محمود الدنعو

أوباما يعبر نفس النهر مرتين


اطلق الفيلسوف اليوناني هرقليطس في قديم الزمان عبارة صارت مثلاً عندما قال: (لا تستطيع أن تنزل في نفس النهر مرتين) وفسرها الفيلسوف والمؤرخ اليوناني الآخر فلوطرخس بالقول : (لأن مياهاً جديدة تتدفق فيه).
مع بعض التحوير لهذا المثل نستطيع أن القول إنك لا تستطيع أن تقطع نفس النهر المرتين، وهو بالضبط ما حدث مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما عندما قطع نهر (بوتوماك) في العاصمة واشنطون من البيت الأبيض إلى البنتاغون مرتين هذا العام في يوليو الماضي والأسبوع الماضى حتى وهو يصطحب في الزيارتين طاقم مستشاريه للأمن القومي.
ومع أن مياهاً كثيرة وجديدة تدفقت في نهر بوتوماك، ومياهاً أخرى جرت تحت جسور متعددة ومتفرقة حول العالم، إلا أن الرئيس الأمريكي في كلتا الزيارتين يبشرنا بقرب تدمير تنظيم الدولة الإسلامية داعش.
ففي يوليو الماضى ذهب أوباما إلى البنتاغون ليعلن الحرب على التنظيم في العراق وسوريا، وها هو يعود ثانية ليعلن قرب تدمير التنظيم وتجريده من كل دعم يحصل عليه، ووضع حد للدعاية التي ينشرها في العالم، كما قال، في كلمة ألقاها عقب اجتماع عقده في مقر وزارة الدفاع مع كبار القادة العسكريين وفريق أمنه القومي، إن الإستراتيجية المتبعة لمواجهة التنظيم المتشدد تتقدم على عدة مستويات، مشيراً إلى تكثيف الغارات الجوية التي تستهدف مواقعه في العراق وسوريا وإرسال مزيد من القوات الخاصة. وأوضح الرئيس الأمريكي أن التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة نجح في قتل عدد من كبار قادة داعش وسيواصل استهداف قياداته.
ولكن بين زيارة يوليو وديسمبر تدفقت مياه جديدة في نهر بوتاماك، وكذلك تدفقت تهديدات داعش وبات خطره أكبر من بدء الحملات الجوية للتحالف التي تقودها الولايات المتحدة وواصل التنظيم نشاطه ليس فقط في المناطق التي يفرض عليها سيطرته في العراق وسوريا، وإنما ضرب قلب باريس عاصمة النور ووصل التهديد إلى ضفاف نهر بوتاماك، وما حادث سان برناردينو في كاليفورنيا ببعيد عن الأذهان والخطر الذي لا يزال يشكله هذا التهديد، بينما أوباما في نظر الكثير من الأمريكيين الذين استطلعت شبكة (السي إن إن) آراءهم عبر النهر مرتين، وهو في نفس التردد في التعامل مع التنظيم تغير المياه في النهر، ولكن موقف الرئيس من التنظيم ومن الحرب عموماً على الإرهاب لم يتغير بدليل نتائج استطلاع الرأي الذي أجرته شبكة (السي ان ان) ونشرته قبل هجوم كاليفورنيا، وكشف أن (60%) من الأميركيين يعارضون سياسة أوباما لمحاربة الإرهاب مقابل (38%) ممن أبدوا تأييدهم لها.