ماهو سر القوة الخارقة لشعب الشيربا النيبالي؟
بالنسبة لعشاق المغامرات والمخاطر، يمثل تسلق قمة إيفرست التحدي الأكبر على الإطلاق. فرحلة كهذه تستغرق أشهراً من التدريب والاستعداد للعيش على ارتفاع شاهق ودرجات حرارة لما دون الصفر، لكن هناك مجموعة قادرة على “ترويض” هذه القمة، التي حصد حلم تسلقها حياة الكثيرين، بسهولة بالغة. إنهم قوم الشيربا، والشيربا هم مجموعة عرقية في نيبال تسكن مرتفعات الهملايا العالية منذ أجيال، وعملوا كمرشدين سياحيين وحمّالين، واستعان كثير من السياح بخبرتهم عند تسلق أعلى قمة في العالم، وبينما أذهل قوم الشيربا السياح بقدرتهم على الحركة بسهولة بين جبال الهملايا، لم يعرف أحد السر من وراء قوتهم الجسدية.
لكن قامت الاستشارية في العناية السريرية في مستشفى جامعة “ساوث هامبتون” في المملكة المتحدة، ديني ليفت، برحلة اكتشاف علمية إلى أعلى إيفرست، لدراسة الأسباب وراء قدرة الشيربا على التعايش مع المرتفعات، وتذكر ليفت واحداً من مرافقيهم من قوم الشيربا قائلة: “نزل من ارتفاع 2000 متر (في القمة) في غضون ساعتين، بينما استغرق الفريق جزءاً كبيراً من اليوم لقضاء الرحلة… حتى أنه توقف لشرب كوب من الشاي في طريقه”.
تحديات “شاهقة”: التحدي الأساسي أثناء صعود إيفرست هو التعايش مع نوعية الهواء في القمة. ففي الأعلى، تتراجع مستويات الأكسجين في الهواء لتصل إلى ثلث نسبتها على سطح البحر، بحسب ليفيت. وأقل من 6 بالمائة من البشر قادرون على التسلق إلى هذا الارتفاع دون الاستعانة بأنابيب الأكسجين.
بالإضافة إلى هذا، قد يشعر كثيرون بالدوار من على ارتفاع لا يتجاوز بضع آلاف الأمتار. وبحسب ليفيت، “إذا صعدت 3500 متراً مباشرة، ستستيقظ في الصباح التالي ولديك شعور بأنك تعاني من الإنفلونزا أو أعراض ما بعد الشرب”، لكن هذا الأمر لا ينطبق على قوم الشيربا، الذين طورت أجسامهم قدرة على تحمل هذا الجو.
استعمال الأكسجين: وشاركت ليفت نتائج البحث في معرض “World Extreme Medicine” في لندن، التي تمحورت حول عُضيّة في الخلايا البشرية تسمى المتقدرات، أو الميتوكوندريا، التي تنتج الطاقة في الخلية، وتعتبر هذه الأجزاء من الخلايا في أجساد قوم الشيربا أكثر فعالية باستعمال الأكسجين مقارنة بالأشخاص الذين يعيشون في ارتفاعات أقل، بحيث تنتج كمية أكبر من الطاقة لديهم بكمية أقل من الأكسجين.
وقارن الفريق سرعة الدورة الدموية بين الأشخاص من الشيربا والأشخاص العاديين مع زيادة الارتفاع، ووجدوا أن الدورة الدموية تراجعت لدى الأشخاص العاديين مع زيادة الارتفاع، وحافظت على مستوياتها عند الشيربا.
من الجبال إلى أسرّة المرضى
ويهدف القائمون على هذه الدراسة إلى استعمال اكتشافاتهم في إيجاد طريقة لمساعدة المرضى في المواقف التي تجبرهم على التعايش مع نسبة أكسجين قليلة بسبب أمراض معينة، مثل الإصابات في الرأس.
مجلة الرجل