مبارك الفاضل المهدي في إفادات جريئة الإمام الصادق تسبب في عرقلة وحدة ولم شمل حزب الأمة
الإمام الصادق تسبب في عرقلة وحدة ولم شمل حزب الأمة
الدولة عادت إلى العسكر، والإسلاميون خارج اللعبة السياسية
الحوار لن يحل أزمة (الحرب) ما لم يستصحب الحركات المسلحة
هذا (…..) ما دار بيني وبين مندوب السيد الصادق ومطالبنا معروفة
غير مشغول بالسلطة والتفكير الآن أكبر من العودة للحكومة
لست (نادماً) على الاندماج في الحزب
أكد القيادي بحزب الأمة القومي مبارك الفاضل أن حزبه يعيش حال من الضعف، منتقداً سياسات الحزب التي عملت على تسخير كافة مؤسسات وأجهزة الأمة القومي في يد رئيس الحزب بعيدًا عن المساءلة والمحاسبة في الوقت الذي اعتبر فيه أن عهد (الإسلاميين) المدنيين في الدولة قد انتهى واستبدل بالعسكريين. مشيراً إلى أن السياسيين العسكريين أفضل من المدنيين باعتبار أن نزعتهم القومية تحتم عليهم الوقوف على مسافة واحدة من القوى السياسية.
وقطع مبارك بأن الأوضاع السياسية بالبلاد هي التي ترتب عليها ابتعاده عن دائرة الفعل السياسي بالدولة وخروجه من الشراكة مع المؤتمر الوطني في العام 2002م، وأكد مبارك أن الحوار الوطني لن يكون ذا فائدة في إيقاف الحرب ما لم يستصجب كل الحركات المسلحة داعياً لمزيد من الجهود لتعزيز الثقة بين طرفي الحوار مقترحا آلية ضمان خارجية تلزم المؤتمر الوطني بتنفيذ المخرجات لاحقاً سيما وأن المتوقع منها أن تأتي بتوصيات لتعديل الدستور وتعديل هيكل الدولة.
الصيحة أجرت حواراً مطولاً مع مبارك الفاضل ننشر الحلقة الأولى منه في هذه المساحة.
حوار: الهضيبي يس
تصوير/ محمد نور محكر
ـ بدءاً ونحن نقترب من انتهاء الفترة الزمنية للحوار هل ترى أن مخرجاته ستفضي إلى تقارب بين الحكومة والمعارضة؟
أعتقد أن المشكلة في الحوار تكمن في مخاوف كل من الآخر وعدم الثقة بين الأطراف، لذا فإن المؤتمر الوطني والحكومة يحاولان اختصار الحوار في إطار عمل يأتي بمخرجات مضمونة لهم، هذا أمر يؤكده التخوف من حوار يشتمل على ضمانات ووسطاء خارجيين سواء من الاتحاد الافريقي أو من غيره من الضامنين، وبالتالي فالحكومة تحاول السيطرة على الحوار وعلى مخرجاته من أجل التنفيذ فيما بعد وعلى كل ما يترتب على ذلك، وبالتالي فإن الحوار يواجه بمشكلة التخوف بين الأطراف خاصة وأنهم ظلوا في مواجهة لفترة طويلة، لذا فإن زرع الثقة بينهم يتمثل في توفر الوساطة الإفريقية وقبولها كضامن، فالحوار من المتوقع أن تخرج منه تعديلات دستورية وأمور أخرى جيدة ولكن للأسف الحوار لن يستطيع إيقاف الحرب ورفع الحظر الاقتصادي الدولي من قبل الولايات المتحدة الأمريكية خاصة وأنها تضع شروطاً خاصة لرفع الحظر ولكن الحوارلن يستطيع القيام بهذه الأدوار، لكننا نرغب من خلال الحوار في رفع الحظر وإيقاف الحرب.
ـ إذن أنت تتوقع فشل مبادرة الحوار الوطني؟
ليس بمقدور أحد أن يحكم على الحوار الذي يدور الآن بالفشل، ولكن نقول إنه غير قادر على توفير نتائج المتطلبات المرجوة وعند نهاياته، فالصحيح أن الحوار قادر على إنتاج أفكار جديدة حول الأجندة المطروحة ولكن نحن نبحث عن حلول نهائية وهنا يبرز الحديث عن الملتقى التحضيري الذي من المتوقع أن يربط ما بين المطلوبات وقضية التغيير الديمقراطي، ففي الأول الحكومة لم ترفض، ولكن فيما بعد ظهرت بحالة من التردد التي أعزوها للمخاوف فالحكومة تتخوف من قيادتها إلى ملعب المجتمع الدولي وفرض أشياء عليها دون محض إرادتها والطرف الآخر لا يرغب المشاركة في حوار ليس لديه ضمانات في تنفيذ مخرجاته وقتها يكون أعطى الحكومة مكسباً سياسياً دون مقابل، فنحن الأن وسط منزلتين، فالصحيح أن الحوار نشأ في اتجاه إيجابي بأن الحديث الذي يردده الآخرون ولكن تظل المشكلة في النتائج لكن من الصعب اعتباره حواراً نهائياً في ظل غياب الأطراف الحاملة للسلاح وهو يتطلب تسهيل الضمانات والوسيط في لعب الدور في كسر الهوة بين الطرفين.
ـ هل بالإمكان أن تقوم بلعب دور الوسيط بين الحكومة والمعارضة؟
نحن لا نستطيع أن نقوم بالدور المطلوب ولكن نستطيع استخدام العلاقات في تعزيز التفاهم بين الأطراف، وهو دور يمكن أن نلعبه، ولكن ليس بالإمكان أن يحل هذا الأمر محل الدور الإقليمي والدولي ومن المؤكد أننا ندعم أي حل يوفر رؤية للتقارب بين الأطراف سواء بالحديث مع المجموعات الحاملة للسلاح والحركة الشعبية قطاع الشمال والحكومة أيضاً.
ـ الحكومة على علم مسبق بآرائك السياسية ووجهة نظرك في حل الأزمة؟
الآراء السياسية التي نقوم بطرحها ليست في حاجة الى العرض على الحكومة لأنها على علم مسبق بها وذلك منذ العام 2002م عندما قمنا بإبرام اتفاق مع حزب المؤتمر الوطني، وقد كتبت مجلدات وقتها ولم تتغير رؤيتي التي حملتها للتوقيع مع الحكومة في برنامج نداء الوطن وهي نفس القضايا التي تشمل الحريات والدستور وإعادة هيكلة الاقتصاد والعلاقات الخارجية وقضية السلام. فمجمل هذه القضايا قتلت بحثاً من قبل.
ـ إذن ستصطدم رؤاك هذه على ذات الصخرة التي تحطمت عليها من قبل وستفشل كما فشلت سابقاً.. ألا ترى ذلك؟
وفق التطورات السياسية الآن هذه الرؤى باتت ممكنة خاصة في ظل ابتعاد مجموعة كانت محتكرة للسلطة ولم تكن لها الرغبة في تنفيذ هذا الاتفاق، الأمر الذي ترتب عليه إغلاق الباب أمام إنهاء الاحتقان الذي نعيش فيه الآن ومع ظهور مجموعة من المتغيرات من المتوقع أن تفتح الحكومة الباب أمام الفرصة خاصة وأن الإسلاميين الذين كانوا محتكرين السلطة هم ليسوا من ضمن القرار السياسي الذي استبدل الآن وأصبح معظمه في يد العسكريين، فالعسكريون الآن بدأوا في التفكير بأن يقوموا بدور التوافق والبقاء على مسافة واحدة من جميع الأطراف السياسية، وذلك بالطبع أمر يقوم على الطبيعة العسكرية التي تفرض عليهم أن يكونوا على مستوى من الحياد، فالآن انتهت حقبة سيطرة الإسلاميين على القرار بالرغم من وجودهم على مستوى عملية التمكين، ولكن على كل حال انتهى دورهم السياسي في الدولة.
ـ ولكن ألا ترى أن الحديث عن غياب الإسلاميين من الساحة السياسية أمر يكذبه الواقع.. إذ أنهم لا يزالون في كابينة القيادة؟
(ضحك) ثم قال: “التسويهو كريت في القرض تلقاهو في جلدها” – فما حدث الآن درس الأشخاص لكن لا يعتبرون منه ما حدث هنا فقد حدث من قبل في بلدان عديدة منها السودان، مصر، العراق، واليمن، فالسياسيون المدنيون يعتقدون أنهم بالإمكان إحداث انقلاب عسكري وتوظيف الدولة لصالحهم دون الالتفات الى إمكانية استرداد العسكريين للسلطة وفي رأيي فإن انتهاء فترة زمنية لفئة سياسية محددة أمر جيد، ولكن دعنا ننتظر ما سيقوم به العسكريون من إجراءات لإفساح المجال لكثير من القضايا وترتيب أوضاع البلاد خلاف ما كانت عليه في الماضي وإعادة الأوضاع إلى نصابها فالفئة التي احتكرت السلطة من المتوقع أن تعود فئة سياسية دون الاستقواء بالمؤسسة العسكرية وتنافس على السلطة مرة أخرى وهذا يجعلها في مرتبة واحدة مع الآخرين.
ـ في حال تحقيق هذه المتغيرات التي تتحدث عنها هل من المتوقع أن تعود للحكومة مرة أخرى؟
فالقضية الآن بالنسبة لنا ليست السلطة أو العودة للمشاركة في الحكومة أو الحصول على جزء من كيكة السلطة إنما نسعى الى ترسيخ مفهوم ومعنى الحكم فعندما دخلنا الحكومة في العام 2002م دخلنا بناء على اتفاقات وكنا نسعى لإحداث إصلاحيات في النظام، ولكن لم يحدث ذلك واصطدمنا بعدة عوامل جعلتنا نعيد التفكير، وكان الخيار حينها الخروج من الحكومة، لذا فنحن الآن لا نبحث عن سلطة بل نسعى وراء إرساء مبادئ السلام ونظام حكم يكفل التداول السلمي للسلطة وحينها سيكون من حق كل حزب سياسي أن يبحث عن السلطة وأن ينالها وفقاً لقواعده الجماهيرية وفعاليته على أرض الواقع.
ـ هل صحيح أن الحكومة قدمت لك عروضاً للدخول في شراكة سياسية تعيدك للسلطة مجدداً؟
لا، لم تقدم لي الحكومة أي عروض للانضمام أو الالتحاق بها إنما يظل الأمر محصور في عملية التداول ونقاش مع بعض الأشخاص في الحكومة على مستوى المناسبات الاجتماعية بعيداً عن الجهات الرسمية، ما يتم من نقاش لم يتعدَّ إطلاقاً محطة المجاملات ويحدث عن الالتقاء صدفة بأي من قيادات الحكومة.
ـ خلال الأسبوع هذا تم لقاء بينك وبين مسؤولين من الحكومة البريطانية بواسطة سفارة بريطانيا بالخرطوم، ماذا دار في هذه اللقاءات خاصة وأن بريطانيا تقدمت برؤية لضم الحركات المسلحة للحوار؟
نعم بداية الأسبوع التقيت بالمسؤول السياسي بالسفارة البريطانية بعد أن تقدمت السفارة بطلب يفيد برغبته في الالتقاء بشخصي فوافقت، وقد دار النقاش في اللقاء في إطار عن كيفية المضي قدماً في الحوار وحل المشكلات والأزمة السياسية والتعرف على التطورات الداخلية لحزب الأمة القومي، خاصة بعد المبادرة التي طرحتها لجمع فصائل حزب الأمة.
خلال الأسبوع الماضي راج أن الإمام الصادق المهدي بعث بمندوب خاص للجلوس معك، ولكن حزب الأمة نفى ذلك الأمر فما حقيقة هذا الموضوع؟
حقيقة هذا الأمر كالآتى: جاءني الأخ صلاح جلال وهو أحد كوادر حزب الأمة القومي عقب زيارته للسودان ولقائه للإمام الصادق المهدي فجلس معي وأوضح أن السيد الصادق المهدي يقدم إلينا ذات العرض الذي قام بطرحه منذ حوالي أربعة أعوام ماضية باستيعاب قيادات الإصلاح والتجديد في الجهاز الرئاسي ومكتب التنسيق والأمانة العامة كعرض للمكتب السياسي وتم الترشيح له ولكن لسبب غير معلوم تم تجميد الأمر ولم ينفذ. جلال جاء إلى لهذا الغرض ونقل حديث عن أن الصادق المهدي يطرح هذا الأمر برفقة مجموعة آدم وإعادتهم أيضاً والاتفاق على لجنة للمؤتمر العام.
ـ هل وافقت على تجديد الاتفاق القديم والمضي قدماً فيما طرحه الإمام الصادق المهدي؟
قلت له إن العرض لا يتلاءم مع الظروف والمتغيرات الآنية فالأجهزة الحالية التي تدير حزب الأمة القومي انتهت منذ حوالي ثلاثة أعوام وتعاني من ضعف كبير وانقسامات كبيرة نتيجة لصراعات كبيرة فيما بينها، وأداؤها يكاد أن يكون صفراً، وفي هذا الوضع المجيء للتطبيق لحديث قبل أربعة اعوام غير مجدٍ ولذا فلابد من ذهاب هذه الأجهزة وتكوين أجهزة جديدة ترتب للمؤتمر العام لأن محاولة الترقيع في الأجهزة فشلت ومن الصعوبة بمكان أن يحقق الفاعلية المطلوبة للحزب من خلال هذه الأجهزة.
ـ هل تعتقد أن الصادق المهدي قدم هذه العروض لك وللمجموعة الأخرى لإحساسه بأنه في موقع ضعف؟
لا، لا أعتقد ذلك لأن من المؤكد أن أي سياسي لابد وأن يقوم بدور الحوار والمساواة بين الأطراف، ولهذا ليس بالضرورة أن يكون المهدي في موضع ضعف الآن لأن سعيه لوحدة حزب الأمة القومي أمر صائب ومن المؤكد أن وحدة الحزب تقويه وتجعله أكثر فاعلية وإن قدم تنازلات لذلك.
ـ ولكن إرسال الصادق المهدي شخصاً للتفاوض بعد إطلاقك مبادرة توحيد الحزب ربما تعطي إحساسًا بالخوف من المبادرة لدى المهدي؟
بالإمكان أن نقول بأن الخطوة التي قمت بها والإعلان عن المبادرة كانت مثل الجرس الذي عمل على تنبيه الصادق المهدي بوجود أزمة مستفحلة في الحزب وقد طفت الى السطح فترتب لديه الاحساس بانه قد آن الأوان إلى الإحساس بهذه الأزمة، وكثير من الأشخاص عندما تكون هنالك قضايا ساكنة لا يكترثون لها ولكن عندما تطفو القضية إلى السطح حينها تحتاج الى التدارك.
ـ ألم تشعر بإحساس الندم على خطوة دمج حزبك السياسي بحزب الأمة؟
قطعاً لم أشعر بهذا الإحساس لأن الخطوة جاءت نتيجة لنزاعات قاعدية وظروف في الدولة ككل والتي منها فشل الانتخابات العامة وانفصال جنوب السودان وتضييق الحريات وقتها غابت رغبة التنافس في الحزب في ظل وجود المهددات التي تحيط بالبلد، فكان من الطبيعي التكامل وسط الأشخاص وقد استجبت لنداء الواجب لأن أي شيء سالب يظل يسجل ضد الطرف الآخر والرأي العام وقواعد حزب الأمة هي من تحكم وقد نلت أنا ومن معي شهادة البراءة واللوم وقتها يقع على من تقاعس في تنفيذ عدم الانتقال الى الموقع الآخر وينفذ.
ـ من يراقب مبارك الفاضل سياسياً يجد أنه يصمت كثيراً ثم يخرج بتصريحات حامية الوطيس فيعطي الإحساس وكأنه يعيش في معركة متواصلة داخل حزب الأمة القومي ؟
ليست هناك معركة، إنما هناك أزمة فعندما يكون هناك حزب تعرض لعدد من الانقسامات أثرت على فعاليته وأدائه وفشل في عقد مؤتمره العام لفترة تجاوز الأربع سنوات دون إبداء سبب حقيقي فإن ذلك أمر يدعو للقلق، فالطرف الآخر في أزمة وقد أضاع فرصاً كبيرة في توحيد الحزب ولعب دور فعال في الساحة السياسية وهو ما انعكس بصورة سلبية عليها وضعف الحزب تسبب في وجود خلل بالساحة فالأزمة لا تزال متطاولة وأنا أشعر تجاهها بالانزعاج والقلق فالطرف الآخر في وضع لا يحسد عليه حيث كان بمقدوره تجاوز كل ذلك من خلال عقده للمؤتمرات وعدم التسبب في الانشقاقات والخلافات الجديدة ومؤخرًا حدث الخلاف على الأمانة العامة وخروج مجموعة د. إبراهيم الأمين، فالآن داخل حزب الأمة هناك ليست أزمة بل مسؤولية.
الصيحة