محمود الدنعو

قرار بوتين المفاجئ


تفاجأ العالم بقرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال اجتماع مع وزير الدفاع سيرغي شويغو، ووزير الخارجية سيرغي لافروف، بسحب الجزء الرئيسي من مجموعة القوات الجوية الروسية من سوريا، بعد أن أنجزت مهمتها، وطفق المحللون يشرحون ويشرحون أسباب وملابسات هذا القرار المفاجئ. فالبعض ذهب إلى أنه جاء في الوقت المناسب، وأن الضربات الروسية حققت بالفعل أهدافها والبعض الآخر عدَّ القرار دفعة جديدة لعملية التسوية السلمية في جنيف.
وقال الكاتب البريطاني جيمس بليتز في معرض تحليله للقرار بمقال افتتاحي بصحيفة (الـفاينانشيال تايمز) إن الرئيس بوتين يُظهر أنه قد تعلّم أحد أهم دروس الحروب الحديثة، وهي أن الأمم ينبغي أن تتجنب الدخول في حملات عسكرية صعبة طويلة المدى، واستشهد بـ – ما سمَّاها – أخطاء أمريكا في العراق وباكستان، عندما أقحمت نفسها في حملات عسكرية مطولة تكبدت خلالها ثمناً فادحاً من دماء وأموال. وأوضح بليتز أن الرئيس الروسي بوتين سلك مسلكا مغايراً في أوكرانيا ثم في سوريا، عبر تدخلات قصيرة حادة حققت أغراضاً مباشرة دونما غلْق الطريق تماماً على أي تحركات مستقبلية.
وفي هذا الإطار وصفت أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتورة نورهان الشيخ، في حديث لـوكالة (سبوتنيك) الروسية للأنباء، قرارات الرئيس الروسي بوتين بـ (الحاسمة والإيجابية)، وتأتي في التوقيت المناسب، وهي سمة من سمات الرئيس الروسي، حيث يظل توقيت اتخاذ القرار مهماً.
وعدَّ المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا أن قرار الرئيس الروسي سيساعد العملية السلمية بسوريا وسيساهم في الانتقال السياسي. وعبَّر عن أمله في أن ينعكس إيجابياً على عملية التفاوض في جنيف من أجل التوصل إلى حل سياسي للنزاع السوري وعملية انتقال سياسي ناجحة.
وقالت مجلة (فورين بوليسي) الأمريكية إن القرار الروسي المفاجئ قد يكون مؤشرا على نهاية دعم موسكو غير المشروط لنظام بشار الأسد. ونقلت المجلة عن الخبير في الشؤون السورية بمركز واشنطن لسياسات الشرق الأدني أندرو تابلر, قوله: “إن روسيا يبدو أنها بدأت تراجع دعمها للأسد, بغية الضغط عليه, ليقدم تنازلات في مفاوضات جنيف”.
على كلٍّ، الأيام القادمة ستكشف الكثير عن ملابسات هذا القرار الروسي المفاجئ الذي يجب أن يفضي غض النظر عن الدوافع والأسباب إلى تسهيل مسار التسوية السياسية المنشودة في جنيف التي تسارعت الجهود من أجل نجاح جولتها القادمة، ويبقى العقبة الكؤود للتسوية السلمية هي مستقبل الرئيس بشار الأسد الذي بانسحاب القوات الروسية سيفقد حلفياً مهماً كان يعتمد عليه في المناورات السياسية والعسكرية.
محمود الدنعو – (العالم الآن – صحيفة اليوم التالي)