استراتيجية جديدة
بعد عقود من التباعد بينهما بدأت الصين التقارب مع الشرق الأوسط، حيث يشتعل الصراع الطائفي والاحتياطي النفطي الحيوي من خلال استراتيجية جديدة دشنتها مؤخرا
في بداية العام 2016، قام الرئيس الصيني شي جين بينغ بجولة في الشرق الأوسط تزامنت مع توتر العلاقات السعودية- الإيرانية بسبب إعدام نمر النمر الذي أدى إلى توتر العلاقات بين إيران والدول السنية. زيارة الرئيس الصيني شملت مصر والسعودية والإمارات وجميعها دول ذات أغلبية سنية. لكن تأجيل الزيارة للمرة الثانية في أقل من عام قد يضع أسئلة أخرى.. فالرئيس الصيني كان قد أجل زيارة في ربيع العام 2015، بعد بداية الحملة العسكرية التي قام بها التحالف بقيادة السعودية ضد الحوثيين في اليمن وهي مجموعة تدعمها إيران.. الرئيس الصيني شي جين بينغ منذ تولي رئاسة الصين قام بجولات لكل أقاليم العالم باستثناء الشرق الأوسط فمنذ العام 2013 قام بعشرين جولة خارجية استغرقت في المجمل 139 يوما وقطعت مسافة 400 ألف كلم لتغطي أنحاء العالم.. وعليه فإن أي تأجيل آخر لن يكون في صالح السياسة الخارجية الصينية، وجاء قرار الرئيس الصيني زيارة الشرق الأوسط حاليا وحالة التوتر الراهنة في المنطقة تبدو مناسبة جديدة لطرح الاستراتيجية الجديدة للشرق الأوسط.. وهذه استراتيجية قائمة على ضرورة الانخراط بعمق في أزمات الشرق الأوسط بدلا من الابتعاد عنها، وذلك في إطار مفهوم الدبلوماسية الشاملة ذات الخصائص الصينية التي تتسم بالتوازن والشمولية.
كان الشرق الأوسط وسيظل منطقة ذات أهمية بالغة وبقعة لاختبار مدى نجاح الدبلوماسية الخارجية بالنسبة لدول العالم، وقد ارتقت الصين خلال هذه الجولة بمستوى العلاقات الدبلوماسية مع السعودية وإيران إلى شراكة استراتيجية شاملة، وأضافت قيمة جديدة لشراكتها الاستراتيجية الشاملة مع مصر.. وبزيارة الرئيس شي لإيران، تصبح الصين أول دولة في العالم تقوم بزيارة رفيعة كهذه إلى إيران بعد تنفيذ اتفاق رفع العقوبات المفروضة على طهران ونشوب خلاف بين السعودية وإيران، ما أظهر عزم بكين على بذل جهودها الواجبة والاضطلاع بدور (الحكم الصيني) من أجل دفع إحلال السلام والاستقرار في المنطقة عبر الحوار والمفاوضات.
وفي خطابه أمام جامعة الدول العربية، أكد شي أن المفتاح لتسوية الخلافات يكمن في تعزيز الحوار، مضيفا أن السبيل إلى حل المعضلة في الشرق الأوسط يكمن في تسريع عجلة التنمية وأن جميع الأسباب التي أدت إلى الاضطرابات والتوترات الحالية في الشرق الأوسط ترتبط في الأساس بالتنمية. هذا النشاط الدبلوماسي المحموم للصين يثير الكثير من الأسئلة حول توجه الصين لتفادي التدخل المباشر، ولكن البعض يرون أن الهدف من هذه الاستراتيجية الجديدة تدخل سياسي تكتيكي من أجل تأمين فرص استثمارية للصين.