جيب الوزير ..!!
في نوفمبر الماضي اضطرت مدرسة الطب في جامعة كلورادو الامريكية ان ترد تبرعا قيمته مليون دولار بالتمام والكمال..القصة وصلت مسامع الناس عبر تحقيق استقصائي نشرته صحيفة (نيوريوك تايمز) ..كشفت الصحيفة ان احدى الجمعيات بالجامعة العريقة كانت تجري أبحاث عن الصحة البدنية..شركة كوكاكولا المتهمة مشروباتها بتسبيب البدانة كغيرها من المشروبات الغازية سارعت وتبرعت لهذه الأبحاث ..الصحيفة الامريكية تحدثت ان تضارب المصالح يجعل هذا التبرع مثيرا للشكوك..حتى تبرا الكلية الطبية لسمعتها لم تجد غير ان ترد التبرع الكبير مصحوبا ببيان اعتذار للناس وللعلم.
نشرت الزميلة الصيحة عبر محررها الطيب محمد خير المقرب لدوائر الحزب الاتحادي حوار مع الدكتور احمد بلال عثمان القطب الاتحادي ووزير الاعلام.. دكتور بلال قدم اعترافا من الغيار الثقيل ..الوزير ونائب الامين العام في الحزب الاتحادي المسجل اكد انهم وغيرهم من الأحزاب يتلقون تمويلا ماليا من الحزب الحاكم..وسمى الوزير عدد من قادة المؤتمر الوطني واوضح انهم يدعمون حزبه.. لم يكتف بلال بدعم أثرياء المؤتمر الوطني وجعل بعيره من بعيرهم حينما قال” نحن نصرف من جيوبنا الخاصة على حراك الحزب”.
اعترض الوزير بلال على السؤال عن مصادر دعم الأحزاب ومجالات الصرف..ويبدو ان الدكتور بلال أراد ان يستبق الحملة التي تشنها اشراقة سيد الوزيرة السابقة والتي طالبت غير مرة بمراجعة اموال حزبها الذي غضب عليها وفصلها..الا ان السؤال المهم لماذا يحتج بلال على المحاسبة المالية..اموال الأحزاب اموال عامة من المفترض ان يراجعها المراجع العام.
بصراحة بلال كان صريحا اكثر من اللازم..القاصي والداني يدرك ان الحزب الحاكم يغدق على الشركاء والحلفاء المحتملين ..في انتخابات العام ٢٠١٠ كانت شحنات من الاموال المحمولة ليلا تمضي الى قيادة حزب الامة ..هنالك همس ان المال لعب دورا أساسيا في تليين موقف نجل زعيم حزب عريق وجره الى ميدان المشاركة في الانتخابات الاخيرة ..الثابت ان الأمانة الغائبة في هيكل الحزب الحاكم هى الأمانة المالية وذلك ببساطة لوفرة المال.
السؤال الذي يخيرني ومن باب أولى ان يحير الوزير بلال لماذا يمد الحزب الحاكم يد المساعدة لاحزاب منافسة..الافتراض الاول انها احزاب بلا قيمة او ان الاموال تمضي الى غير أغراض المنافسة الحزبية..لا احد يتوقع ان تدعم الحكومة الحركة الشعبية..هنا يصبح الدفع دلالة احتقار الى الأحزاب التي تقبض إناء الليل وأطراف النهار..لكن اغلب الظن ان الاموال التي تدفع بغير حساب لا تخرج من جيوب الساسة كما زعم احمد بلال..انها تخرج من جيب المواطن المغلوب على أمره ..السيارة التي يركبها احمد بلال دفع ثمنها المواطن وكذلك الهاتف ..اما الأسفار التي أضيف لها بند ثامن في الفوائد يتعلق بثراء المسافر جوا فتلك تسبب البدانة المالية لشاغل المنصب الدستوري .
بصراحة..لو كنت من وزير العدل لاستجوبت الوزير بلال الذي صرح وهو موظف حكومي انه يدفع من جيبه لتمويل نشاط الحزب الاتحادي .