عثمان ميرغني

لماذا يطعنون في شرفنا؟؟


والله العظيم تلجمني الحيرة أحياناً من بعض مسلكنا المؤسسي.. يعني مثلاً.. وزارة الداخلية تصدر جوازات سفر لتكون الوثيقة الثبوتية التي يستخدمها المواطن السوداني خارج بلاده. فنفاجئ بأن تصدر بعض المؤسسات السودانية بالداخل منشورات تعلن فيها عدم اعترافها بجواز السفر وثيقة لإثبات الشخصية في تعاملاتها.. إذاً كيف نطلب من الدول والمؤسسات الأجنبية أن تعترف بوثيقة نصدرها نحن ولا نعترف بها؟
كيف يسمح بنك في دولة أجنبية لسوداني أن يصرف شيكاً بجواز سفره إذا كانت البنوك السودانية هنا – مثلا- لا تعترف بجواز السفر السوداني لإثبات الهوية..
لكن تأملوا في الأسوأ من ذلك.. من حُر مال فقرنا المدقع نبني جامعات.. وندفع للأساتذة والإدارة وجميع مصروفات التشغيل.. ونقبل فيها الطلاب.. ونمتحنهم عاماً تلو عام ونستخرج لهم نتائج حتى آخر امتحان ونحتفل بتخريجهم في موكب مهيب.. ثم..!! بالله تأملوا..!!
بعد أن ينجح الطلاب ويتخرجوا نطلب منهم الجلوس لامتحان خارج جامعاتهم.. ويتوقف قبول شهاداتهم وعملهم في التخصص الذي اقتطعوا للدراسة من عمرهم عدة سنوات على هذا الامتحان العجيب..
هذا الامتحان عند طلبة القانون يسمونه (المعادلة).. ووزير العدل د. عوض الحسن النور، عبر عن رأيه المعارض لهذا الامتحان، وقال إنه سيعمل على إلغائه.. لكن بكل أسف هناك أكثر من امتحان معادلة.. مثلاً.. طلاب كليات الطب السودان يجلسون لامتحان في المجلس الطبي رغم أنف الخمس أو ست سنوات التي ظلوا يجلسون فيها لامتحانات متصلة في كلياتهم..
ثم طلاب كليات الإعلام – وهذا هو الأنكأ- يطلب منهم الجلوس لامتحان (القيد الصحفي)..
حيث الأمر؛ كذلك لماذا لا يمتحن طلاب الزراعة قبل السماح لهم بالعمل في تخصصهم؟ ولماذا لا يمتحن طلاب الهندسة، والبيطرة، والآداب، والاقتصاد.. الدراسات الإسلامية.
ما معنى وجود جامعات وكليات لتخريج الطلاب طالما أن رخصة العمل في تخصصهم تتحكم فيها جهة لا علاقة لها بالعملية الأكاديمية..
هل هذه الامتحانات.. لعدم اعتراف الدولة بجدارة وأهلية الجامعات والكليات؟؟ هل تشك الدولة في أن هذه الجامعات تتساهل أو تتلاعب بالامتحانات.. فتصبح الذمة (الجامعية) لكل مؤسسات التعليم العالي مشكوك فيها حتى تجيزها (امتحانات إثبات شرف) عليها مؤسسات أخرى..
في تقديري وزير العدل محق تماماً في مطالبته بإلغاء امتحان المعادلة في القانون.. لكن الأجدر مراجعة هذه الامتحانات في كل التخصصات الأخرى.. الطب والصحافة وغيرها.. فلا حاجة لنا إشهار احتقارنا وشكوكنا في مؤسساتنا التعليمية بمثل هذه الامتحانات التي تضيع الوقت والمال والجهد، وقبل السمعة والشرف الأكاديمي..


تعليق واحد

  1. والله العظيم تلجمني الحيرة أحياناً من بعض مسلكنا المؤسسي.. يعني مثلاً.. وزارة الداخلية تصدر جوازات سفر لتكون الوثيقة الثبوتية التي يستخدمها المواطن السوداني خارج بلاده. فنفاجئ بأن تصدر بعض المؤسسات السودانية بالداخل منشورات تعلن فيها عدم اعترافها بجواز السفر وثيقة لإثبات الشخصية في تعاملاتها.. إذاً كيف نطلب من الدول والمؤسسات الأجنبية أن تعترف بوثيقة نصدرها نحن ولا نعترف بها؟
    كيف يسمح بنك في دولة أجنبية لسوداني أن يصرف شيكاً بجواز سفره إذا كانت البنوك السودانية هنا – مثلا- لا تعترف بجواز السفر السوداني لإثبات الهوية..
    لكن تأملوا في الأسوأ من ذلك.. من حُر مال فقرنا المدقع نبني جامعات.. وندفع للأساتذة والإدارة وجميع مصروفات التشغيل.. ونقبل فيها الطلاب.. ونمتحنهم عاماً تلو عام ونستخرج لهم نتائج حتى آخر امتحان ونحتفل بتخريجهم في موكب مهيب.. ثم..!! بالله تأملوا..!!
    بعد أن ينجح الطلاب ويتخرجوا نطلب منهم الجلوس لامتحان خارج جامعاتهم.. ويتوقف قبول شهاداتهم وعملهم في التخصص الذي اقتطعوا للدراسة من عمرهم عدة سنوات على هذا الامتحان العجيب..
    هذا الامتحان عند طلبة القانون يسمونه (المعادلة).. ووزير العدل د. عوض الحسن النور، عبر عن رأيه المعارض لهذا الامتحان، وقال إنه سيعمل على إلغائه.. لكن بكل أسف هناك أكثر من امتحان معادلة.. مثلاً.. طلاب كليات الطب السودان يجلسون لامتحان في المجلس الطبي رغم أنف الخمس أو ست سنوات التي ظلوا يجلسون فيها لامتحانات متصلة في كلياتهم..
    ثم طلاب كليات الإعلام – وهذا هو الأنكأ- يطلب منهم الجلوس لامتحان (القيد الصحفي)..
    حيث الأمر؛ كذلك لماذا لا يمتحن طلاب الزراعة قبل السماح لهم بالعمل في تخصصهم؟ ولماذا لا يمتحن طلاب الهندسة، والبيطرة، والآداب، والاقتصاد.. الدراسات الإسلامية.
    ما معنى وجود جامعات وكليات لتخريج الطلاب طالما أن رخصة العمل في تخصصهم تتحكم فيها جهة لا علاقة لها بالعملية الأكاديمية..
    هل هذه الامتحانات.. لعدم اعتراف الدولة بجدارة وأهلية الجامعات والكليات؟؟ هل تشك الدولة في أن هذه الجامعات تتساهل أو تتلاعب بالامتحانات.. فتصبح الذمة (الجامعية) لكل مؤسسات التعليم العالي مشكوك فيها حتى تجيزها (امتحانات إثبات شرف) عليها مؤسسات أخرى..
    في تقديري وزير العدل محق تماماً في مطالبته بإلغاء امتحان المعادلة في القانون.. لكن الأجدر مراجعة هذه الامتحانات في كل التخصصات الأخرى.. الطب والصحافة وغيرها.. فلا حاجة لنا إشهار احتقارنا وشكوكنا في مؤسساتنا التعليمية بمثل هذه الامتحانات التي تضيع الوقت والمال والجهد، وقبل السمعة والشرف الأكاديمي..