تاج الدين بانقا.. مدير مكتب الترابي: “الشعبي” لم يتراجع عن أطروحة الحكومة الانتقالية.. علاقة المحبوب بالترابي في وضعها الطبيعي ولا أرى أزمة
** في كواليس قاعة الصداقة -وتحت ثرياتها أيضاً- تبدو معظم الوجوه مألوفة، وأحياناً غير مألوفة، ولكن وجه المهندس تاج الدين بانقا بارز تماماً، وينزع بك من الوهلة الأولى نحو موكب الشيخ الترابي، فتشعر بأن عراب الإسلاميين موجود بالداخل.. هو مدير مكتبه، ومهندس لقاءاته، ولكنه أيضاً أبرز ممثلي المؤتمر الشعبي داخل لجان الحوار الوطني.. يكتب ويراجع ويصوب بمهارة، حيث أنه بارع في إجهاض الحيل، وبطبيعة التسويات الكبرى، التي ينكرها تماماً في هذا التطواف.. حاولت أن أمرر له بعض الأسئلة المفخخة، وكان يكافحها بإجابات أكثر تفخيخاً، وينجو بالحذر.. هو رجل يصعب استفزازه، وتتسم ملامحه بحفاوة ضافية.. قلبنا معه أوراق قضية الساعة، والتمسنا موعداً آخر لنحيط بتفاصيل أكثر، فالشيخ محجوب عن الصحافة، ولا مفر من التوغل في أعماق ترجمانه، الذي يتكلم بشكل واعٍ بما يجري، بخلاف أنه ملم بالتفاصيل، فما الذي يتوقعه في مقبل الأيام؟ وما هى طبيعة حركة الترابي هذه الأيام؛ وخاصة مجالسه، ولماذا أبعد المحبوب عبد السلام؟ وكيف تخلى الشعبي عن مقترح الحكومة الانتقالية، لنتابع تفاصيل الحوار.
* هل ثمة قرار بأن لا يتحدث الشيخ الترابي للصحافة أثناء مداولات الحوار الوطني؟
– لا قرار حزبي على الإطلاق بمنع الشيخ من التحدث للإعلام.
* لماذا هو ممتنع عن الكلام؟
– الشيخ ظل في تواصل مستمر مع المجتمع كداعية ومفكر وسياسي.
* في الماضي كان يوجه نقدا عنيفا للنظام، وفجأة حُجبت تصريحاته عن الرأي العام؟
– ما كان يقدمه من نقد للنظام عبر وسائل الإعلام أيام انسداد الأفق وانقطاع التواصل المباشر، لا مجال له وأبواب الحوار مشرعة بمختلف مستوياتها وآلياتها، وحديث النجوى والمباشرة أجدى وأفعل وأمضى.
* هل صحيح أن الشيخ الترابي يعمل في صمت ويعد مفاجأة في نهاية الحوار؟
– الشيخ شعاره “إذا فرغت فانصب”.
* ما حقيقة اللقاءات السرية التي جمعت الترابي بالرئيس البشير وأفضت إلى تسوية كبرى؟
– كل ما كتب وقيل بخصوص ما دار بين الترابي والبشير في لقاءات خاصة أوهام وتخيلات.
* هل جمعته لقاءات بشخصيات معارضة أو بقيادات في الدولة خلال الماضية؟ ومن هم؟
– لقاءاته لم تنقطع بكل شرائح المجتمع.
* بماذا تفسر مخاوف الجهات الرافضة لمقترح الحكومة الانتقالية؟
– الرافضون للانتقالية لاختلاف التصورات للانتقال أو أصحاب المصالح هم المرجفون.
* تبدو وكأنها القشة التي ستقصم ظهر بعير الحوار، أعني الحكومة الانتقالية؟
– إذا كان الانتقال كالذي فعله بريمر في العراق فقطعا كل وطني غيور سيكون ضده.
* ما هو تصوركم للانتقال؟
– هي شراكة في التصور ما بين النظام القديم والمعارضة، وهو نظام توافقي؛ ينتقل بالبلاد من الوضع الحالي إلى وضع توافقي، يتوافق فيه الجميع على رؤى وآليات لحل الأزمة السودانية، وتهيئة المناخ لتحول ديمقراطي كامل، يرسي لتداول سلمي للسلطة، وينهي الحاجة لحمل السلاح والاحتراب.
* ولكن الشعبي تراجع عن مقترح الحكومة الانتقالية الذي بشر به الأمين العام نفسه؟
– الشعبي لم يتراجع عن أطروحة الحكومة الانتقالية، وهذا كلام غير صحيح تماما.
* كيف ذلك؟ وما أعلن هو حكومة توافق وطني؟
– داخل الحوار نجد درجة التوافق بين القوى المحاورة، وسبب ذلك أن القوى تقدم رضاها لحل الأزمة، وليست طلبات محاصصة، حتى تتمسك أو تتنازل عنها؛ إما باعتبارها رؤى وبدائل لحل.
* من أين لكم بهذه الثقة في أن يتخلى المؤتمر الوطني عن السلطة مستقبلاً؟
– نحن نتحدث عن نظام جديد لا هيمنة فيه ولا إقصاء.
* هل يمكن أن نقول إنه لم يحدث توافق؟
– من السهل التوافق على البديل الأفضل؛ غض النظر عن من الذي تقدم به، وهنا كل المتوافقين يتبنون البديل، ولا يشعرون بأنهم تنازلوا، وهذه في اعتقادي أكبر ضامن للتنفيذ.. حيث أن الاتفاق تم برضا تام من غير ضغوط أو وعود، وهنا يمكن للجمعية العامة أن ترجح خيار غير غالب في المداولات الأولى.
* ما الذي يمكن أن يحدث بعد تسليم مخرجات الحوار للرئيس؟
– بعد تسليم المخرجات تنعقد الجمعية العمومية، وبعد إجازة التوصيات تشرع الآلية التنسيقية، والآليات التي تعهد إليها الجمعية العمومية، إنفاذ المخرجات وفق التراتيب المتفق عليها.
* هل ثمة اتفاق مسبق بين الترابي والبشير فيه ضمانات كافية جعلت الترابي يضع كل آماله على هذا الحوار؟
– ضمان تنفيذ المخرجات هو واقعيتها ومدى ملامستها للواقع والممكن.
* وماذا عن إبعاد الحرس القديم أمثال شيخ علي ونافع والجاز كصفقة متفق عليها؟
– بالنسبة لعلي عثمان والجاز ونافع تم تكليفهم منذ فجر الإنقاذ بملفات الأمن والاقتصاد لذلك الأدعى الوقوف عند تجربتهم عبرة بإنجازاتهم وعظة من إخفاقاتهم لمواجهة التحديات الماثلة أمامنا لتأمين الناس من خوف وإطعامهم من جوع.
* لماذا الود يكاد يكون معدوما بين حركة الإصلاح الآن والشعبي أو بين الترابي وغازي على نحوٍ خاص؟
– الشعبي والإصلاح الآن والشيخ ود. غازي في تواصل مستمر.
* هل جمعهم لقاء بعد تجميد الإصلاح مشاركته في الحوار؟
– نعم التأم قبل أيام لقاء مشهود بين قيادات الحزبين على رأسهم الشيخ ود. غازي، وتداولوا كثيرا حول مآلات الحوار ومستقبل السودان.
* ألا تشعرون بوجود جبهات محددة أو دولة عميقة تتربص بالحوار ومخرجاته؟
– حكاية التربص أمر طبيعي لبلد مثل السودان يمتاز بموقع استراتيجي وثروات طبيعية وبشرية ثرة؛ خاصة عندما يلوح في الأفق مشروع إصلاح كبير يسد الثغرات أمام الطامعين في نهب ثروات البلاد، ممن يجدون ضالتهم في فرقة وشتات أبناء الوطن. ولكن هذا التحدي محفز لتوليد قوة وطنية للتصدي.
* هنالك أحاديث عن حل المؤتمر الشعبي بنهاية الحوار.. ما صحتها؟
– في ما يتعلق بحل المؤتمر الشعبي، فإن مستقبل الشعبي، كما في سائر تاريخ السودان وتاريخ الحركة الإسلامية تأخذ شكلها المناسب مع كل طور من أطوار تاريخ السودان من جبهة ميثاق وجبهة إسلامية ومؤتمر وطني ومؤتمر شعبي، “وغدا لناظره قريب”.
* ألا يشعر الترابي بالأسى كون الحركة الإسلامية انتهت تجربتها إلى هذه الأوضاع المحزنة؟
– الشيخ مؤمن والمؤمن لا ييأس، ولا يأسى، بل يتفاعل مع أقدار الله؛ بيسرها وعسرها، تقربا لله، اعتبارا، واتعاظا.
* لماذا العلاقة بين المحبوب عبد السلام والترابي ليست على ما يرام؟
– علاقة المحبوب بالترابي بين الواقع والطبيعي والمرام تقديرات تختلف من شخص لآخر حسب تصوراته وإحاطته.
* ما هي خلفية الأزمة؟ وكيف أبعد المحبوب عن مجلس الشيخ؟
– العلاقة في وضعها الطبيعي ولا أرى أزمة.
* الشعبي رافض للمؤتمر التحضيري بالخارج.. ألا يمكن أن يعيق هذا إلحاق القوى المعارضة بالحوار؟
– الملتقى التحضيري الذي يعالج مطلوبات حاملي السلاح التي تفاوض النظام بالخارج إجراءات مشاركتهم في حوار الداخل فلا اعتراض عليه لا من الشعبي ولا من 7 + 7 ولا الحكومة. ومن قبل خاطبت 7 + 7 الآلية الأفريقية والحركات المسلحة في استعدادها للقاء حاملي السلاح في الخارج لبحث إجراءات مشاركتهم في الحوار، والمتمثلة في ضمان دخول وخروج ممثليهم في الحوار وإطلاق سراح المسجونين والمحبوسين ووقف إطلاق النار وتوصيل الإغاثة والإنسانية.
* علام الاعتراض إذن وأنتم ترفضون دعوات الآلية الأفريقية؟
– الشعبي ضد نقل الحوار للخارج لأننا نعتبر حوار الداخل أكثر ديمقراطية.
* كيف هو أكثر ديمقراطية وكثيرون قاطعوه؟
– هو يتيح الفرصة لمئات من المشاركات وكذلك أكثر شفافية لأنه يتيح فرصة أكبر للإعلام للمباشرة وربط الرأي العام بقاعات التداول وأكثر من ذلك كله فحوار الداخل يعبر عن الإرادة السودانية الحرة من غير إملاء عبر ضغوط ترهيب خارجية أو وعود ترغيب كذوبة تعرقل الاتفاق.
* ماذ عن وحدة الإسلاميين بمنظوركم؟
– نحن مسلمين وديننا دين توحيد وندعو لتوحيد الأمة الإسلامية، بما فيهم حزب الأمة والوطني وجماعة عبد الحي يوسف.
* ولكن مشروع الترابي يختلف عن مشروع عبد الحي؟
– عبد الحي مُش مسلم؟ نحن هدفنا الاستراتيجي توحيد المسلمين والجمع بين عبد الحي يوسف وحسن نصر الله وبشار الأسد والملك سلمان.
اليوم التالي