محمد عبد القادر : فى حادثة سنار .. حوار (السترة والفضيحة) !!
امس الأول كتبت عن ظاهرة أسميتها (التشفي) فى تداول الجرم الأخلاقي الذى وقع فيه مدير الحج والعمرة بولاية سنار، من المؤكد انه أتى أمراً لايمكن الدفاع عنه، لم أكتب أصلا لأدافع عن الرجل او أجد تبريراً لما اقترفه من إثم عظيم.
كان جل تركيزي على تناول ظاهرة التشفي وما أراه سلوكا يخالف فضيلة الستر التى يدعونا اليها الدين وتميزنا كمجتمع سوداني لا يخلط الأوراق وينأى عن الاحتفاء بالفضائح مثلما حدث فى نشر خبر مسؤول ولاية سنار.
لم أكن أصلا ضد محاكمة الرجل نظير ما اقترف ،ولو نفد الرجل بجلده لكنت أول من طالب بجلده لان فعلته لا يمكن التسامح معها او التغاضي عنها بأي حال من الأحوال.
فكرتي الأساسية لم تكن دفاعاً عن الرجل بقدر ما هي تحذير من التعامل مع مثل هذه القضايا من باب الكيد والتنبيه الى ظهور أمراض جديدة فى المجتمع السوداني تنتشي وتتلذذ بالفضائح ولا تعرف معنـى الستر والرأفة بسيرة الآخرين.
المبادئ لا تتجزأ عندي وانا أكتب عن قضية اجتماعية وليست سياسية موصولة بقيمنا كسودانيين ومسلمين، لو كان الجاني ينتمي لاي تيار سياسي ووقع عليه ما وقع لسجلنا ذات الموقف المرتبط بقناعات ومبادئ لا تتزعزع أيّاً كان الفاعل انتماءه او لونه السياسي المهم انه يشاركنا الانتماء للانسانية ،ولسنا كذلك فى مقام الدعوة الى الستر خوفاً عليه وانما رأفة بأطراف لاذنب لها فى ما اقترف.
لم يسلم صاحب القلم كذلك من محاولات تسييس كتابته واعتبارها منصة مناسبة للانقضاض على الحكومة والحركة الاسلامية وتسجيل أهداف سياسية،غير ان مثل هذه المحاولات لن تثنيني عن الانتباه الى آراء إيجابية لم تخرج عن حيّز الدعوة الى (الستر) وإشاعة مثل هذا الأدب استلهاماً لقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم (من ستر مسلماً ستره الله فى الدنيا والآخرة)، مع التأكيد على ان حد الزنا لم يثبت فى الواقعة المعنية حتى نؤسس عليه قوله تعالى و(ليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين).
على كل أنا ممتن جدا لكل من توقف فى المقال وعلق عليه خاصة فى المواقع الالكترونية، وقد سعدت جدا رغم تعرضي كذلك الى هجوم كاسح ومحاولات اغتيال (سَيَّسَت) ما كتبتُ وصوّرتني وكانني أدافع عن ما اقترفه مدير الحج العمرة على الرغم من ان المقال حمل إدانة مبكرة جدّاً لما جاء به من سلوك وفى اكثر من موضع لكن السياسة أفسدت قدرتنا على التفاهم والحوار حتى فى قضايا نراها مهمة.
لتماسك هذا المجتمع.
قناعتي ان الجريمة الاخلاقية التى يرتكبها الفرد لاينبغي ان تمتد نارها لتأكل عرض الأسرة وسيرة أفرادها بلا رحمة
مؤسف جداً ان تتحوّل الدعوة الى الستر عند البعض الى (برنامج سياسي) مرتبط بالحكومة او المعارضة ، الستر فضيلة وقيمة دينية مطلوبة لتماسك وعافية المجتمع.
هذا يعني أنك – وبرغم من أنك كاتب جيد – لم تستطع أن تعبر عن فكرتك بطريقة صحيحة! لا يمكن أن تأتي هكذا لتزعم أن الناس (كل الناس) كانوا على خطأ حيث فهموا من كلامك ما لم تريد؟؟؟
كيف يتم عقاب الزاني __المحصن_
يقول كاتب المقال (( ،ولسنا كذلك فى مقام الدعوة الى الستر خوفاً عليه وانما رأفة بأطراف لاذنب لها فى ما اقترف.))……… أستاذنا محمد عبد القادر أسمح لي هنا أن أُخالفك فيما ذهبت إليه بالنسبة لموضوع السُترة ، والخوف على أطراف لا ذنب لها فيما أقترف هذا المسؤول ولكن ما باله هو لم يراعي أطرافه التي لا ذنب لها فأتى بفعلته المُسيئة له ولأطرافه؟ ثمّ إذا أتى بتلك الفعلة شخصية عامّة كما يقولون فحريٌ به أن يكون مُستقيماً ويُراعي مكانته الاجتماعية و مكانة أطرافه من حوله. لا أن نُراعيها له نحن وهو في موقع مسؤول ويعمل تحت إمرته موظفين فإذا قلّدوه في فعلته ولِنقل مثلاً في (إختلاس مال عام) فهل نستُر عليهم جميعاً ونترك الحبل على الغارب؟.
ويقول أيضاً (( كان جل تركيزي على تناول ظاهرة التشفي وما أراه سلوكا يخالف فضيلة الستر التى يدعونا اليها الدين وتميزنا كمجتمع سوداني لا يخلط الأوراق وينأى عن الاحتفاء بالفضائح مثلما حدث فى نشر خبر مسؤول ولاية سنار.))……… والله إن الإحتفاء بالفضائح التي تُرتكب من مسؤولين في مواقع مسؤولية كبيرة( مهما كان هذا الموقع) نرى أن الإحتفاء بالفضيحة هنا (واجبٌ) حيثُ رأينا وسمعنا بفقه عُمِل به بعد تغيير المقصود منه والتفوا حوله وأفلتَ بهذا أُناس إستغلوا مركزهم الوظيفي ،فكبف تُنادي بالسُتر عليهم وتُسمّيهِ تخفيفاً لوقع الكلمة( تشفّياً) وهو ليس بتشفي إطلاقاً فكشف جُرم مجرمٌ ما ليس بأكثر من إظهار عِقابه على الملأ ليكون عِبرة لمن يعتبر ويعرف من بيّت نية سيئة أن هناك عقاباً ينتظره ، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلّم أسوة حسنة حينما قال للصحابي الذي توسّط للمرأة التي سرقت: أتشفع لها في حدٍ من حدود الله، وأيمُ الله لو أن فاطمة بنت محمدٍ سرقت لقطع محمدٌ يدها. أو كما قال صلى الله عليه وسلم ، فليس كشف جرائم ( كبار الموظفين) تشفياً فيهم بقدر مُحاولة الحدّ من السلوكيات المغلوطة والخاطئة من بعض من يستغلون وظائفهم. وفي هذا الكفاية والله من وراء القصد والسبيل.