عبد الباقي الظافر

الحب بتوقيت أم درمان ..!!


كانت السماء تمطر ثلجاً.. توقف علي البكري في بوابة حانة «وندرفل نايت».. بحذر بالغ حاول أن يستطلع وجوه الثقلاء الذين لم يغادروا رغم أن موعد إغلاق الحانة قد بات وشيكاً.. مظهر الشاب الأنيق لفت نظر ميري جونسون التي كانت تقف بجانب زميلتها التي تولت جرد «الكاشير».. وجود شخص في هذا الوقت المتأخر من الليل مثير للهواجس في بلد يباع فيها الرصاص كما التفاح.. أعادت ميري بصرها ولمحت في القادم تردداً جعلها تمضي إليه بحذر.. كان الضيف مثل الساحر كلما اقتربت منه ازدادت جاذبيته.. حينما دنت منه لتسأله التقت ابتسامة من هنا بأخرى من هنالك.. تحول التوجس إلى ترحاب.. سألت ميري الغريب عن ما يريد.. ببعض الارتباك رد علي البكري «لا شيء».. بدبلوماسية عادت ميري لتسأل الرجل «ربما نسيت محفظتك في البيت ولكن بإمكاني أن أساعدك».. أخرج علي ورقة من فئة الخمسين دولاراً ودسها في يد النادلة ليدلل على ثرائه.. ثم أخبرها أنه يخشى أن ترصده الكاميرا.. قبل أن يتسرب الخوف إلى دواخلها واصل إفادته «أنا نجل زعيم في العالم الثالث».
منذ تلك الليلة الباردة انعقدت صداقة بين الشاب السوداني والحسناء ميري جونسون.. عند نهاية كل دوام كان علي البكري ينتظر فتاته بالقرب من العربة «الكاديلاك» السوداء.. كانت ميري هجيناً يحترم التنوع.. الأم مكسيسكية كاثوليكية والأب مزارع أبيض ومتدين.. قالت لصديقها الجديد.. «كرهت الحياة في ذاك البيت الذي يعج بالخلاف.. التحقت بالدراسة في جامعة واشنطن بعد أن أخذت قرضاً من الحكومة الفدرالية.. أعمل كل يوم أربع ساعات واحتمل هؤلاء السكارى حتى احتفظ باستقلالي عن أسرتي المتصدعة».. الصداقة تحولت إلى علاقة حميمة تحتمل تبادل الزيارات وإرسال الهدايا في المناسبات السعيدة.
كان علي البكري لا يتحدث عن نفسه كثيراً.. قدم نفسه باعتباره سليل أسرة سودانية عريقة جاء إلى أمريكا لنيل درجة الماجستير.. كان يخاف أن يقع في حب الفتاة الجميلة.. إن حدث ذلك ستنهار الخطة التي رسمها والده ليصبح الابن زعيماً على شعبه.. بعد أن ارتشف شيئاً قال لفتاته سأعود بعد عام لبلدي لأتزوج ابنة زعيم كان منافساً لأبي.. اعتبرت ميري الاعتراف إهانة شخصية لمشاعرها.. نهضت بسرعة من مكانها تبحث عن أبواب الخروج من الشقة الأنيقة.. حاول علي أن يلحق بها ولكنه تعثر ووقع على الأرضيّة الخشبية وفي يده كأس زجاجي.. عادت ميري منزعجة فرأت صديقها ينزف دماً.. ظنته في البداية قد شرع في الانتحار تحت تأثير الكحول.. اتصلت على عربة الإسعاف ثم دنت منه.. في هذه اللحظة اعترف الغريب لصديقته إنه يحبها ولكن يخاف عليها من طموحاته السياسية.
مع كل صباح كان الحب يزداد بين البكري وجونسون.. كان لابد من تتويج العلاقة بزواج.. في نهاية الفصل الدراسي سافر العشيقان إلى ولاية تكساس بهدف إشهار ارتباطهما.. لم ترحب الأسرة الأمريكية بضيفها الجديد ولكن تركت الكلمة الفاصلة لابنتها.. بدأت ميري تتأهب إلى حياة جديدة بعد أن أخبرها علي أنهما سيقضيان بقية عمرهما في مدينة أم درمان.. نشطت ميري في التعرف على الشرق والاقتراب من الإسلام.. اختارت موضوع «الإسلام فوبيا» ليكون بحثها التكميلي في كلية العلوم السياسية.
قبل أن ينجز علي البكري رسالة الماجستير وصله خبر وفاة والده.. رتبت ميري حقيبة السفر وصحبت خطيبها إلى المطار.. ما بين الدموع والأمل كان العشيقان يرسمان الخطوات القادمة.. سأعود بعد شهرين لإكمال مهمتي الأكاديمية.. بعدها سنسافر معاً لأم درمان لإكمال مراسم الزواج على الطريقة الإسلامية.. هكذا كان علي يضع اللمسات النهائية.. كانت ميري التي تعمقت في دراسة الإسلام تخبئ مفاجأة سارة لحبيبها ادخرتها لحين عودته.. ستعلن إسلامها وتضع غطاء الرأس التقليدي قبل أن تسافر مع حبيبها الى ارض الميعاد.
مر شهر وآخر.. كلما اتصلت ميري على حبيبها يخبرها أنه مشغول.. أحياناً لا يرد أبداً.. الحب يجعل العشيق أسيراً.. كانت تصدق كل ما يقول.. تنتظره في ذات الشقة بكثير من اللهفة.. ذات يوم فتحت المحطة السودانية التي كان يشاهدها الحبيب الغائب.. بعد قليل ظهر علي البكري في جلباب صوفي يحيط به نفر من الأتباع.. سارعت وأغلقت التلفاز ثم هربت إلى غرفة الذكريات لتكمل البكاء.. وقتها تأكدت أن السياسة هزمت الحب.كانت السماء تمطر ثلجاً.. توقف علي البكري في بوابة حانة «وندرفل نايت».. بحذر بالغ حاول أن يستطلع وجوه الثقلاء الذين لم يغادروا رغم أن موعد إغلاق الحانة قد بات وشيكاً.. مظهر الشاب الأنيق لفت نظر ميري جونسون التي كانت تقف بجانب زميلتها التي تولت جرد «الكاشير».. وجود شخص في هذا الوقت المتأخر من الليل مثير للهواجس في بلد يباع فيها الرصاص كما التفاح.. أعادت ميري بصرها ولمحت في القادم تردداً جعلها تمضي إليه بحذر.. كان الضيف مثل الساحر كلما اقتربت منه ازدادت جاذبيته.. حينما دنت منه لتسأله التقت ابتسامة من هنا بأخرى من هنالك.. تحول التوجس إلى ترحاب.. سألت ميري الغريب عن ما يريد.. ببعض الارتباك رد علي البكري «لا شيء».. بدبلوماسية عادت ميري لتسأل الرجل «ربما نسيت محفظتك في البيت ولكن بإمكاني أن أساعدك».. أخرج علي ورقة من فئة الخمسين دولاراً ودسها في يد النادلة ليدلل على ثرائه.. ثم أخبرها أنه يخشى أن ترصده الكاميرا.. قبل أن يتسرب الخوف إلى دواخلها واصل إفادته «أنا نجل زعيم في العالم الثالث».
منذ تلك الليلة الباردة انعقدت صداقة بين الشاب السوداني والحسناء ميري جونسون.. عند نهاية كل دوام كان علي البكري ينتظر فتاته بالقرب من العربة «الكاديلاك» السوداء.. كانت ميري هجيناً يحترم التنوع.. الأم مكسيسكية كاثوليكية والأب مزارع أبيض ومتدين.. قالت لصديقها الجديد.. «كرهت الحياة في ذاك البيت الذي يعج بالخلاف.. التحقت بالدراسة في جامعة واشنطن بعد أن أخذت قرضاً من الحكومة الفدرالية.. أعمل كل يوم أربع ساعات واحتمل هؤلاء السكارى حتى احتفظ باستقلالي عن أسرتي المتصدعة».. الصداقة تحولت إلى علاقة حميمة تحتمل تبادل الزيارات وإرسال الهدايا في المناسبات السعيدة.
كان علي البكري لا يتحدث عن نفسه كثيراً.. قدم نفسه باعتباره سليل أسرة سودانية عريقة جاء إلى أمريكا لنيل درجة الماجستير.. كان يخاف أن يقع في حب الفتاة الجميلة.. إن حدث ذلك ستنهار الخطة التي رسمها والده ليصبح الابن زعيماً على شعبه.. بعد أن ارتشف شيئاً قال لفتاته سأعود بعد عام لبلدي لأتزوج ابنة زعيم كان منافساً لأبي.. اعتبرت ميري الاعتراف إهانة شخصية لمشاعرها.. نهضت بسرعة من مكانها تبحث عن أبواب الخروج من الشقة الأنيقة.. حاول علي أن يلحق بها ولكنه تعثر ووقع على الأرضيّة الخشبية وفي يده كأس زجاجي.. عادت ميري منزعجة فرأت صديقها ينزف دماً.. ظنته في البداية قد شرع في الانتحار تحت تأثير الكحول.. اتصلت على عربة الإسعاف ثم دنت منه.. في هذه اللحظة اعترف الغريب لصديقته إنه يحبها ولكن يخاف عليها من طموحاته السياسية.
مع كل صباح كان الحب يزداد بين البكري وجونسون.. كان لابد من تتويج العلاقة بزواج.. في نهاية الفصل الدراسي سافر العشيقان إلى ولاية تكساس بهدف إشهار ارتباطهما.. لم ترحب الأسرة الأمريكية بضيفها الجديد ولكن تركت الكلمة الفاصلة لابنتها.. بدأت ميري تتأهب إلى حياة جديدة بعد أن أخبرها علي أنهما سيقضيان بقية عمرهما في مدينة أم درمان.. نشطت ميري في التعرف على الشرق والاقتراب من الإسلام.. اختارت موضوع «الإسلام فوبيا» ليكون بحثها التكميلي في كلية العلوم السياسية.
قبل أن ينجز علي البكري رسالة الماجستير وصله خبر وفاة والده.. رتبت ميري حقيبة السفر وصحبت خطيبها إلى المطار.. ما بين الدموع والأمل كان العشيقان يرسمان الخطوات القادمة.. سأعود بعد شهرين لإكمال مهمتي الأكاديمية.. بعدها سنسافر معاً لأم درمان لإكمال مراسم الزواج على الطريقة الإسلامية.. هكذا كان علي يضع اللمسات النهائية.. كانت ميري التي تعمقت في دراسة الإسلام تخبئ مفاجأة سارة لحبيبها ادخرتها لحين عودته.. ستعلن إسلامها وتضع غطاء الرأس التقليدي قبل أن تسافر مع حبيبها الى ارض الميعاد.
مر شهر وآخر.. كلما اتصلت ميري على حبيبها يخبرها أنه مشغول.. أحياناً لا يرد أبداً.. الحب يجعل العشيق أسيراً.. كانت تصدق كل ما يقول.. تنتظره في ذات الشقة بكثير من اللهفة.. ذات يوم فتحت المحطة السودانية التي كان يشاهدها الحبيب الغائب.. بعد قليل ظهر علي البكري في جلباب صوفي يحيط به نفر من الأتباع.. سارعت وأغلقت التلفاز ثم هربت إلى غرفة الذكريات لتكمل البكاء.. وقتها تأكدت أن السياسة هزمت الحب.