محمود الدنعو

من خلال مكالمة هاتفية


نواصل اليوم الحديث عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتن ومحاولة الإجابة على السؤال: بماذا يفكر وماذا يريد؟. ونشير إلى المفارقة التي أوردتها صحيفة (الديلي إكسبريس) البريطانية، وهي أن الساسة في الغرب قبل عام تقريباً وفي مطلع العام 2015م كانوا يعتبرون بوتن عدواً للغرب بل شريراً من أفلام جيمس بوند، ولكن نفس القادة مع نهاية العام اعترفوا بأن بوتن قائد قوي ومكافح رئيسي للإرهاب، وأن روسيا بقيادة بوتين كانت في بداية العام الحالي محاطة بالعلاقات المتوترة مع الغرب، حيث اتهم الغرب الرئيس الروسي بالتدخل في أوكرانيا وبتحطم الطائرة الماليزية وبارتكاب اغتيالات سياسية، ولكن الأمر بحسب الصحيفة البريطانية تغير مع إطلاق العملية الجوية الروسية ضد معاقل تنظيم “داعش” الإرهابي في سوريا، وأن مواجهة الرجل الحديدي لـ”داعش” أثارت إعجاب الكثير من الناس في العالم به، ولكن هل يريد بوتن استمالة الغرب من خلال الحرب على داعش التي يرى الكثيرون في الغرب نفسه ناهيك عن الشرق أنها لا تعدو أكثر من محاولة لمساعدة الحليف الروسي الرئيس السوري بشار الأسد في حربه مع المعارضة السورية وليست حرباً أصيلة ضد داعش في سوريا، الحملة الجوية الروسية الحالية على سوريا من تداعياتها أنها حولت بوتن من عدو للغرب في مطلع العام إلى حليف في الحرب على الإرهاب مع نهاية العام، ولكنها في الوقت نفسه وضعت بوتن في أذهان الكثيرين في الشرق الأوسط كمنافس خطير على لقب الشيطان الأكبر مع الولايات المتحدة، لأنه أغضب الكثير من المسلمين السنة، حيث انضم عدد من الشيشان الروس والداغستانيين إلى تنظيم الدولة الإسلامية داعش نكاية وانتقاماً من تدخلات بوتن في الشرق الأوسط.
كيف يصبح كل هذا في مصلحة روسيا؟ المفارقة أن بوتن يمكنه أن يغير مسار قطار الحطام الروسي من خلال مكالمة هاتفية، كيف؟ مجلة (فورن بولسي) الأمريكية تكفلت بالرد، وقالت أن يتصل بالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ويقول لها لنحل أزمة أوكرانيا، بقبول الوضع في القرم مقابل الغاز الطبيعي، وأن أوكرانيا ليست عضواً في الناتو والسماح لأوركرانيا وروسيا بالتعامل التجاري مع الاتحاد الأوربي، ولكن بعد السماح لأوكرانيا بعضوية الاتحاد (الأورآسيوي) والسماح بحكم ذاتي في دونباس وإعادة بناء شرق اوكرانيا بتمويل مشترك من روسيا والبنك المركزي الأوروبي، ورفع كل العقوبات وإعادة العلاقات إلى مرحلة ما قبل الأزمة الأوكرانية وسحب القوات ووقف دعم المتمردين.
بما أن الولايات المتحدة قد تصاب بالخيبة من هكذا اتفاق، ولكن الأوربيين سوف يسعدون بوضع أزمة أوكرانيا وراء ظهورهم. وفي خاتمة المطاف فإن أوكرانيا أو تحديداً شرق أوكرانيا سيتم دمجه اقتصادياً في روسيا.