تحقيقات وتقارير

(بوتيكات) و(طبالي) البيع تحت وطأة الضوضاء


الترويج هو الوسيلة الناجحة لطريق التجارة الرابحة، لكنه يقل في المنتجات التي تعتمد أولاً وأخيراً على الذوق والمظهر وما يفعله الباعة وأصحاب (محلات الملابس الرجالية) في الطريق إلى موقف (مواصلات إستاد الخرطوم) يعد مجرد ضوضاء وإزعاجاً للمواطنين والتي تعد ظاهرة إعلانية دخيلة على عقلية التجار.. خصوصاً أنهم يعتمدون في ذلك على سماعة الـ(ساوند سيستم) والتي تستخدم في (حفلات المناسبات) ولا يقتصر الأمر على ذلك بل هم يخرجون من المحل ويعيشون في نوبة هياج ورقص في الشارع طرباً وانتشاء بتلك النغمات المتداخلة مع بعضها البعض، والمار بالطريق مهما بلغ من قوة وتركيز ومهارة في علم الأصوات والموسيقى لا يستطيع أن يدرك على أي لحن يرقص هذا البائع.. والمتأمل للأمر يدرك تماماً أن هناك ثمة مكائد تدار في العلن على حساب الزبائن الذين قد يفرون فرار الصحيح من الأجرب، وهذا ما جعل جميع المارة في حالة استياء بوضع أصابعهم على أذانهم حذر الصداع لأن المنافسة تكمن في من هو الأعلى صوتاً، وإن كان البعض لا يرمي باللوم على أصحاب المحلات، ولكن على محلية الخرطوم التي ظن البعض بأنها تستمتع بتلك الأصوات. (المجهر) استطلعت عدداً من المواطنين وجاءت إفادتهم على النحو التالي.
بين مؤيد ورافض
في البداية تحدث إلينا المواطن “الفاتح فضل” قائلاً: إن كانت لي رغبة في الشراء فلا أستطيع أخذ شيء أي من تلك المحلات لأنني لا أقوى حتى على اختيار ما يناسبني تحت هذه الضوضاء. أما الطالب “مصطفى حسن” أشار إلى أن الأصوات عالية ولو كانت في مستوى أقل بالطبع ستؤدي دورها بل ستكون جاذبة. فيما أشارت “عبير خليفة” طالبة أيضاً بجامعة السودان إلى أن اليوم الدراسي مرهق وضوضاء أصحاب المحلات (يزيد الطين بلة) على حد تعبيرها.
إلى ذلك قال “عبد القادر الطيب” – صاحب أمجاد إنه اعتاد أن يقف في مدخل (مبنى التأمينات) لكي يسترزق، وأضاف رغم وقوفي في بداية الطريق إلا أن أصوات الضوضاء تمنعني من البقاء هنا، لذلك أناشد المحلية باتخاذ قرار يقضي بمنع تلك السماعات التي تسبب الضرر أكثر من النفع الذي يجنيه هؤلاء أصحاب المحلات. فيما عبرت “رشا الدويحي” عن تعجبها من الذين يحملون مايكروفون ليقفون به في وسط الطريق.
رأي الطب
وقد أثبت الطب أن الضوضاء يؤدي إلى إيجاد ثقوب في طبلة الأذن نتيجة للضغط الكبير الذي تولّد خارج الإذن، وأحياناً يتأثر جهاز التوازن الموجود فـي الأذن الداخلية، فيشعر الفرد بالدّوار والقيء، وأحياناً يمـوت الإنسان بسبب صوت مفاجئ من انفجار قنبلة أو صاعقة أو صوت مدفع أو صراخ أو ما أشبه ذلك.
والأصـوات المرتفعة لها تأثير ضار على الغدد الصمّاء وعلى الدورة الدموية، حيث تجعـل الشعيرات الدمويـة تتقلّص، كما أنها تُحدث ذبذبات في الجلد، وربما أحدثت تغييرات فـي نشاط الأنسجة، كما تزيد من معدل الضغط الدموي عن طريق إثارة مركز انقباض الأوعية الدموية في المخ.
أما “أحمد حسنين” المتخصص في (فنون الإعلان) فقد تحدث قائلاً: إن هذا النوع من الدعاية يعتبر أحد أركان الإعلام الشعبي والذي يأتي بجمل ارتجالية تعبر عن المتلقي العادي وتستطيع مخاطبته بطريقة السهل الممتنع بأدوات لغوية بسيطة مستوحاة من بيئته وتصطحبها بعض العروض الجاذبة التي تجعل كل صاحب أمر يترك أمره لينتبه للمنتجات المعروضة، وهذا النوع من الإعلان في أغلب دول العالم خصوصاً في مصر وبعض الدول الأفريقية.. وحتى في أوروبا يبحث البائعون بشتى الوسائل للإعلان بطريقة ملفتة للأنظار، وختم أستاذ “أحمد” حديثه بأن الضوضاء هنا تشكل بالطبع حاجزاً في الوسيلة الإعلامية بين المرسل والمستقبل رغم الطريقة الذكية التي يتبعونها والأغنيات والكلمات التي تستخدم فيها كل القوالب الشعرية.

المجهر السياسي


تعليق واحد