ياما في الغُناء (مظاليم) (1-3)
كما السجن، فأن للغناء ايضاً (مظاليم)، وهم اولئك الموهوبين الذين وجدوا انفسهم فجأة في نزاع داخلي (قاتل)، مابين ايمانهم بمواهبهم، ومابين (التجاهل) الكبير الذى وجدوه من الجمهور والاعلام معاً.
عشرات الفنانين في السودان، تعرضوا لظلم بائن، بعضهم فضلّ الانزواء والاختباء، وآخرون قاتلوا من اجل تثبيت قاعدة (الموهبة قبل كل شئ)، لكنهم اصيبوا ايضاً في النهاية بخيبة امل، بعد ان تأكدوا تماماً ان تلك القاعدة غير صحيحة، خصوصاً في مثل هذا الزمان (الردئ الذوق).!
اسماء عديدة لـ(مظاليم) الغناء في السودان ربما لن تتسع المساحة هاهنا لعرضها، لكن بالمقابل يجب ان تتسع صدور الجميع لتقبل هذه السلسلة من المقالات والتى سنطلقها منذ اليوم والايام التالية، وذلك من اجل الكشف عن اكبر مخطط (قذر) لإبادة المواهب الحقيقية في السودان واحتواء المواهب (الفطيرة) التى لم تجلب للفن السوداني الا (الهابط) من الغناء و(المبتذل) من المنتوج الفني.
قبل كل شئ دعونا نؤمن على جزئية مهمة للغاية، وهي ان (مظاليم) الفن السوداني لم يكونوا وليدي هذا العصر، فالحقبة الذهبية للفن السوداني في الستينات والسبعينات وحتى الثمانينات، احتوت على الكثير من (المظاليم)، اولئك الذين كانت (الموهبة) تتدفق من حناجرهم ودواخلهم مثل الشلالات الهادرة، لكنهم لم يجدوا التقييم المناسب ولا (النجومية) التى يستحقونها بسبب المنافسة الشرسة آنذاك بين المواهب، الشئ الذى احال الساحة الفنية في تلك السنوات الى مرجل يغلي بالابداع.
المنافسة الشرسة اعلاه، كانت هي السبب الرئيسي في (ظلم) بعض المواهب في الحقب الذهبية للاغنية السودانية، وتلك (المنافسة)، ربما قللتّ كثيراً من شبهة (الإستهداف) المتعلقة بحيثيات (ظلم الفنان)، فالتنافس امر حميد وليس (خبيثاً) مالم يتم بوسائل غير مشروعة، تماماً كالتى سنحكي عنها في الاجزاء القادمة من هذه السلسلة.
أختتم هذا الجزء الاول من السلسلة بقصة شهيرة للغاية رواها لي احد الفنانين الشباب قبيل سنوات، عندما سألته عن سبب اختفائه من الاعلام وتحديداً القنوات الفضائية، فصمت لدقائق قبل ان يقول لي بلهجة حملت قدراً كبيراً من الحزن: (والله يااستاذ لو حكيت ليك مابتصدق).!..وواصل: (عارف اكتر موقف خلاني اكره الغناء دا شنو).؟..حاولت ان اخمنّ، لكنه كان اسرع في الاجابة قائلاً: (مرة كنت بتجهز عشان ادخل استديو قناة (….) عشان اسجل حلقة، فجأة سمعت مسؤول كبير في القناة بيقول للمنتج بتاع الحلقة: مالقيتو ليكم فنان غير الزول (الشين) دا..؟؟
(نواصل غداً)
يا ابنى نصيحة منى ليك شوف ليك شغلة غير النقد الفنى .. مظاليم الفن ثلاثة .. خليل اسماعيل , أحمد الجابرى والخالدى .. ثلاثتهم انغمسوا فى الفن وهاموا فيه وأبدعوا وحصدوا الحصرم .. الثلاثة سبقوا جيلهم بسنوات .. الحان خليل اسماعيل تقلد فى كل دول العالم .. قبل ايام استمعت الى أغنية لاتنية اقتبست لحن فى مسيرك يا الهبيب سلميلى على الحبيب .. لحن هذه الأغنية مع صوت خليل اشبه بالتكى تاكا التى يقدمها فريق برشلونة .. الجابرى حكاية و مأساة أخرى هو الحزن النبيل الذى قصده مصطفى سيدأحمد .. هو كالغمامة ظللت وأمطرت ورحلت وتركت وراءها نسيما اشبه بالعطر الذى لا تنهى رائحته .. الخالدى حكاية أخرى من الإبداع .. صوت قادم من الخيال عندما تسمعه تسافر معه فى عالم الخيال والمتعة .. من لا يطربه صوت وغناء خليل والجابرى والخالدى عليه ان يعرض نفسه لطبيب نفسى !!!