عبد الباقي الظافر

من كان يعبد مولانا.!


نشر الدكتور يوسف الكودة صورة معبرة على صفحته في الــ (فيس بوك).. طفل سوداني أسمر لم يتجاوز الخامسة ينكب على وجهه ليقبل يد مولانا الميرغني، في الصورة المقابلة ينحني الزعيم نلسون مانديلا بجلالة قدره ليقبل يد طفل أفريقي صغير،هذه الصورة المعبرة تؤكد أن البناء التقليدي للحزب الاتحادي لن يستمر بذات الثبات ، إن لم تحدث ثورة على القديم .
هنالك مؤشرات كثيرة تؤكد أن الحسن الميرغني الذي صوبنا نحوه نقدا كثيفا ، يمكن أن يكون الرجل الذي يبحث عنه الاتحاديون .هذا الشاب يحمل الماركة التجارية للأسرة العريقة في الحياة السودانية.. زاد على ذلك بتحصيل علمي ، ومعايشة للديمقراطية في الغرب لسنوات ليست قصيرة، خرج على مألوف آبائه ، في عدم المخاشنة وبجرة قلم واحدة ، فصل عدداً من الرموز التاريخية ..من الذين فصلهم الحسن ، من يوفر مؤنة الشتاء والصيف للحزب الاتحادي ..لست هنا بمعرض تقويم ، إن كان القرار صائبا أو خاطئا ،..التركيز هنا على الطريقة الجديدة في إدارة الحزب الكبير ..مرت سنوات على هذا الحزب ، ويخرج العضو القيادي ويلتحق بتنظيم آخر ، ومازال يحتفظ بعضويته في الحزب الاتحادي ولعل الأخ الكريم التوم هجو والشيخ الجليل علي محمود حسنين يعبران عن نموذج السيولة التنظيمية في هذا الحزب الكبير . هذا النموذج يؤكد أن الحسن يعبر عن طموحات جيل جديد.
المؤشر الآخر أن الحسن الميرغني ، اندفع بكلياته لتأييد المشاركة في الحكومة .. بل من فرط حماسه ظن أن بمقدوره أن يفكك أزمات البلاد في (١٨٠)، كما يفعل قادة الديمقراطية الغربية ..هنالك مقياس الحساب بالساعة واليوم وليس بعقود الازمنة كما في حالتنا السياسية.. بعد أن تجاوز الرجل الميقات الزماني ، سرعان ما استدرك الخطأ.. بدأ الحسن إرسال رسائل الاحتجاج الناعمة ، وحين وجدهم لا يسمعون صرخ في وادي صمتهم ، وهدد بفض الشراكة..لن نستطيع تبيان الفرق بين مولانا الكبير والصغير ، إلا إذا سردنا واقعة خروج مولانا إبان مظاهرات سبتمبر ٢٠١٣م. مولانا حينما شعر بدنو أجل الحكومة ، كون لجنة لتقييم المشاركة ، حينما اجتازت الحكومة المطب الحرج احتفظ مولانا التوصيات الرافضة للمشاركة في أحد ادراج المهملات إلى يومنا هذا.
أستغرب كثيرا لأن معارضي الحسن استعصموا بمواقفهم السابقة منه.. لم يشجعوه على المضي قدما في طريق المعارضة الشائك.. كان مطلوبا من خصومه أن يرسلوا رسائل تؤكد أن الخلاف مع الحسن على مواقف سياسية محددة ومادام الحسن قد بدأ المراجعات فسنقترب منه خطوات..على النقيض من ذلك قوبلت مراجعات مولانا الحسن بالتشكيك إن لم يكن الشماتة السياسية.
في تقديري.. أن حقبة مولانا الميرغني الكبير قد انتهت بخيرها وشرها.. وعلى الاتحاديون أن يكونوا عمليين ويرضو بالمتاح في سبيل إدراك المأمول لاحقا ..
خلافة مولانا انتقلت إلى نجله الحسن وليس هنالك من سبيل في تغيير هذا الواقع، بل المطلوب تقنين هذا الواقع عبر عقد مؤتمر عام يتناسى فيه الاتحاديون خلافاتهم ويقفوا خلف زعيمهم الشاب، إن لم يفعلوا ذلك سيظل هنالك اتحاديون في كل مكان دون حزب يجمع شتاتهم.
بصراحة.. الحسن يحتاج الى فرصة أخرى ،ولكن قبل ذلك مطلوب من الحسن أن يتسامى على الخلافات ويفتح صفحة جديدة مع خصومه قبل مؤيديه .