عبد الباقي الظافر

شاهد عيان على ندوة نيويورك..!!


*كان مهدي إبراهيم عقب نهاية ندوة السبت الماضي بنيوروك يتحرك من باب إلى آخر مستهدياً بنصائح حراسه الأمريكان.. مضى إلى الباب الرئيسي ثم عاد إلى باب خلفي..اختيار باب الخروج أخذ وقتاً طويلاً.. كان الرجل يتوقع مواجهة مع متظاهرين خارج البناية.. أخيراً تمت الاستعدادات وخرج مهدي ورهطه من باب خلفي.. يبدو أن المتظاهرين كانوا قد تحسبوا لذلك ..حينما وصلنا إلى عربة السفير مهدي إبراهيم كان الرجل في وضع (يُحنن الكافر) كما يقول أهلنا..هتافات عالية رغم محدودية المتظاهرين.. بعضهم كان يضرب بعنف على العربة، فيما آخرون قذفوا العربة ببيض ربما كان فاسداً..رغم شدة الحصار تصرف مهدي بهدوء والتزم الصمت..
كانت تلك النهاية، فكيف كانت البداية .. منذ وصولي إلى نيويورك أخبرني مضيفي رجل الأعمال أسامة عثمان بأمر ندوة نيويورك..بالفعل تحركنا سوياً في الموعد المضروب وأحسن القائمون على أمر الندوة استقبالنا.. أول ملحظ كان قلة عدد الحضور الذي لم يتجاوز الستين فرداً مع غياب تام للعنصر النسائي..حتى هؤلاء تم حشدهم من مناطق مجاورة مثل مدينة البني وبعض مدن ولاية نيوجرسي المجاورة .. هنا يقفز سؤال عن جدوى إقامة مثل هذه الندوة المكلفة مع هذا الحضور الضعيف.. بل سؤال آخر لماذا امتنع الآف السودانيين المقيمين في نيويورك، من تكبد مشاق الحركة المحدودة لحضور الندوة.. لم تكن هنالك كاميرا لتسجيل المناسبة ومن ثم إعادة بثها.
قبيل بداية الندوة حدثت ضوضاء وضجيج أمام الباب الرئيسي ..ذهبت لاستجلاء الوضع بصفتي صحفياً..وجدت مجموعات من السودانيين عددهم أقل من عشرين فرداً يحاولون الدخول في ظل تعسف من الجهة المنظمة..اشترط منظمو الندوة توقيع كل فرد على تعهد باحترام النظام داخل القاعة وأن يكون التعهد مصحوباً بإثبات شخصية ..وجدت من بين الغاضبين بالخارج (دفعتي) بجامعة الخرطوم والناشط في صفوف حزب الأمة الصادق الزين.. تبين لي من الحديث مع هؤلاء أن منهم من يتحدث بلسان الهامش ويتهم منظمي الندوة بأنهم من عصبة السودان النيلي التي تستأثر بكل المغانم.
حاولت التوسط بين الحكومة والمعارضة عارضاً فكرة أن يكتفي الحضور بالتوقيع على محضر حضور بعد إبراز هوياتهم الشخصية دون التوقيع على ذلك التعهد..الحقيقة أن الغاضبين وافقوا على المقترح، فيما رفضت الجهة المنظمة.. وقد عقبت على هذه النقطة أثناء مداخلتي وأخبرتهم أنني وآخرين لم نوقع على التعهد، واعتبرت ذلك ضيقاً بالرأي الآخر ومحاكمة على النوايا أكثر من الوقائع.
الحقيقة أن السفير مهدي تحدث بإسهاب في الندوة حاملاً رؤية وردية عن سودان ما بعد الحوار الوطني ..كما تحدث بلسان المستضعفين في الأرض راجياً نصر الله في نهاية المطاف..هاجم مهدي إبراهيم إيران كثيراً، وقدم تبريرات للتحول المفاجيء لمواقف السودان واندغامه في محور الخليج..بل سدد مهدي شواظ من الغضب على تعليقي أن الحوار الوطني هذا لا يعدو أن يكون مضيعة للوقت وإهدار للمال.
بصراحة.. أثبت السودانيون في ندوة نيويورك عدم قدرتهم على احتمال الرأي الآخر ..حكومة الخرطوم تصادر حرية التنقل التي كفلها الدستور، وتمنع معارضين من السفر كما حدث لزميلنا فيصل محمد صالح..خصومها في الخارج لم يتعلموا الممارسة الديمقراطية من مهاجرهم واستخدموا ذات الأسلحة الصدئة مع مندوبي الحكومة، وضيقوا عليهم واسع الحركة في بلد يؤمن بحرية التعبير.