عبد الباقي الظافر

ومن دخل دار أوباما..!


في الأسبوع المنصرم زار الرئيس أوباما مسجد الجمعية الإسلامية في ولاية بلتمور.. المسجد قصة تجسد التسامح الديني في أمريكا .. مجموعة من المسلمين كانت تلتقي في عطلة نهاية الأسبوع في منزل متواضع.. لكن بعد سنوات بات ذاك المبنى المتواضع مكاناً يحج إليه السياسيون ليخطبوا ود اللوبي الإسلامي.. في هذا المسجد وقف الرئيس أوباما لمدة أربعين دقيقة ليذكر الأمريكيين أن الإسلام جزء من حضارتهم.. وأن كثير من القيم الديمقراطية مذكورة في القرآن الكريم .. ولم يجد الرئيس أ وباما إلا أن يستشهد بعدد من الآيات القرانية وبعض الأحاديث الشريفة.
٭ الزيارة التي تعتبر الأولى للرئيس أوباما تحمل عدداً من الرسائل.. في الآونة الاخيرة أصبح الإسلام حاضراً في المشهد الانتخابي الأمريكي .. بعض السياسيين يحاولون تخويف الشعب الأمريكي من المسلمين عبر إعادة تسويق المفاهيم المتطرفة التي تتبناها بعض الجماعات المتشددة.. دونالد ترامب المرشح الجمهوري المحتمل كان أول من استخدم خطاب الكراهية ضد المسلمين ليحصد أصوات وأموال المحافظين الجمهوريين .. الاستراتيجية الماكرة أتت أكلها وخطف ترامب الأضواء، ولكن إلى حين.. في أول اختبار في السباق التمهيدي في ولاية أيوا خسر الرجل الثري الجولة الأولى.. خسارة الجولة الأولى تضعف من آمال الصعود إلى نهائي السباق.
٭ الآن أصبح الإسلام عاملاً في الانتخابات الأمريكية .. إذا كان اللوبي اليهودي المستند على المال يمثل عاملاً حاسماً في نجاح أي سياسي، فإن الثقل الإسلامي الانتخابي قادم بشدة.. الآن، الإسلام يمثل الديانة رقم اثنين في أمريكا بمجموع لا يقل عن سبعة ملايين نسمة..إذا ما أحسن المسلمون الاستواء في السياسة الأمريكية فسيكون لهم شاناً كبيراً في المسرح السياسي الأمريكي.
٭ قبل الاستواء وتنظيم الصفوف مطلوب من المسلمين أن يقتنعوا أنه بالإمكان أن تكون أمريكيا مسلمة أو كما قال الرئيس أوباما..البيئة الأمريكية قائمة على التسامح.. نحو 15% يعتقدون أن الرئيس أوباما مسلماً أو يضمر الإسلام، رغم هذا صوتوا له غير مرة ليكون رئيساً.. عدد من الولايات في أمريكا من بينها نيويورك تعتبر الأعياد الإسلامية مناسبات قومية تقتضي إغلاق المدارس .. في كثير من المؤسسات يجد المسلمون تميزاً إيجابيا في بلد يهتم ويفخر بالتنوع .
٭ الإصلاح يبدأ من هدم كثير من الأفكار القديمة التي تشكك في إيمان الإسلام بالتنوع.. أول دستور في المدينة المنورة قام على التعايش بين قوميات مختلفة وأديان متباينة.. بل إن رسولنا الأكرم كان يتعامل بمودة مع غير المسلمين تصل مرحلة المتاجرة والاستدانة.. ديننا الحنيف أحل الزواج من الكتابيات..استنادا على هذه الأصول يحتاج المسلمون للعيش بسلام مع الآخر الذي يشاركهم الوطن .
بصراحة .. أكبر تحدي يواجه الإسلام محاولة سجنه في إطار ضيق يصوره وكأنه غير قابل للتعايش مع المتغيرات.. الحقيقة أن الإسلام ومنذ نشأته الأولى كان دائماً ينجح في التحديات ويقدم نموذجاً في التعامل مع الآخر .. من دخل دار أبيً سفيان فهو آمن، كانت مبادرة في احترام الآخر.