فهمي هويدي : أتكون من علامات الساعة؟
إسرائيل قلقة من تأييد وزراء الاتحاد الأوروبي تمييز منتجات المستوطنات في الأسواق الأوروبية، باعتبارها قادمة من أراض محتلة غير معترف بشرعيتها، الأمر الذي يعرضها للمقاطعة من جانب المستهلكين. ذلك أن قرارات المنظمة الدولية تعترف بإسرائيل في حدودها حتى عام ١٩٦٧، وتعتبر ما عدا ذلك أرضا محتلة يبطل القانون الدولي أي تغييرات تجريها الدولة المحتلة عليها. انزعجت إسرائيل من هذا الموقف. وقرر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مقاطعة الاتحاد الأوروبي ووصف موقفه بأنه «غير أخلاقي». كما استدعت ممثل الاتحاد الأوروبي لديها وأبلغته باحتجاجها، وأوفدت ممثليها إلى العواصم الأوروبية لإثنائها عن تأييد القرار. كان أحدثهم رئيس الكنيست بولي أدلشتاين الذي عقد اجتماعا لهذا الغرض في برلين مع رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتس، وقال إن بلاده ستصمد في وجه القرار، وقد نلجأ إلى القضاء لإبطاله. وأضاف أن مقاطعة المنتجات الإسرائيلية ستؤدي إلى قطع مصدر رزق عمال فلسطينيين، كما أنه سيقضي على بذور السلام في مناطق التشغيل المشتركة.
في الوقت الذي تشتبك فيه إسرائيل مع الاتحاد الأوروبي، نجدها تخوض اشتباكا آخر مع وزيرة خارجية السويد مارغو وولستروم التي دعت إلى إجراء تحقيق دولي دقيق وموثوق في ظروف مقتل الفلسطينيين الذين تقوم الشرطة الإسرائيلية بإعدامهم دون محاكمة، وأخيرا قتل ١٥٥ فلسطينيا برصاص الإسرائيليين الذين ادعوا أن معظمهم نفذوا هجمات. فيما قال الفلسطينيون إن الكثيرين منهم قتل لمجرد الاشتباه فيهم. وإزاء ذلك دعت الوزيرة السويدية إلى التحقيق النزيه في الموضوع لتحديد مسؤولية القتلة.
نتنياهو الذي قرر مقاطعة الوفود السويدية علق على تصريحات السيدة وولستروم التي صدرت يوم ١٥ يناير الحالي بقوله إنها «تدعو للغضب كما أنها لا أخلاقية وغبية». في الوقت ذاته أعلن نائب وزير الخارجية الإسرائيلي أن بلاده ستستمر في حظر زيارة وزيرة الخارجية السويدية لها. ومعروف أن علاقة البلدين توترت منذ اعتراف السويد بالدولة الفلسطينية عام ٢٠١٤، كما أن وزيرة الخارجية ذاتها أغضبت إسرائيل حين صرحت بعد الهجمات التي تعرضت لها باريس في شهر نوفمبر الماضي بأن اليأس المستشري في أوساط الفلسطينيين هو أحد عوامل انتشار التطرف الإسلامي في أوروبا.
ثمة أزمة دبلوماسية حادة أيضا بين إسرائيل والبرازيل، بسبب رفض الأخيرة قبول تعيين القيادي في حركة الاستيطان داني ديان سفيرا لتل أبيب لديها. وقال نتنياهو الذي يشغل منصب وزير الخارجية إنه متمسك بترشيح الرجل الذي تم منذ شهرين، لكنه رفض أن يعلق على موقف الحكومة البرازيلية. إلا أن صحيفة معاريف نقلت عن نائبة وزير الخارجية أن الوزارة لن تقبل بالموقف البرازيلي. لأن تسجيل الموقف المتمثل في منع قبول دبلوماسيين إسرائيليين على خلفية مواقفهم الأيديولوجية يعد خطا أحمر ترفض تل أبيب التنازل عنه. وليس معروفا مصير المواجهة لكن الخيار المرشح حتى الآن ـ الذي تحدث عنه نتنياهو ـ يتمثل في اتجاه إسرائيل إلى خفض مستوى التمثيل الدبلوماسي مع البرازيل التي يعيش فيها نحو ١١٠ آلاف يهودي، في حين أن في إسرائيل ٢٠٠ ألف آخرين من أصول برازيلية. ومعروف أن البرازيل سحبت سفيرها من تل أبيب عقب العدوان الإسرائيلي على غزة عام ٢٠١٤، وأن الرئيسة البرازيلية آنذاك ديلما روسيف وصفت العملية الإسرائيلية بأنها مجزرة. وانتقدت الخارجية الإسرائيلية الموقف البرازيلي. حيث أعرب المتحدث باسمها عن أسفه من وصف العدوان بأنه مجزرة، قائلا إن العملاق الاقتصادي أصبح قزما سياسيا.
على صعيد آخر فإن حملة المقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل في العالم الغربي حققت نجاحات كبيرة في الأوساط الجامعية بوجه أخص. وهو ما أزعج الدولة العبرية ودفعها إلى تنظيم مؤتمر عالمي في تل أبيب خلال شهر مارس المقبل لبحث كيفية التعامل مع تلك الظاهرة المتزايدة.
ثمة أخبار أخرى عن مقاطعة الكنيسة الميثودية الأمريكية لبنوك إسرائيل. وعن أزمة للسفارة الإسرائيلية في باريس مع صحيفة ليبراسيون الفرنسية بسبب صورة مرسومة عرضتها الصحيفة للمناضل الفلسطيني مروان البرغوثي الذي اعتبرته إرهابيا. وأزمة مع أوكرانيا التي هددت بمعاقبة الإسرائيليين الذين يتعاملون مع الاحتلال الروسي للقرم.
الملاحظة التي يخرج بها المرء من استعراض تلك الأخبار لا تخلو من مفارقة. ذلك أن الأزمات التي باتت تواجهها إسرائيل أصبحت مع بعض دول أوروبا وأمريكا اللاتينية. أما علاقاتها مع العالم العربي الخصم التاريخي والاستراتيجي فتتجه إلى التحسن باطراد. إذ علاوة على التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية ومع بعض الدول العربية المهمة، فإن إسرائيل أضافت إلى اختراقاتها لمنطقة الخليج ممثلية تم إنشاؤها أخيرا. وفي الأسبوع الماضي أبدى وزير خارجية السودان استعدادا للتطبيع مع إسرائيل، بعدما استقبل الرئيس عمر البشير رئيسة جمعية الصداقة مع إسرائيل التي زارت إسرائيل واعتبرت آنذاك «خائنة» ومن دعاة التطبيع مع الدولة العبرية. كما أن السياحة الإسرائيلية ــ والتجارة أيضا ــ أصبحت أكثر نشاطا في الغرب العربي ــ إزاء كل ذلك، وبعدما انقلبت الصورة رأسا على عقب، هل يحق لنا أن نضيف المشهد المعاكس للمنطق والنواميس إلى قائمة علامات الساعة الصغرى؟!
من بئك لباب السماء !!
ويكون أمر الله قد آن أوان تحقيقه في عالمنا العربي بعد أن تولى قادتنا صوب إسرائيل ، وينفذ قوله تعالى ” وإن تتولوا يستبدل قوما
غيركم ، ثم لا يكونوا أمثالكم ”
فما أحسبنا وممن نعيش معهم بهم ماوصفه الحبيب المصطفى ” صلى الله عليهم ” من مؤهلات لقتال اليهود