تعددت حوادث سقوط المباني .. التقصي مع جهات الاختصاص
تعددت حوادث سقوط المباني في معظم مدن البلاد، وكانت أشهرها حادثة سقوط مبنى جامعة الرباط الوطني، و بالرغم من التجاوزات الكثيرة في المباني إلا أن العقوبات التي تقع على كل متجاوزي القوانين التي تنظم عمل البناء والتشييد تكاد تكون معدومة .. والسؤال الذي يطرح نفسه من المسؤول عن التجاوزات والمخالفات في المباني متعددة الطوابق؟ وماهو دور الجهات المختصة في الرقابة ومتابعة العمل؟
٭ وعلى الرغم من أن هناك تصاديق مباني إلا أن بعض أصحاب المباني يتصرفون بلا مبالاة حول حقيقة الضرر الذي يمكن أن يقع فيما بعد، ولم نسمع عن مبنى تم إيقاف العمل به أو تمت إزالته بسبب مخالفات .
(آخر لحظة) وقفت على بعض مخالفات المباني وقامت بطرحها علي الجهات المعنية للاسهام في منع تكرارها
٭ مخالفات جامعة الرباط
لجنة التحقيق في انهيار مبني جامعة الرباط الوطني في تقريرها الصادر في يونيو 2005م أكدت أن هناك اختلافاً بين ما ورد في رسومات الاستشاري وما تم تنفيذه، مماجعل الواقع أكثر تعقيداً، إذ تقلصت مساحة العمران المستطيلة بنسبة 10% ونقص حديد تسليحها بنسبة 20% وتقلصت مساحة الأعمدة الدائرية بنسبة 50%كما تعدلت كميات الحديد ومواصفاته في أماكن أخرى من المنشأة، كما أن نتائج التحقيق أوردت أن الحديد مقاس 12 ملم المستعمل في التسليح حديد مرن وليس عالي الجهد، كما جاء في المواصفات، وأيضا فإن الأعمدة الخرسانية على مستوى الطابق الأرضي وتحته ضعيفة جداً، ولا تتحمل أكثر من 25%من الجهد المسموح به حول الأعمدة في التصميم، مما يجعل الأعمدة قابلة لاختراق البلاطة الخرسانية، ولا يوجد ربط كاف بين الأعمدة الطرفية والبلاطات الخرسانية، إضافة إلى أن جهد القص (الجهد الذي تتحمله ركيزة الخرسانة) عال حول هذه الأعمدة، مما يجعلها قابلة للانفصال عن المبنى .
وأورد التقريرأن معظم المهندسين العاملين بالموقع حديثي التخرج، وأوصى بفتح دعوى جنائية في مواجهة المقاول والمركز الاستشاري تحت عدد من المواد بالقانون الجنائي، تنظيم البناء، لائحة الإجراءات المالية والمحاسبية، وقانون المجلس الهندسي السوداني
٭ حادثة انهيار أخرى
وحادثه انهيارأخرى بولاية الجزيرة تتمثل في سقوط مبنى معهد السرطان بود مدني.. وتعود تفاصيل الحادثة إلى تصدع الأعمدة الأسمنتية الرئيسية بالجزء الشمالي الغربي بالمبنى الإداري التشخيصي بالمستشفى، المكون من خمسة طوابق.. لوجود آثار مياه تحت المبنى أدت إلى تآكل القوائم الحديدية، ومن ثم انهيار المبنى
٭ الغش والتلاعب
وتكمن معظم مشاكل المباني في الغش والتلاعب في مواد البناء علي راسها السيخ والأسمنت، والتي يشرف عليها المقاول مباشرة، بينما يشرف المهندس المدني على تنفيذ العمل المصمم من قبل المعماري والاستشاري، والمشرف يتحمل مسؤولية أخطاء التنفيذ مع المقاول وفق المادة (15/1) من قانون تنظيم البناء لعام 2008م .. ومن بين المخالفات مايحدث في سقوفات المباني ومايعرف بـ (شد الفرم) .. والغريب في الأمر، أنه لا توجد حتى الآن جهة فنية متخصصة في «شد الفرم « ومن يقومون بصنعها هم «النجارون» .
٭ مشكلات أساسية
وإن مشاكل المباني الأساسية تكمن في التصدعات، والتي قد تكون دائماً بفعل عوامل بيئية أو سوء في التنفيذ والمتابعة، أو استخدام مواد صلاحيتها منتهية خاصة الأسمنت، أو التي تحدث في المبنى عند حوادث الحريق الناتجه عن وجود خلل في توصيلات الكهرباء نتيجة لعدم الكفاءة، ولابد أن تكون هنالك صيانة دورية في المبنى، ويغفل عنها البعض، وفي السودان لا نهتم بها، وهي من أسباب مشاكل المباني الأساسية، وهنالك أيضا خلل في الصرف الصحي نتيجة لعدم الالتزام بضوابط الشبكة التي غالبا ماتكون تم تركيبها بدون مختص.
ويقول المقاول محمد علي الزين إن المخالفات دائماً ماتكون بعلم صاحب المنزل، وأولى هذه المخالفات عدم حصول صاحب المبنى على تصريح مباني، فالبعض يبدأ في مباشرة التنفيذ قبل استشارة الجهات المختصه والحصول على تصديق، ويمضي الزين قائلاً نحن كمقاولين نقوم بتنفيذ الخرطة، ومباشرة العمل على أرض الواقع، ويكون بعد موافقه المهندس المعماري والمدني وتصديق الاستشاري، وعلى ضوئها يتم التسليم من المهندس المساح، وغالباً المخالفات تكون في الارتداد عن الجار، أما مخالفات التصميم فتكون مسؤلية الاستشاري في متابعة العمل .. وفي الارتداد تبدو المخالفات واضحه في معظم مباني الخرطوم.. خاصة الخرطوم (2) مباني لأنها مباني قديمة، وعند زيادة طابق آخر تتم عملية تسوية مع إدارة الشؤون الهندسية .. وأضاف الزين في حديثه لـ «آخر لحظة « المقاول ليس مسؤولاً إذا طلب منه التنفيذ، وصاحب المبنى كان يعلم بالمخالفات، ومخالفات المواصفات والتصميم لا يمكن اكتشافها إلا بواسطة الاستشاري أو بعد وقوع الضرر .
وأكد الزين أنهم في حالة أي إضافة يستعينون بجامعة الخرطوم كلية الهندسة لدراسة احتمال الزيادة في الطوابق أو عدمها
٭ تقاطعات
المهندس المعماري أحمد كمال الدين يقول إن معظم المخالفات تكون عبارة عن تقاطعات في إضافة طوابق أخرى، وفيها يجب مراعاة كل متر ونصف للطابق الواحد من ناحية الجنوب والشمال، والتخلص من الانقاض بعد تنفيذ المشروع بصورة سليمة.
وأضاف أن الأمن والسلامة لها قائمة مواصفات صادرة من قبل إدارة المباني، ولكن معظم الأفراد لا يعملون بها، ويلجأ البعض إلى عملية تسوية المخالفات، وتكون في محكمة مدنية بعد تسلم إخطار من إدارة المباني، ولكن لا تتم عملية وقف التنفيذ، وأنا كمعماري أتابع سيرعمل الخرطه التي رسمتها للتاكد منها، وصحة تنفيذها
وأردف كمال الدين أن معظم (الاستاندرات) تجارية وعشوائية، ولاتراعي عملية السلامة والإشراف ضعيف، والوزارة بمجرد اكتمال خطوات التصديق لا تقوم بعملية متابعه للتنفيذ، مما يساعد على ذلك الأمر.
٭ لايعنينا
«آخرلحظة « طرحت حزمة من الأسئلة المتعلقة بمخالفات المباني على مدير معهد بحوث البناء بجامعة الخرطوم والذي اكتفى في رده بأنه لادور لهم بشان مخالفات المباني، وأنهم جهة استشارية، رغم أن بعض المهندسين أجمعوا على دور المعهد الكبير .
هجرة الكفاءات
وفي ورشة عقدت ببرج الاتصالات بالخرطوم عن (ضوابط مهنة الهندسة) قالت الأمين العام للمجلس الهندسى المهندس نادية محمود الأمين إن السبب الحقيقي لتدهور قدرات المهندسين وضعف التصاميم الهندسية وأنظمة المراقبة والسلامة، يعود إلى هجرة الكفاءات الهندسية إلى خارج البلاد، وأن هناك أكثر من (100) ألف مهندس هاجروا للخارج في السنوات الأخيرة
وفي ديسمبر من العام 2013 أصدر المجلس الهندسي بياناً أقر فيه بأن مئات المباني تصدعت وسقطت خلال الأعوام الأخيرة في مناطق مختلفة بالبلاد، لا سيما في الخرطوم بسبب أخطاء فنية متعددة.. وأوضح أن سبب سقوط وتصدع المباني يعود لأخطاء مهنية وتصميمية وإشرافية وتعاقدية
٭ إزالة مباني
وكشف المهندس حسن عيسي مدير قسم التراخيص بإدارة المباني وزارة التخطيط العمراني والبنى التحتية عن إزالة مباني مخالفه في التشييد وغير مستوفية لشروط الإدارة، وقال لـ «آخر لحظة « إن إدارته تقوم بدراسة أي طلب مقدم على أرض الواقع بابتعاث فريق عمل، ويقدم الطلب بواسطة المهندس المعماري لإدارة المباني السكنيه أو بالمحليات لدِى إدارتهم، وفي حالة أن المبنى تجاري يقدم في الرئاسة، وإذا كان المبنى صناعي يقدم لإدراة الاستثمار الصناعي، ثم تقدر الرسوم للترخيص ويجدد سنوياً.. وكل ذلك بعد تسمية مكتب استشاري أو مهندس مشرف ولابد قبل مباشرة العمل من إخطار الإدارة العامة لمتابعة العمل الدورية،
وأضاف عيسى أن التجديد السنوي للترخيص لايمنح إلا بعد التاكد من شروط سلامة توصيل خطوط كل من الكهرباء والصرف الصحي، وأنه مطابق للخرطه المصدقة، وكل ذلك بعد تسديد الرسوم
٭ واردف لدينا إدارة للضبط يتم إحالة المخالفات إليها وتقوم بالتقييم لمعالجتها إذا كان بالمقدور أو إزالتها، وهناك لائحة تسويات للمخالفات التي لاتؤثر علي المبنى، وتتمثل في الارتداد من الجار الجنوبي والشمالي بمساحة (2.5) متر كحد أدني والشرقي والغربي (1.5) متر، وأخرى إضافة طابق من دون الحصول على تصديق وأوضح عيسى عند سقوط أي مبني يتم تكوين لجنه من ثلاثة مهندسين برئاسة مهندس للتحقيق لمعرفة سبب السقوط، وإذا كان هنالك ضعف في المواد تحول للقانون الجنائي.. ويحاسب المهندس المنفذ وتتم بواسطة مختبر.. ونصح عيسى بضرورة وجود عقود بين الطرفين لحفظ الحق وإلا رتب ذلك على صاحب المنشاة تحمل المسؤلية كامله، ولدينا في السودان عقود معترف بها. وأكد أن عدم المتابعه للمهندسين في مواقع عملهم تعود إلى ضعف امكانيات الإدارة، والتي قال إنها تعاني من ضعف في الموارد، مثل كل المؤسسات الحكوميه، وهذا طبيعي لايعد تقصيراً، وقال لدينا أتيام متابعه من مهندسيين ميدانيين للضبط، ودعا إلى تحسين وضع المهندسين في الخدمه المدنيه لتفادي هجرتهم للخارج، وقال إن المهندس المخالف لا يعتبر احترافياً.
تحقيق : محمد عبدالله
صحيفة آخر لحظة
لو كنت مسؤول لطبقت قانون حمورابي
على كل المفسدين
صحيفه اخر لحظه مفروص تقصي مع جهات الاختصاص في اسباب انهيار بلد باكملها و بعد ذلك لن نسمع بانهيار المباني