عبد الباقي الظافر

حذاء مولانا..!!


٭ قبل سنوات وقعنا في مشكلة عصية.. كنت وقتها أشرف على تحرير زاوية شارع الصحافة بالعزيزة التيار.. علمت من مصادري أن أحد قادة الحزب الاتحادي الكبار دخل على مولانا دون أن يخلع النعل كما فعل مرافقوه.. ظننا أن هذا الموقف البطولي يسعد صاحبنا .. المفاجأة أن الرجل احتج على الخبر، وطالب بمعالجة الأمر على وجه السرعة .. منطق صاحب الحذاء أن منافسيه سيستغلون الحادثة للوقيعة بينه ومولانا.
٭ أمس الأول اجتمع مجموعة من قادة الحزب الاتحادي الديمقراطي في منطقة أم دوم.. الاجتماع الحاشد انتهي بإقالة الميرغني من منصبه كرئيس للحزب.. ما عُد انقلاباً عين هيئة قيادة جماعية مكونة من الشيخ أبو سبيب ومولانا تاج السر الميرغني والأستاذ علي محمود حسنين .. عدم القدرة على اختيار قائد واحد للحزب كان من علامات الفشل الأولى .. إقصاء الميرغني بشكل ديمقراطي ليس منطقياً، لأنه لم ينل رئاسة الحزب عبر آليات التنافس الديمقراطية المعروفة .. تحول مولانا من مجرد مرشد إلى رئيس للحزب عقب انتفاضة أبريل متكئاً على رافعة القداسة .. هذا يعني أن استخدام مفردات تغيير حديثة في بناء تقليدي لا تنتج إصلاحا بل مجرد انشقاق محدود الأثر.
٭ الملاحظة الثانية أن تيار أبو سبيب لم يتمكن حتى من توحيد المناوئين للحسن الميرغني في جبهة واحدة.. غاب عن محفل أم دوم الأستاذ طه علي البشير بثقله المالي .. لم يحضر البخاري الجعلي سليل خلاوي الغبش في نهر النيل .. حتى إبراهيم الميرغني الذي يحمل العلامة التجارية الرائجة لم يستجب لدعوة أبي سبيب .. لن نتحدث عن الشيخ أزرق طيبة ولا حاتم السر ولا جلاء الأزهري رغم مواقفهم المناوئة للمشاركة في الحكومة.. هذا يعني أن مجموعة أبو سبيب تعجلت في إعلان انقلابها على مولانا الميرغني .
في تقديري.. أن الخطوة الأولى في إصلاح الحزب الاتحادي الكبير تبدأ بتجريد قيادته من القداسة .. يعود الحزب كما كان تحالفاً لقوى الوسط المتصالحة مع البيوت الصوفية .. في قديم الزمان كانت الختمية واحدة من الطرق الصوفية التي توالي الحزب الاتحادي كالطريقة القادرية والإسماعيلية والاحمدية..انفراد (آل الميرغني) بالقيادة عزز نفوذ الطائفة الختمية.. في السابق كان يحيى الفضلي يهتف في الندوات العامة بالخرطوم بحري (الكهنوت مصيرو الموت).. ولكن ذاك التمرد لا يحرمه من تولي الوزارة.. الصحيح الآن أن طائفة الختمية بدأت تتآكل فيما تنتعش طوائف أخرى جددت من خطابها الديني.
٭ تجريد الحزب الاتحادي من القداسة لا يعني إضافه بل تقويته.. شعارات نظرة يا أبوهاشم يصعب تسويقها للجيل الجديد الذي يعتمد على (الواتساب) في التواصل .. مرونة أطروحات هذا الحزب تمكنه من العودة بقوة للمسرح السياسي.. يمكن لهذا الإصلاح أن يقوده السيد الحسن الميرغني شخصياً إن أراد حزباً أن ينافس في المستقبل بقوة..الاحتفاظ بالعباءة الداكنة وإطلاق لحية صغيرة ستجعل الحسن على هامش المشهد في انتظار ملف سياسي تتصدق به حكومة قاهرة.
٭ بصراحة..حينما يحمل مولانا حذائه بنفسه تكتمل عافية هذا الحزب الكبير.