موسم الهجرة إلى البياض (1) البنات يؤكدن أن سوق الزواج “عاوز كده”.. وهذه (…) قصة الـشقريب
الدعم السريع و(شوفني بكرة).. أشهر أسماء الكريمات
ماذا يدور داخل قروب فسخ وجلخ “بالفيس بوك” بعد أن اقتحمه الأولاد
نعم هو موسم الهجرة إلى البياض .. فهذا هو الاتجاه السائد.. والهجرة تتم عبر تغيير لون البشرة من (اللون الأسود) إلى (اللون الأبيض) فالأمر صار هو الشائع والسائد.. لكن هل كل ما هو شائع صحيح ؟؟ الكثير من العوامل هي التي قادت الأنثى إلى هذا الطريق بالغ الطول. وهي تدفع الثمن صحتها وحياتها… لكن تعود المشكلة إلى الجذور لما لها من أبعاد نفسية وفسيولوجية أصبحت واقعاً معاشاً لا فكاك منه.. الشيء الذي جعلنا نحمل كنانة أسئلتنا.. وفي ذهننا الكثير لكن نتجه صوب من؟؟ فالجميع هنا مشارك في تلك العملية القمعية للون الأسمر أو الأسود أو “الأخدر” .. فلنسمه ما شئنا طالما نحن نعمل على إزالته بكل ما نملك من قوة أو (مواد خطيرة) إن جاز التعبير .. فقد حمل كل المجتمع معاول الهدم والتدمير.. للون بشرته واقتلعها.. هذا هو حال الفتيات وهن يستخدمن كريماً تلو الآخر.. حتى يغيرن ما منحته لهن الطبيعة بفيضها، والشيء المثير للتخوفات أنه حتى كلمة (تفتيح) استبدلت بكلمة (نضافة).. وهذا يعني أن اللون الطبيعي لابد من إزالته لأنه حسب وجهة نظرهن مجرد”وساخة” ولابد من استبداله باللون الأبيض الذي يعني لهن”النضافة”، والسؤال الذي يفرض نفسه لماذا لم يعد اللون”الأخدر” المميز للسواد الأعظم من السودانيين مرغوباً من قبل الفتيات ولماذ الهجرة نحو اللون الأبيض.
نظرة عن قرب
وفور شروعنا في هذا الأمر حملنا أوراقنا واتجهنا صوب محطة شهيرة بأم درمان مليئة بمحلات التجميل وعمل خلطات التفتيح لدرجة أنها صارت محطة للركشات وسائقي الأمجاد، وقد تحدث لنا أحد سكان ذاك الحي مشيراً الى أن هذا المكان صار سوقاً للكريمات وقد بدأ من (طبلية) لبيع الكريمات في أوائل عام2000م ثم تحول إلى أكثر من 10 بوتيكات، وفعلاً المشهد العام كان واضحاً فهناك جماعات وفرادى من الفتيات يتوجهن صوب المحلات التجارية المزدحمة، حينها حملنا أوراقنا ويممنا صوب أشهر محل لبيع الكريمات وانتظرت كثيراً حتى يحين دوري وأخذت أراقب الفتيات عن كثب، فبادرت صاحب البوتيك وفتاة فاقعة الصفار وتحدثت قائلة: عاين لي وشي ده غسلتو وجيتك… شوف لي الخلطة البتنفع معاه.. فنظر لها بعين الخبير والملم بكل الأمور.. خلطتك دي بي 30 جنيهاً (تحدثت إلى نفسي تفتح شنو بي لونا الأبيض ده.؟؟). ثم تلتها أخرى قائلة: أنا عرسي باقي ليه أسبوعين عاوزة لي خلطة حااارة كده، ثم خاطبته أخرى قائلة: نحن عندنا عرس بعد شهر عاوزة لي حاجة تنضنفي، وسألته أخرى عن كريم اسمه (بي وايت) قاليها: ده ما بديك ليه خطر شديد وانتي حامل؟ قاليها الصباع ده نقطة منو بتفتح لون 7 بنات.. وأنا استمع بدهشة الى حواره مع الفتيات فجأة انتبهت الى أنه من المفترض أن آخذ فرصتي في الحديث.. فقلت له أنا عرسي باقي ليه ثلاثة أيام.. اتجه نحوي كل من بالمحل ونظر إلى بعين الاستغراب، وأخريات بعين الشفقة على حالي.. وفتاتان تغامزتا على مرأى من الجميع.. وبعدها انهالت علي الوصفات من كل اتجاه .. إلى أن أخرجتني قدماي من هذا المكان.
(قروب فسخ وجلخ)
ولأن الحياة على الأسافير ووقع أصابعنا على الأجهزة الإلكترونية صارت هي نبض الواقع وتقلباته طرقنا أبواب الشبكة العنكوتية لنجد أن هناك العديد من القروبات على (موقع الفيس بوك) مختصة بالتجميل.. لكن ما أدهشنا وأثار انتباهنا أن هناك قروب تحت مسمى(فسخ وجلخ) وأعضاؤه حوالي 5383 وتتصدر صفحة البروفايل صورة لإحدى المذيعات المشهورات وهناك 12 قروب تحت نفس المسمى لكن يبدو أن هذا هو القروب الأصلي وحدثت انقسامات داخلية. حاولنا الدخول والاشتراك.. لكن وجدنا باب الاشتراك مغلقاً وقد كتبت المشرفة على القروب: (إن العدد أصبح كبيراً بالإضافة إلى دخول الأولاد وعدم التأكد من إثبات شخصياتهم)، وحكت لنا أحد العضوات أن وجود الأولاد داخل القروب أثار الكثير من المشاكل فقد دخل البعض بدافع الفضول والبعض الآخر بغرض الاستفادة من الوصفات.. الشيء الذي جعل بعض العضوات يضطررن للانفصال وعمل مجموعة مغلقة باسم (فسخ وجلخ للبنات فقط) وهذا عدد عضويته 5108 ) وأيضاً (قروب فسخ وجلخ وريحة) (بدون فسخ وجلخ) (فسخ وبرط) وهناك أيضاً قروب حقن تفتيح الجسم وهذا عدد عضويته (27.275) وأيضاً قروب فرك وعرك4084 فيبلغ عدد أعضائه، أما مجموعة (أميرة بدون فسلخ وجلخ) فهذه حظها قليل من الأعضاء فهن 54 عضو، ومن داخل القروب تحدثت إلينا أحد العضوات قائلة هناك بوست مضمونه “إن كل بت تصور يدها وتقول وصفتا البتستخدما شنو”. وأضافت: لكن القروب ليس محصوراً على كريمات التفتيح فهناك العديد من المواضيع المطروحة في القروب مثل كيفية المحافظة على (سيد الريد) وهو الزوج وقبل فترة نزلت واحدة صورة يدها اتسلخت وهي كانت بتسأل عندي قشرة أطلعا كيف؟ قالوا ليها إنتي اتسلختي ولاقت مالاقت من التعليقات والاستهتار، بعدها تم مباشرة حذف الصورة .. لأنها صعبة ولا تحتمل، دارت مشكلة بين (البنات المفسوخات) و(الخُدر). واحدة بتحكي أنها بتستعمل “اماليكو” وطبيعة عملها في الشمس فاشتكت وهي مفزوعة بأن: جسمي بنقط موية لما شلت المراية لقيت وشي فيه (بعض الفقاقيع) ومياه تحت الجلد وأخرى كتبت قائلة: جسمي كلوا إتملأ (شقريب) وزوجي زهجان مني شديد أعمل شنو؟ والكثير من القصص والحكايات داخل هذه الدنيا.. لكن هذا لا ينفي وجود قروبات تمجد اللون الأسمر لكنها قليلة الزوار والأعضاء.. ومن أوائل القروبات التي ازدهت باللون الأسمر (الأسود يليق بك) و(السمراء)، (سماري سر جمالي)، الشيء الذي جعلنا ندق أجراس الخطر في هذا العالم بأن عدد العضوية هنا ضعيف مقارنة بـ(قروبات التفتيح).
(شوفني بكرة)
ولأن الخيال الشعبي لا يترك شاردة ولا واردة الإ ووجد لها تسمية تلائم سياق الحال فقد طفقت الفتيات يبحثن عن تسميات ذكية لكنها مثيرة للاشمئزاز لتداولها فيما بينهن لكنها تصف بدقة ما يدور داخل أذهانهن وتعبر عن واقع الحال. وفي هذا أجابتنا “ريم عمر” التي أشارت صديقاتها الى أنها ذات ثقافة جيدة بأنواع الكريمات وتسمياتها فقالت: في واحد اسمه (شوفني بكرة)، (بايو21)، (الدعم السريع)Nature Secre،t ، (واتساب)، وتاني في لوشن اسمه(راجل المرة).(الوردة البيضا) (عرسي بكرة) (لمبة)، (نوارة الحلة) (أديك الزيت).
الأولاد هم السبب
وبعد ذلك آثرنا أن نسأل الفتيات اللائي يستخدمن تلك المستحضرات ووجدناهن كثيرات لم نتعثر أو نتوقف كثيراً وبين كل 50 فتاة توجد 48 منهن يستخدمن كريم التفتيح.. فأشارت أغلب الفتيات الى أن السبب الأساسي وراء استخدام الكريمات هو إرضاء الأولاد لأن بياض اللون مطلب أساسي للحب والزواج.” وهم سبب شعورنا بالخطر” ويؤكدن انه حتى التقديم للوظائف والقبول في العمل يتطلب اللون الأبيض.. وسألنا أولاً ” أروى الطيب” – طالبة ” هل أصابك خوف عند بدء استخدامك لكريمات التفتيح، فقالت: ما في خوف.. حتى البنات البمسحوا ديل شغالات على الله، أجبتها وأنا أحتسب أمرنا ونعم بالله، ثم استطردت قائلة: بدأت استخدام خلطات التفتيح منذ حوالي 4 سنوات.. رغم أن لوني بشرتي أسمر.. لكن بمجرد أن تغير لون بشرتي للون الأبيض وجدت إعجاباً من الكل وراهنت عليه وأصبحت لافتة للأنظار أينما حللت.. لكن الأولاد هم السبب “والحاجة دي متوقفة على سوق العرس”، وتضيف:(وبصراحة أنا كان نفسي أشتغل في قناة النيل الأزرق وفعلاً قبلوني.. بس قالوا لي امشي اتدربي على الصوت وتعالي) . أما ” دعاء” فهي من ذوات البشرة شديدة السواد فسألناها هل وجدتِ أي نوع من التمييز السلبي أو الإيجابي؟ ولماذا لم تحاولي تغيير لون بشرتك فأجابتني قائلة: أولاً أنا كسلانة ما بقدر أتمسح كل يوم وزمان لما كنت في المدرسة البنات بقولوا لي اعملي كريمات لما أكلم أمي بتشاكلني لدرجة أنها طلبت من الأستاذة نقلي من الجلوس بجوارهن في الصف، لكن حالياً كثيراً ما يستوقفني البعض في الشارع على سبيل المداعبة “يابت لونك حلو علييك الله ما تغيري لونك ده” ، وأجد الكثير من المعاكسات، واردفت: اما زوجي فقال لي انا لما عرستك عاوزك خدرة وما تفكري تغيري لونك، أما شقيقتها “ولاء” وهي أيضاً شديدة الاسمرار فقالت: ذات يوم داعبتني إحدى السيدات قائلة: يابت لونك سمح .. أوعك تفتحيه فاجبتها:” هو ما سمح لكن ما عندي حل غيرو” أما وداد حسنين فقالت: امي كثيراً ما تقول لي نحن جسمنا لين شبعنا دخان ولخوخة انتو شبعتو شنو، زمان البت تتكحل وتطلع بتكون حلاة الدنيا عليها، أما “سيما ” (موظفة ) فقالت: أولاً أنا بخاف من الكريمات من زمن بعملوها في الوش وما بتخيل انه وشي يكون فاتح وجسمي أخدر، هسي بشوف البنات فاتحين لونهم لمن عروقهن ظاهرة، لما طلعت في العقد.. الناس اتكلموا فيني قالوا ليه ماعملتو ليها كريمات وقبل زواجي كنت خايفة شديد من قصص الكريمات واحدة جسما يشيل موية والالتهابات ما في زول قالي اتدخني غير أمي.. يوم العرس كنت جميلة.. هسي الناس بقولوا لي أرجعي لي كريم العرس وهم ما عارفين اني ما استخدمت كريم.
توقفنا عند “سيما” وصويحباتها وتركنا نبرات اللوم والعتاب مصوبة تجاه الرجل الذي سنستنطقه في الجزء الثاني ونستعرض إفادات المختصين..
الصيحة تحقيق :آيات مبارك
هذا يعبر عن الازمة النفسية التي يعيشها الشعب السوداني انها ازمة هوية
ما في تعليق احسن من كدة (ازمة هوية)