محمود الدنعو

الصحافة الهندية.. الشاهد والضحية


ضحايا جرائم الاغتصاب في الهند يلقون باللائمة على الصحافة، ويتهمون الحكومة بالتواطؤ، رغم أن الاثنين يجتهدان في محاربة الظاهرة التي باتت تهدد سمعة الهند دوليا.
في ليلة الثالث من أكتوبر الماضي اختطفت عصابة فتاة تبلغ من العمر 23 عاما في حافلة ركاب، ثم ارتكب اثنان منهم جريمة الاغتصاب بحقها في مدينة بانغلور جنوب الهند التي شهدت لوحدها خلال الفترة من أكتوبر إلى نوفمبر من العام 2015 خمس جرائم مماثلة، جرائم العنف ضد المرأة والاعتداءات الجنسية باتت ظاهرة حول العالم، ولكن في الهند تفاقمت الظاهرة وارتبطت باتهامات للحكومة والصحافة التي باتت هدفا من خلال التغطيات التي تقدمها لحوادث الاغتصاب، وفي صحيية اليوم التالي لجريمة الثالث من أكتوبر في بانغلور خرج صحيفة (ذا هيندو) ثاني أكبر صحيفة ناطقة بالإنجليزية من حيث الانتشار في البلاد بعنوان رئيس يقول: (هي لم تصغ لنصائح الأصدقاء)، والصحيفة بذلك تلقي اللوم على الضحية وليس على المجرم وجميع تغطيات الصحف الكبرى للحدث تمضي في ذات الاتجاه، ففي صحيفة (تايمز اوف انديا) نقرأ: “وقيل إنها نحت جانبا نصائح الأصدقاء بعدم الصعود إلى الحافلة”، بينما جاء أحد العناوين الرئيسة لصحيفة (بانغلور ميرور) تقول: “على النساء أخذ الحيطة والحذر” و”لا تنجو إلا المصابات بجنون العظمة”. وذهبت صحيفة (ديكان هيرلد) إلى أن الضحية لا تعرف المدينة جيدا. وأضافت في افتتاحيتها: “غياب المعلومات الأولية عن جغرافية المدنية وغياب المعلومات عن خلفية مشغلي حافلات الركاب هي التي أدت إلى ارتكاب اثنين من سائقي الحافلات لهذه الجريمة”.
في حادثة أخرى وقعت في نوفمبر عندما تم الاعتداء على سيدة في حديقة كوبون الترفيهية العامة في بانغلور من حراس الأمن في الحديقة، كتبت صحيفة (تايمز اوف انديا) تعليقا على الحادث أثارت خلالها الشكوك حول الضحية عندما أوردت: “هذه السيدة تم إخراجها من الحديقة مساءً بواسطة الشرطة وليس من الواضح لماذا عادت ثانية”. وهذا التعليق بهذه الصياغة يضع اللوم على الضحية، ويعد عودتها مجددا إلى الحديقة بمثابة دعوة للاغتصاب.
استجابة الحكومة الهندية لهذه الحوادث زادت من ضجة الصحافة بإلقاء اللوم على الضحايا، ففي ردة فعل الحكومة على حادثة الثالث من أكتوبر التي وصفت الصحافة مرتكبيها بعصابة اغتصاب، جادل كي جي جورجي وزير الداخلية في ولاية كارناتاكا بشأن مصطلح (عصابة)، قائلا إن عصابة تعني أربعة أو خمسة أشخاص بينما مرتكبو الجريمة اثنان فقط، ولكن الوزير بعد عدة أيام من ذلك الحادث تم استبداله بجي باراميشوارا الذي قال عقب حادث حديقة كوبون: “نحن نتحرى الآن حول لماذا عادت المرأة إلى الحديقة في تلك الساعة”.