محمود الدنعو

مودي إلى أفريقيا


أهي محض مصادفة أم دلالة على عمق العلاقات الأفريقية الهندية ؟ عندما يعلن رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي الذي لم يغادر بلاده منذ بداية العام الحالي أن أولى جولاته الخارجية ستكون إلى أفريقيا في نهاية مارس الجاري. لا شك أن العلاقات بين القارة الأفريقية وشبه القارة الهندية تعيش أزهى عصورها، وبالتالي فليس بمستغرب أن تكون أولى وجهات رئيس الوزراء مودي في العام الحالي هي القارة الأفريقية.
بالنسبة للهند، فإن أفريقيا ستكون محور الاهتمام خلال هذا العام. فالقارة التي تفتخر بمواردها الوفيرة تشكل فرصاً تجارية ضخمة للهند الراغبة في تعزيز روابطها بالقارة الأفريقية.
مودي سبق له أن زار سيشيل وموريشيص العام الماضي، ولكن البلدان عبارة عن أرخبيل في المحيط، وبالتالي هذه أول زيارة رسمية له على الأرض الأفريقية لمتابعة مخرجات قمة منتدى التعاون الأفريقي الهندي الثالثة التي انعقدت في نيودلهي أكتوبر الماضي، وشاركت فيها 54 دولة أفريقية، بجانب الهند التي أعلنت عن تقديمها عشرة مليارات دولار قروضاً ائتمانية ميسرة إضافة لتقديمها مساعدات بمنح بقيمة 600 مليون دولار لأفريقيا.
بما أن الوقت مبكراً لتحديد الدول الثلاث التي تشملها جولة مودي التي ستنطلق في الثلاثين من مارس الحالي، ولكن يكفي أنها إلى أفريقيا.
قبل أسبوعين من الزيارة شهدت العاصمة الهندية دلهي أعمال مؤتمر (مشروع الشراكة بين الهند وأفريقيا)، بمشاركة حشد من نواب رؤساء الجمهوريات والوزراء الأفارقة في إطار مساعي الهند المكثفة لتكون من الناحية العملية الشريك الدولي الأكثر قدرة على الحركة والنفاذ في القارة الأفريقية في سوق عملاق تخطى عدد سكانه من الجانبين الملياري نسمة.
وقد افتتح وزير الدولة الهندي للشؤون الخارجية في كي سنج المؤتمر بكلمة أكد فيها تعاظم المؤشرات التي تعكس تنامي حركة التجارة والاستثمار، بما يصب في اتجاه تعزيز الصداقة والشراكة بين القارة الأفريقية وشبه القارة الهندية.
وأوضح أن نمو التعاون بين الجانبين يدور في إطار تعاون الجنوب جنوب، موضحاً أن هناك إرادة سياسية لتحقيق دفعات أكبر في مجالات الاستثمار والتعاون، والاستفادة من الخبرات الهندية الكبيرة لزيادة الناتج القومي للدول الأفريقية، وتحقيق المصالح المشتركة مع العمل بشكل أوثق لبناء القدرات البشرية للدول الأفريقية، التي أصبحت تحظى بأولوية كبيرة لدى الهند.
إذن، الزيارة الأولى لرئيس الوزراء الهندي إلى أفريقيا تحمل الكثير من المؤشرات على التقارب السياسي الكبير بين القارة الأفريقية والهند، وهو تقارب يدعمه تبادل للمنافع الاقتصادية، فالأرقام تشير إلى حجم التبادل التجاري بين الهند وأفريقيا قفز من 30 مليار دولار عام 2008 ليتجاوز 70 مليارا عام 2015، وهو رقم لا يزال قليلا مقارنة بقدرات الجانبين.