سياسة ترامب الخارجية
السؤال المثير للجدل هل يمكن أن يُؤخذ كلام المرشح المحتمل للرئاسة الأمريكية دونالد ترامب محمل الجد خصوصاً في ما يتعلق بملف السياسية الخارجية؟، فما يتفوه به ترامب الذي يوصف بشكل واسع على أنه محض مهرج سياسي يجد أصداء لدى الكثير من الأمريكيين ويتردد صداه لدى الإدارة الامريكية.
إذن، ما هي السياسية الخارجية لترامب؟ فالرجل تعرض لانتقادات شديدة لغياب المستشارين في الشؤون الدولية في حملته الانتخابية، ولكن بيتر فيفير كتب في مجلة (فورن بوليسي) يقول إن ترامب لا يملك حتى سياسية خارجية ناهيك عن مستشارين في السياسية الخارجية، والواقع أن الحقيقة تشير إلى أن ترامب يملك رؤية كبرى ولكن بطريقته البسيطة، فهو يؤمن بأنه لا يجب على الولايات المتحدة أن توسع نطاق سياستها الخارجية ما لم يتولَّ الحلفاء والشركاء وأصحاب المصلحة على عاتقهم حل مشاكلهم بأنفسهم وهي سياسية مغايرة تماماً للفهم المشترك للسياسة الخارجية الأمريكية لدى قادة الدبلوماسية والأمن القومي في واشنطون.
خُذ مثلاً موقف ترامب من أوروبا القارة التي يربطها حلف قوي مع الولايات المتحدة لنصف قرن من الزمان، فقد كتب في العام 2000 قائلاً: إنَّ انسحاب أمريكا من أوروبا سوف ينقذ ملايين الدولارات سنوياً هي كلفة نشر قوات الناتو في أوروبا، وعندما واجهت قناة (إن بي سي) ترامب بهذا الموقف بعد (15) عاماً لم يتراجع، وعندما سُئل عن الأزمة الأوكرانية قال إنه غير سعيد بما يجري في أوكرانيا ولكنها في النهاية مشكلة تؤثر على الأمن الأوروبي وليس على أمريكا، ويبدو ترامب مُصِرَّاً على موقفه الرافض لاعتماد الآخرين على الحماية الأمنية الأمريكية، ففي تصريحات سابقة له العام 2013 هاجم كوريا الجنوبية التي تحظى بالحماية الأمريكية منذ نهاية حرب الكوريتين في العام 1953، وتساءل إلى متى سنظل ندافع عن كوريا الجنوبية في مواجهة كوريا الشمالية من دون ثمن؟ وما انفك يردد في حملته الراهنة بأن كوريا الجنوبية هى المستفيد من الولايات المتحدة.
ترامب خصص وقتاً طويلاً للحديث عن الصين، وبرغم أهمية العلاقة مع الصين فإنَّ ترامب لا يرى ذلك، ويرى في الصينيين مجرد سارقين للوظائف من الأمريكان وأنهم لا يتبعون النظام الدولي الليبرالي ويتجسسون ويتلاعبون بسعر العملة.
وحول الحربين الكارثيتين اللتين خاضتهما الولايات المتحدة في افغانستان والعراق يصف ترامب الحرب في أفغانستان بالخطأ، وأن الدورس المستفادة من العراق هي يجب عليك أن تعرف متى تستخدم القوة العسكرية، وادعى أنه كان ضد الحرب على العراق منذ العام 2004.
مواقف ترامب من قضايا السياسة الخارجية تخلص إلى أن رؤية مفادها أن الولايات المتحدة يجب أن لا تتدخل في قضية إلا إذا كانت ستخرج منها منتصرة.