محمود الدنعو

الشينغن في دائرة الاتهام


اتفاقية التنقل الحر بين دول الاتحاد الأوروبي المعروفة باتفاق (الشينغن)، التي كانت تمثل أهم ثمرات الاندماج الأوروبي والنعمة المشتهاة لدى الكثير من التكتلات الإقليمية في العالم، باتت اليوم نقمة على أوروبا بعد سلسلة التفجيرات التي ضربت عاصمة النور باريس وعاصمة الاتحاد الأوروبي بروكسل مؤخرا، وبات الحديث يتصاعد بل أصابع الاتهام تشهر في وجهي الاتفاقية كونها تحولت إلى بوابة مفتوحة عبرها الإرهاب إلى قلب القارة العجوز، فكل من حصل على تأشيرة دخول لواحدة من دول الاتفاقية بات يتجول في باقي الدول كما يشاء، ويدور جدل كثيف في أوروبا حول الاستمرار في هذه الاتفاق أو مراجعتها من أجل تحقيق المزيد من الضبط على الحدود، ولكن رئيس الوزراء الأسترالي مالكولم ترنبول، وقبل أن يهدأ دخان تفجيرات بروكسل آثر أن يكون صريحاً مع أوروبا، حتى وإن كانت الصراحة والنصيحة مؤلمة، ولكنه قالها حين صرح إلى للإذاعة الاسترالية عقب التفجيرات واضعا اللوم على أوروبا بأنها سمحت بنفسها بإفلات الأمن من بين يديها، واعترف ترنبول بأنه يعود إلى الاتحاد الأوروبي أمر تحديد القواعد الخاصة به، مؤكدا أن الإجراءات الأسترالية لحماية الحدود وضمان الأمن (الداخلي) أقوى بكثير من تلك المطبقة في أوروبا التي سمحت بإفلات الأمن منها.
وأضاف ترنبول للإذاعة الأسترالية أن “هذا الضعف في الإجراءات الأمنية في أوروبا ليس غريبا عن المشاكل التي شهدتها مؤخراً”، ملمحاً إلى تدفق المهاجرين الفارين من سوريا إلى أوروبا.
وتابع أن منطقة شينغن للتنقل الحر التي تضم 26 بلداً بينها 22 من أعضاء الاتحاد الأوروبي، تعني أن “الناس يمكنهم التنقل بحرية في أوروبا، مما يطرح تحديات في مجال الأمن، إلى جانب الحدود الخارجية الهشة جدا كما رأينا في أمثلة عديدة”.
ولكن السؤال المهم هل نضع كل اللوم على الاتفاقية وحرية التنقل التي تشكل زبدة القيم في العالم الحر الذي ينشده الجميع، من الظلم أن نوجه اللوم فقط إلى هذه الاتفاقية. ففي حوار مع بي بي سي عربي، يقول جاسم محمد، رئيس المركز الأوروبي العربي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبار في ألمانيا، في محاولاته سبر أغوار الأزمة يقول: إن ما حدث “يشير إلى خطأ استخباراتي بلجيكي ينبغي أن يكون الأداء الأمني البلجيكي أفضل من ذلك، خاصة بعد إلقاء القبض على المشتبه به في تفجيرات باريس، صلاح عبد السلام، وما قد ينتج عنه من هجمات انتقامية”. وفيما يتعلق بمواجهة التطرف في أوروبا، يرى محمد أنه “يتعين على الحكومات الأوروبية مواجهة تلك الظاهرة بحزمة من الإجراءات تأتي في إطار حفاظ تلك الدول على ثرواتها الاقتصادية والبشرية من خلال معالجة التطرف وزيادة إدماج أبناء المهاجرين خاصة من الجيلين الثاني والثالث”.