عبد الباقي الظافر

سفيرنا ..!!


*ارتابت الشابة جيل كيلي في رسائل ذات مصدر مجهول تأتي بانتظام لبريدها الإلكتروني وتحمل نبرات عدائية ..الشابة الأمريكية دونت بلاغاً في جهاز التحقيقات الفدرالي (FBI)..الجهاز الذي كان يحاول أن يصطاد أرنباً يجد في شبكته فيلاً ضخما.. ديفيد بتريوس مدير جهاز الاستخبارات الأمريكية بشحمه ولحمه ووجهه الشاحب يقع في المحظور .. بتريوس الذي قاد القوات الأمريكية في أفغانستان والعراق وعده البعض رئيساً محتملاً يجد نفسه متهماً بتسريب مستندات مصنفة بأنها سرية، والرجل يهرع للبيت الأبيض ليقدم استقالته مصحوبة بالأسف.. بداية الحكاية أن بولا برودويل تعهدت بكتابة السيرة الذاتية للجنرال، وفي منتصف الطريق تقع في هواه .. الحب الأعمى يصور لها أن سيدة أخرى تحاول منافستها على قلب الجنرال الكهل.. السيدة المتهمة كانت جيل كيلي التي فتحت الصفحة الأولى في القصة المثيرة .
*أمس كانت الصحف مشغولة بأخبار وزير الخارجية الأسبق مصطفى عثمان الذي كان يسرد ذكرياته في أكثر من صحيفة.. في ناحية أخرى كان وزير الخارجية الدكتور إبراهيم غندور يبشر الشعب السوداني أن ابن دفعته في كلية طب الأسنان بجامعة الخرطوم سيكون سفيرنا القادم في جنيف.. قبل أيام كان بعض كبار المراقبين يتوقع أن يكون مصطفى عثمان أمينا عاماً للجامعة العربية إن خرجت من بيت الطاعة المصري.
*تعالو معي نقرا معا ما كتبه مصطفى عثمان إسماعيل وزير الخارجية الأسبق في الزميلة المجهر عن محاولة اغتيال حسني مبارك في أديس ..نفتح القوس للوزير مصطفي “ كان المصريون موقنين يقينا قاطعاً للشك بأن المحاولة قامت بها الجماعة الاسلامية المصرية بدعم من السودان”..أضاف الوزير أن أمريكا وإثيوبيا وأريتريا ومصر استغلوا الحادثة للتضييق على الحكومة السودانية.. مازال مصطفى ينثر الأسرار على قارعة الطريق ويقول إن الحكومة المصرية كانت تدعم المعارضة السودانية المقيمة بأريتريا بمبلغ سبعين ألف دولار شهرياً ..(المعارضة الرخيصة) والتعبير من عندي تتكون من اثنين يشغلون مناصب سيادية هما موسى محمد أحمد ونجل الإمام الصادق المهدي الذي كان يقود جيش الأمة.. ثالثهم الشريك الأكبر مولانا الميرغني..كل هؤلاء على زعم الوزير إسماعيل كانوا يقتسمون مبلغ سبعين ألف دولار تجود بها المخابرات المصرية.
في البداية لماذا يتبرع مصطفى عثمان بنشر أسرار الدولة ومازالت هذه الملفات السرية المفبركة مفتوحة، ويمكن إعادة استخدامها في أي وقت..مصطفى يتحدث وكأنه شاهد ملك أو سياسي فض يده من حكومة بلاده واختار جانب المعارضة.. رغم هذه التصرفات غير الدبلوماسية والتي تفتقر للكياسة يتم حجز مقعد دبلوماسي ضخم يناسب مقامه في جنيف.. مثل هذه المعلومات يموت بها الرجال .. بعض الدول المتقدمة تفرض قيداً زمنياً وبعدها يتم الإفراج عن الوثائق السرية.
في تقديري ..إن أسرار الدولة في أي مكان يجب أن تكون في حرز آمن..هل سمعتم وزير خارجية أسبق يتحدث عن أسرار غزو العراق..هل خرج أحد أعمدة نظام مبارك ليتحدث عن دعمهم الشحيح لمعارضتنا .. كل الدول المحترمة لا تتساهل في نشر أي معلومات مصنفة أنها سرية.. أغلب الظن ان المعلومات المحرجة التي عممها مصطفى عثمان بحسن نية كانت كفيلة بإغلاق أي صحيفة لأنها تهدد الأمن القومي.
*بصراحة ..مطلوب باعجل ما تيسر ابتعاث مصطفى عثمان إلى جنيف أو أي بعثة خارجية..هذا الرجل لا يحتمل قلة الشغلة.