محمود الدنعو

“مضايا” جنوب السودان


حذر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في أبريل من العام 2014 من أن جنوب السودان بات على حافة المجاعة ومن دون تحرك سريع للمجتمع الدولي، فإن على الأقل مليون شخص سوف يموتون جوعاً، بعد عامين تقريباً على تحذير بان كي مون أطلقت وكالات الأمم المتحدة الإنسانية تحذيرات بأن خطر المجاعة بات وشيكاً وأن نحو 2.8 مليون شخص أي نحو 25% من سكان جنوب السودان في حاجة ماسة للمساعدات الغذائية العاجلة، وأن نحو 40 ألف بحسب تقرير للأمم المتحدة على حافة الكارثة.
في اتصال هاتفي لمجلة (فورن بوليسي) الأمريكية مع المدير القطر لمنظمة أوكسفاوم في جنوب السودان زلاتكو جيجتش قال انه ظل يعمل لسبع سنوات في الجنوب، ولم يشاهد وضعاً أسوأ، مما هو عليه الوضع الغذائي حالياً في جنوب السودان، وأن النساء يتكبدن مشقة البحث عن الطعام من خلال رحلة طويلة عبر الغابات والمستنقعات واللائي لا يستطعن القيام بهذه الرحلة يعتمد على الآخرين.
إذن كان احتمال المجاعة الجماعية بصورته البشعة قد سيطر على الإعلام الغربي من خلال ما حدث في بلدة مضايا السورية المحاصرة من قبل قوات النظام، فإن نسخة أخرى من (مضايا) في طريقها إلى أن تحدث في جنوب السودان، وكانت القوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد قد حاصرت مضايا، ونفد الطعام عن البلدة التي مات جوعاً نحو 20 من سكانها خلال شهر ديسمبر فقط، وبعد نشر الصورة وعاصفة الغضب الدولي دخلت المساعدات الغذائية المحدودة إلى البلدة السورية، ولكن هناك تحذيرات من نفاد كمية المساعدات الغذائية التي سمح النظام بدخولها.
وطبقاً للمدير القطري لأوكسفام، فإن العقبات أمام إيصال شحنات المواد الغذائية للمحتاجين في جنوب السودان مسئول عنها الرئيس سلفاكير ونائبه رياك مشار لفشلهما في تنفيذ اتفاقية السلام التي وقعت بينهما في أغسطس الماضي، والفشل في وقت إطلاق النار حاليا، مما يجعل من المستحيل على قوافل المساعدات الغذائية الدخول إلى المناطق المحاصرة، خصوصاً في ولاية الوحدة أحد المناطق الأكثر تضررا بالصراع.
الحرب الأهلية اندلعت في جنوب السودان عندما اتهم سلفاكير نائبه مشار بالتخطيط لانقلاب عسكري في العام 2013، وبسبب الصراع راح الآلاف ضحايا الحرب، وشُرِّد آخرون من ديارهم، ووقع طرفا النزاع أكثر من 7 اتفاقيات لوقف إطلاق النار دون الالتزام بها، وظهرت بمثابة إضاعة للوقت ليس إلا، ويضيف زلاتكو جيجتش في الحديث إلى المجلة الأمريكية بأن سلفاكير ومشار أثبتا أنهما لا يرغبان في تنفيذ اتفاقية السلام، والآن بات على اللاعبين الدولين ممارسة أعلى درجات الضغط.