حتى لا نقع في حالة (ماكاو)

عكوفي المرضي أتاح لي مساء أمس (متعة الدهشة) بمشاهدة نشرات الأخبار في بعض فضائياتنا الرسمية.. وأعلم أنك تقول الآن.. ألا يكفي المرض وحده؟.
أخبار من كل ولايات السودان.. القاسم المشترك فيها يقع تحت عنوان (يحتفلون)!.
أقدر جداً تعجل الولاة الجدد إحراز (أقوان) مبكرة تساعدهم في رفع التفاعل الجماهري معهم.. لكن مثل هذه الاحتفاليات مهدرة للمال– مال الشعب- وللوقت – وقت الشعب- وأكثر من ذلك إحباط الناس بأن الإنجازات دخلت مرحلة (منتخب دولة ماكاو).
في التسعينيات.. مباراة كرة قدم بين المنتخب السعودي وفريق دولة جديدة اسمها (ماكاو).. أحرز المنتخب السعودي عشرة أهداف.. وفي إطار كرم الضيافة العربي المعروف.. تغافل لاعبو السعودية عن مهاجم الفريق الآخر.. وتركوه يتقدم نحو المرمى حتى ولجت الكرة مرماهم.. ونقل التلفزيون منظراً تأريخيا المهاجم يخلع فانلته، وهو يجري ومن ورائه بقية اللاعبين الذين يقفزون من فوقه ثم يحتضنونه.. ويرقصون رقصة الفرح.. كل ذلك احتفالاً بالهدف الأول في آخر دقيقة.. مقابل عشرة في مرماهم.
الكاتب الساخر البروفيسور محمد عبد الله الريح كتب مقالاً حينها عنوانه (رفع الغبن عن المنتخب السوداني).. طلب من الحكومة السودانية سرعة استضافة هذا الفريق لرفع الروح المعنوية لمنتخبنا.
سادتي الولاة الجدد.. نقدر جداً رغبتكم في رسم الابتسامة في وجوه ولاياتكم.. لكن نرجوك في المقابل قدروا أننا في حالة (عشرة – صفر).. وأننا في حاجة لكل ثانية، ولكل دقيقة؛ من أجل العمل, ولا وقت للاحتفالات خاصة عندما تكون مرسومة رسماً ومن حر مال فقرنا المدقع.. (بالله انظروا إلى اللافتات البيضاء المكتوبة بألوان وخطوط مزركشة.. هل كتبها المواطنون.. أم كتبتها الحكومة من أموالهم، ثم ألزمتهم برفعها تحية للوالي؟).
ومن باب التذكير.. أذكركم بأن هناك توجيه رئاسي بإلغاء احتفالات (التدشين)، ووضع حجر الأساس، والاكتفاء- فقط- بالافتتاحات.
من المهم أن ينصرف الولاة وحكوماتهم إلى العمل، وأن يوفروا الوقت والمال الذي يهدر في الاحتفالات.. لأن الوضع الذي تكابده بلادنا- حالياً- لا سبيل للخروج منه بغير الإنتاج والانشغال بالأولويات.. لكن مثل هذه الاحتفالات هي لتمجيد ولاة لم يحن وقت تقييم ما قدموا.