خم الرماد في البرلمان..!
في عام 1988 قدم الشيخ علي عثمان مقترحا ماكرا..زعيم المعارضة اعلن عن تبرع نواب الجبهة الاسلامية بسياراتهم الجديدة لصالح الجيش..كان البرلمان وقتها قد ملك جميع النواب عربات دفع رباعي من فصيلة (التايوتا)..لم يكن بمقدور الاحزاب الحاكمة ان تجبر نوابها على مجاراة نواب الجبهة..وفي ذات الوقت كان التقاعس عن دعم الجيش الذي يحارب في ظروف صعبة امر في غاية الحرج..
امس نشرت الزميلة السوداني خبرا يفيد ان البرلمان يتجه لتمليك جميع النواب سيارات باقساط مريحة..التقسيط يصاحبه اعفاء من الجمارك والضرائب.في سبتمبر من العام الماضي كان ذات البرلمان يشتري سبعاً وعشرين سيارة جديدة..تلك الدفعة تمثل السيارة الثانية لرؤساء اللجان ونوابهم..من قبل نال هؤلاء النواب السيارة الاولى..الان يتصدق البرلمان لبعض نوابه بسيارة ثالثة..يصعب حساب عدد سيارات الذين يجمعون بين عضوية البرلمان ومجلس الوزراء..اما النائب السعيد الذي يجمع بين البرلمان والوزارة ورئاسة امانة في الحزب الحاكم فقد اوتي حظا عظيما من الفارهات الجياد.
قبل ايام حملت الاخبار ان نصابا نصب على نقابة برلماننا واوهمهم بتوريد (ركشات)..اهل قبة البرلمان لم يتركوا لاهل السودان حتى ذات الثلاث ارجل..اغرب الشكاوي جاءت من المجلس التشريعي بالخرطوم..النواب الاكارم اشتكوا من تاخر دعم الوالي الشهري الذي يبلغ نحو الف جنيه لكل نائب..بعض النواب طالبوا بزيادة مخصصاتهم المالية..بل هنالك خطط لتمليك النواب اراض في مخططات سكنية..الاسبوع الماضي قدم البرلمان خمسة عشر طلبا للسفارة الامريكية لتمكين نوابه من المشاركة في مؤتمر عالمي عن تجارة المخدرات عقد في نيويورك..اما حكاية الاربعين ممثلا الذين رافقوا وزير العدل في زيارة لجنيف ربما تصلح رقما قياسيا يجعلنا نتصدر قائمة جديدة في الحكم غير الراشد.
تغدق الحكومة على رجال البرلمان ..لكن في ذات الوقت وجه وزير المالية بزيادة الربط الضريبي بنسبة 20%..وقبلها تمت زيادة الغاز بنسبة 300% .. لم يتمكن البرلمان من محاسبة الحكومة..بل ان احد نواب الرئيس طلب من النواب سحب توقيعاتهم المحتجة على زيادة اسعار الغاز.
في تقديري ..ان البرلمان بات الحديقة الخلفية للجهاز التنفيذي..احيانا تتعجل الحكومة اصدار بعض القوانين المهة فتلجا للمراسيم الجمهورية الموقتة كما حدث مع قانون التحكيم الجديد..بهذه الكيفية بات البرلمان عبئا على المواطن..من جيب المواطن الفقير يركب النائب من السيارات مثنى وثلاث..وباسم المواطن الفقير يتجول قادة البرلمان على اركان البسيطة..في كثير من المواقف يصفق النواب حينما تفرض الحكومة الرسوم المسيئة للمواطن..لم يسجل التاريخ غضبة برلمانية على وزير نهب مالا عاما او مسؤول تعسف في استخدام القانون
بصراحة..ماذا سينقصنا اذا ما تم إلغاء البرلمان..كان القذافي غفر الله ذنوبه يغضب حينما يوصف بانه رئيس ليبيا..ظلت ليبيا بلا رئيس وتحت قبضة قائد واحد لاثنين واربعين عاما..لن نخسر شيئا بفقدان جهاز ديكوري همه رفاهية اعضائه الكرام.