محمد عبد القادر : الحركة الإسلامية.. كلمة السر!!
لم يكن يملك من حطام الدنيا شيئاً، لكن كان لديه إيمان لا يتزعزع بالله،استقامة وتمسك بالمبادئ، انتماء راسخ للحركة الإسلامية، وطباشيرة شكلت جسراً بينه ولقمة العيش النظيفة، ونصَّبته إماماً وقائداً وملهماً لجيوش من الطلاب والمريدين منحهم القدوة فاستحق التقدير والاحترام.
(أبوي) الراحل عباس محمد بابكر طافت بي ذكراه أمس وأنا أتابع فعاليات مؤتمر الحركة الإسلامية التنشيطي من شرفة التأمل لواقع الحال والمآل ، الرجل كان أحد قادتها الأفذاذ ومثّل مركزاً لنشاطها وتمدُّدها فى شرق السودان منذ نهاية أربعينيات القرن الماضي.
كنت أسأل نفسي كثيراً عن سر توهُّج (شيخ عباس) فى سماء أهله ومنطقته وفى كل مكان يعيش فيه ، كلمة السر التى تختبئ خلف هذا الصوت فتمنحه التأثير والقدرة على احتواء أوجاع وتطلعات الآخرين، من أين له هذا التمدد فى ذاكرة الناس مدّاً من الخير والوعي والاستقامة، أي سر يخبئه الرجل فى خطاب يدخل القلوب دون استئذان، ما أعلمه ان لا مال عنده ولا خيل ولا ميراث حكم فى الأولين، لم ترشحه للسياسة بيوتها الكبيرة ولم يدخلها وارثاً،كل هذه الأسئلة كانت تجول فى خاطري والرجل يذكرني عهود الصحابة ويتمادى فى جَعْلي رهيناً لتأمل سيرته وتمدّده فى قلوب الناس.
كلمة السر كانت فى (صدق الرجل) مع نفسه والآخرين واستقامته فى السر والعلن، وإدراكه وهو مكتمل اليقين ان الدنيا (ساعة فاجعلها طاعة) حتى توافرت فيه سمات الصالحين وبات يعبّر عن كلمات إمام على الشيخ (فتى أخْلاقُه مُثُلٌ.. وملءُ ثيابه رجُلٌ.. يعجُّ الحقُّ فى دمه.. ويزحم صدْرُه الأملُ).
وما بين سيرة (شيخ عباس) الذى مثّل واحداً من جيل أنقياء كُثْر يظل الحرص قائماً على ربط أجيال الحركة الاسلامية الجديدة بإرث السابقين،لذا فقد أعجبني المعرض الذى جاء مصاحباً لأعمال المؤتمر التنشيطي للحركة الاسلامية وهو يحمل من التاريخ ما يبرم تواصلاً مع حاضر يحتاج الى كثير من تاريخ الإسلاميين.
جملة من القيم ينبغي ان تُشكّل ناظماً لأداء الحركة الاسلامية فى المرحلة القادمة فهي كيان لا يحتمل الشغب الذى تديره وعاءات السياسة المفتوحة ولا يتعاطي مع الهم العام باعتباره فعلاً يومياً تصرفه الحيل ويحكمه تكنيك (دعوني أعيش) ولكنها ينبغي ان تتأصل ممارستها لتظل واحة للفكر النظيف والأرواح النقية المؤتلفة والمواعين التى تسع هموم الدنيا والآخرة.
تحتاج الحركة الاسلامية الآن الى لحظات صدق مع التجربة وتقييم شفاف للممارسة وإحساس متعاظم بان شعارات (هي لله) ينبغي ان لا تتبدّد فى الهواء الطلق وتتحوّل الى مصالح واجندات ومطامع تثبت كرسي الحكم على حساب الأهداف الموصولة بالله سبحانه وتعالى.
نعم وصلت الحركة الإسلامية الى مرحلة الدعوة ولكن عليها ان تعي انها لن تسوس الناس بالمال والسلطة وصولجانات الحكم، وانما بالقيم والأخلاق وتقديم القدوة الحسنة،لابد من تصحيح لكثير من المسارات على أعتاب المؤتمر التنشيطي وفى مقدمتها المقاربة بين صورتين للأخ المسلم (الآن) و(زمان) واستخلاص العبر وتصميم البرامج المفضية الى جعل الحركة الاسلامية وطناً تأوي اليه أفئدة الناس.
ي اخوي ما تحاول ترسم صوره زاهيه ليك ولي جماعتك الريحه طقت …شوف ليك شغله تانيه