتاجونه ففي هذه الحالة يمكن أن يعود أطفال السوق إلى حقل التعليم.

وأعلم تماماً فإن اليونسيف لم تجهل هؤلاء وستفعل كل ما في وسعها مع الحكومة لأجل عودة هؤلاء إلى المدارس.

**كم عدد هؤلاء الأطفال الذين يعملون في الأسواق؟

حتى الآن هناك حوالي ثلاثة آلاف طفل استطعنا أن نعيد منهم حوالي ألفين، وهناك ألف آخر نحاول من خلال حملة كبيرة ودعم متواصل من اليونسيف وشركائها في العمل علي عودتهم ونخطط لأن نعيد أكبر عدد منهم.

**كيف تصفين بيئة التعليم في السودان؟

بالطبع غير جاذبة تنقصها الكثير من الأدوات المدرسية والبيئة الملائمة لتشجيع الطلاب وهناك رسوم مرتفعة لا يستطيع غالبية الأسر دفعها وهناك تسرب أيضاً من قبل الأستاذ نفسه والذي بدأ يبحث عن وسائل أخرى، لذا نحن أيضاً نعمل على تهيئة البيئة المدرسية وتوفير الأدوات.

ــ ما هي المتطلبات التي تحتاجها البيئة التعليمية في السودان بحسب ملاحظاتك؟

بالطبع تحتاج الكثير، إعادة بناء المدارس التي تنقصها البيئة المدرسية والأدوات وغيرها من الوسائل المصاحبة للعملية التعليمية..

ــ سوء التغذية وسط الأطفال بلغ قمته في وهناك حالات وفاة؟

حقيقة أن أمراض سوء التغذية من المشاكل التي تقف تحدياً أمام اليونسيف والحكومات في كافة الدول الأفريقية، ولكن في السودان يتزايد بشكل ملحوظ خاصة في مناطق شرق السودان والنيل الأزرق والمناطق المتأثرة بالنزاعات.

**كم عدد المصابين بسوء التغذية من الأطفال؟

بحسب إحصاءاتنا هناك حوالي مليونين ونصف المليون مصاب بأمراض سوء التغذية وهناك أيضاً مشاريع تجري على الأرض لتخفيض تلك النسبة وإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

خمسة آلاف في حالة خطرة

***هل تعتقدين أن ما تخصصه الدولة للصحة والتعليم في البلاد يتناسب مع التحديات التي ذكرتِها؟

أنا ليس لي حق أن أعلق على ميزانية الدولة وما تنفقه تجاه الصحة أو التعليم، ولكني أتمنى أن تبدي الدولة اهتماماً متعاظم بقضايا محاربة سوء التغذية والإيدز والتعليم وهذه كلها قضايا خطيرة تنعكس سلباً على المجتمع وهي بالتالي مضرة بمستقبل البلد والاهتمام بها يمكن أن يغير معالم كثيرة في النواحي الاجتماعية والاقتصادية في المستقبل.

*إذًا لكِ حق التعليق على ميزانية اليونسيف بحكم مسؤوليتك فيها؟

بالطبع يمكن ذلك

**يقال إن اليونسيف ومنظمات الأمم المتحدة المتخصصة، تنفق أكثر من (50%) من ميزانتيها على الإجراءت الإدارية وهذا أكثر من ما ينعكس على الأرض..؟

ضحكت.. وقالت: أولاً عليك أن تذهب إلى الأرض ستجد أموال اليونسيف تتدفق أكثر في مشروعات ملموسة وليس إجراءات كما ذكرت.

ثانياً: نحن نستخدم في الأمور الأدارية حوالي أو أقل من 10% فقط من ميزانيتنا.

اليونسيف وحدها تعمل في مشروعات كبيرة تختص بسوء التغذية والمدارس ومشروعات أخرى تخص الأمومة، الطفولة والصحة المدرسية والمياه الصحية النقية وغيرها من تحسين ظروف الصرف الصحي وكل تلك المشروعات موجودة على الأرض بإمكانك أن تطلع عليها..

**بماذا تنصحين الدولة فيما يختص بالتعليم والصحة؟

أتمنى أن يهتم الناس بقضايا وفيات الأطفال دون سن الخامسة، بالصحة لأن في السودان لا تزال العادات والتقاليد الخاصة بالختان والزواج المبكر تعمل على زيادة نسبة وفيات الأطفال والأمهات على السواء. وهي القضايا الأكثر قلقاً بالنسبة لليونسيف بالإضافة إلى قضايا التسرب المدرسي، وأمراض سوء التغذية

أتمنى أيضاً أن كل طفل في السودان يحصل على حق متساوٍ فى البقاء.

أما بخصوص التعليم فإن السودان يحتاج لإهتمام متزايد في هذه العملية لأن التحديات الاقتصادية والسياسية والأمنية لها دور كبير والتأثير الاجتماعي والأُسري وهذا ربما ينعكس سلباً على التعليم.

بدليل أن المناطق المتأثرة بالنزاعات هي التي دفع أطفالها ثمن التسرب المدرسي. أتمنى أن يتحقق السلام والاستقرار في كافة مناحي السودان حتى تستقر عملية التعليم والصحة لأنها صفة ملازمة للأمن والاستقرار.

الصيحة