عبد الباقي الظافر

حزب عثمان ميرغني مرة أخرى..!!


تم نقل الأستاذ عثمان ميرغني وهو بين الحياة والموت لمستشفى الخرطوم عقب حادثة الاعتداء عليه في رمضان قبل الماضي.. في المستشفى دنا منه مسؤول رفيع ونقل له أخباراً سارة تفيد أن «كاميرات» وزارة الداخلية رصدت السيارات المعتدية في رحلة عودتها عبر جسر المك نمر.. مازال الرجل يهمس في أذن الصحفي الجريح حتى ظن الجميع أن المنشيت الأحمر لصحف الغد سيحمل خبر إلقاء القبض على الجناة.. مضى عام وآخر ودخل عام ثالث ومازال البلاغ مقيد ضد مجهول.
أمس الأول أعلن مجلس الأحزاب موافقته لعثمان ميرغني وآخرين بإنشاء حزب باسم دولة القانون.. الفكرة ولدت بين يدي عثمان ميرغني وتولت الزميلة التيار أعباء التبشير بالحزب الجديد.. حينما تحقق الحلم كانت التيار من الغائبين ولم يتمكن عثمان ميرغني من نشر الخبر السعيد.. لم تكن تلك معركة عثمان الأولى في فكرة توطين دولة القانون في السودان.. خاض الرجل معركة طويلة ضد الحكومة استمرت أكثر من عامين وربحها من منصة المحكمة الدستورية التي أصدرت حكماً تاريخياً مكّن التيار من العودة لمعانقة الجماهير.
بحكم علاقتي التي امتدت لسنوات مع الأستاذ عثمان ميرغني ما وجدت رجلاً مثله يصبر على الأذى ويستميت في استخدام الوسائل السلمية.. عموده الراتب لم يجنح نحو المهاترة.. وكان يوصينا بألا ننزلق لمربع المهاترات التي تشغل المرء عن الرؤية الكاملة للمشهد.. بعد الاعتداء اتصل عليه نفر من الأطباء السودانيين في لندن عارضين استضافة الرجل على نفقتهم للعلاج والاستشفاء.. ذات العرض حمله دبلوماسي غربي.. ولكن عثمان اعتذر بلطف وقطع تذاكر من حر ماله للعلاج بمصر القريبة حتى لا يتم تسييس هجرته العلاجية إلى مشافي الغرب.
لم أكن أبداً متحمساً لفكرة إنشاء حزب سياسي يتبنى أطروحات الأستاذ عثمان ميرغني.. كنت أحسب مثل آخرين أن عثمان أكثر تأثيراً من خلال عموده الصحفي.. كما كنت اعتقد أن تجربته الصحفية ستكون مهددة وعرضة للابتزاز إن دخل عثمان ميرغني الملعب السياسي ليلعب محترفاً ضد خصوم لا يحترمون القانون كثيراً.
في تقديري.. أن الوقت مناسب لترشيح عثمان ميرغني لنيل جائزة عالمية في مجال الشجاعة الصحفية.. مواقف عثمان واستماتته في الزود عن آرائه بقوة تجعله مؤهلاً لشرف الفوز.. الجائزة هنا ستكون تكريماً لكل صحفي سوداني شريف ومنافح عن الكلمة الحرة.. عثمان في كل تجربته استعصم بالوطن وأمسك على قلمه بقوة وحدد مساره في الكفاح السلمي.
بصراحة.. عثمان ميرغني يعيد للأذهان العبارة التي تقول إن الصحفي المؤثر يشتري صمته والأقل تأثيراً يشتري مدحه.. لنجعل من صمت عثمان القسري رسالة تقول إن الأرض ستنبت ألف قلم شريف.