عبد الباقي الظافر

علي الحاج لهذه المرحلة ..!


*في مارس من العام ٢٠١٣ لم تكن ثلوج أوربا قد جفت تماماً ..في هذا المناخ تحرك الدكتور علي الحاج من مقر إقامته في مدينة بون إلى العاصمة برلين برفقة أسرته ..كان طبيب النساء والتوليد يدرك أن دبلوماسية البيوت السودانية كفيلة بإزالة متاريس السياسة في السودان..هنالك طلب من السفارة السودانية أن تهيء له مقابلة أخيه علي عثمان الذي جاء برفقة أسرته مستشفياً..لقاء (العليين) الذي إنفردت بنشره وقتذاك صحيفة الأهرام السودانية شكل أرضية انطلقت منها لقاءات الصفاء بين الاسلاميين.
* عاد الدكتور علي الحاج للخرطوم للمشاركة في عزاء المفكر الاسلامي حسن الترابي..عاد على الحاج بعد غربة سياسية طويلة امتدت إلى نحو ستة عشر عاماً..كل ما اشتاق علي لهذه الارض الطيبة كانت تعليمات شيخ حسن تستبقيه، ولربما لحكمة قدرها الرجل الصالح..يعود علي الحاج وهو خارج هياكل المؤتمر الشعبي التنظيمية حيث لا يحمل تكليفاً محدداً.
* حينما أغمض الترابي عينيه للمرة الأخيرة كانت كل الأعين تتجه إلى المقعد الشاغر الذي خلفه الرجل الضخم ..أكثر من نصف قرن والترابي على المقعد الساخن.. حينا يملك وقتاً آخر يصنع الملوك ..وفي أحيان كثيرة يدفع ثمن أخطاء تلاميذه..رحل الترابي تاركاً للأجهزة التنظيمية تحديد خليفته..أغلب الظن أن المرحلة الانتقالية سيقودها الشيخ إبراهيم السنوسي رفيق الترابي في المسيرة.
* تحليل القرائن يتطلب أن تنتقل الخلافة السياسية إلى جيل آخر أكثر شباباً من جيل الثلاثينات..هنا تبرز أسماء كثيرة مثل المحبوب عبدالسلام وبشير آدم رحمة وكمال عمر..لكن الأنسب للاسلاميين أن يتوقفوا في محطة علي الحاج الذي يعتبر حلقة وصل بين الجيل السابق والجيل اللاحق..علي الحاج رجل أبتلي فصبر..حياة المنافي الصعبة جعلته يفكر في بيع بيته ليعيش حياة طيبة في ألمانيا..لعلي الحاج خبرة سياسية طويلة وإلمام بالعمل التنفيذي..إقامته الأخيرة في أوربا تجعله قريباً من نماذج الحكم الراشد، ووفيا لقيمة الحريات الغائبة من أغلب المشاريع السياسية الإسلامية ..كما أن الرجل ظل وفياً ومخلصاً للقائد التاريخي للحركة الإسلامية.
في تقديري ..هنالك عوامل أخرى تجعل الإجماع على هذا الرجل خياراً آمناً لحزب المؤتمر الشعبي..علي الحاج من عمق دارفور، وصناعة حزب قومي بقيادة رجل بمواصفات علي الحاج تقدم نموذجاً مفتقداً في الساحة السياسية التي تهيمن عليها رموز من السودان الأوسط والنيلي..إقامة علي الحاج في ألمانيا وصلاته مع حركات دارفور المسلحة وصلاته السابقة مع الحركة الشعبية تجعله قادراً على الإسهام في تسوية سياسية شاملة..كما أن ابتعاد علي الحاج من المسرح السياسي عقب المفاصلة والتضييق على أنصار الترابي تجعله متسامحاً، وهذا التسامح مطلوب لذاته في هذه المرحلة الفارقة في تاريخ أمتنا السودانية.
بصراحة.. مطلوب من الشيخ إبراهيم السنوسي أن يتصرف كقائد في هذه المرحلة ..أقدامه على اقتراح اسم علي الحاج يرفع الحرج عن مؤيدي التراتبية في خلافة الترابي، ويوفر ضمانة لوحدة المؤتمر الشعبي وما جاوره من تنظيمات إسلامية صغيرة.