هناء إبراهيم : هل ثمة (تقويم نفسي)؟!
بعض المناطق لديها تقويم محلي خاص بتاريخ وأحداث المنطقة حيث تعتمده لأسباب متعددة.
أخبرتني معلمة بمرحلة الأساس أنها لا تعلم عمر أي تلميذ بالمنطقة التي نقلت للعمل بها وأنها لا تعلم متى دخلوا المدرسة ولا أي متى في هذه الدنيا الزائلة..
فأحدهم يخبرها أنه وُلد (سنة الطيارة وقعت) وآخر بعد سنة الطيارة وقعت بي حول، وهي لا تدري عن أي طيارة يتحدثون ومع ماذا يتوافق تاريخ سقوط تلك الطيارة التي وقعت قريباً من المنطقة.
حيث تقول: ذات مرة سألت والدة أحد الطلاب الذين طال بهم المقام في المدرسة: ابنك هذا متى دخل المدرسة، في أي عام؟! أجابتها (التقول علي قبُل ميتت محاسن بت البلة.. الله يشهد انكسرن لي تلاتة كبابي في بيت الفراش.. واجعاتني ليوم الليلة)..
عظمة الكبابي عظمة..
فتلاميذ تلك المنطقة منهم من تعلم المشي وقتما كان رطل السكر بي (تعريفة).
ومنهم من تمت ولادته عندما ذهب قسم السيد ود طه والمصباح ود التوم إلى الحج..
كل هذه التقاويم كانت هذه المعلمة تجهلها، لذا لم تعد تسأل عن شيء ذي صلة بالتواريخ حتى لا تدخل في إشكالية أخرى..
فقد كانت تجهل تماماً التقويم البلدي لتلك المنطقة..
أحياناً يربط الإنسان تاريخ الأشياء بتاريخ أشياء أخرى وأحداث عالقة في ذهنه مؤثرة في حياته..
لـكأننا نريد من تلك الأشياء أن تكون جزءاً من كل شيء..
نريد إدخال التواريخ الغائبة إلى منصة الحضور..
لاحظت ذلك في نفسي، فتذكرت نماذج مشابهة..
عندما رحلت صديقتي قبل عام صرت أربط الأشياء بتاريخ رحيلها.. هذه الصور كانت قبل وفاتها بشهر.. اشتريت ذلك الكتاب بعد وفاتها بي (33) يوماً..
هل حياتنا ترتبط تلقائياً بتاريخ رحيل من أثروا فيها، أما أننا نحاول التعلق بسيرتهم علنا نلمحهم من خلالها؟!
هل يمكن للحزن أن يشكل تقويمك النفسي؟!
أحياناً تأتي الاستنتاجات على هيئة أسئلة، تماماً كما يأتي التاريخ على هيئة حزن..
ربما يكون لدينا تقويم (محلي\ بلدي\ حزني\ فرحي) خاص جداً لا يتعارض مع التقويم العالمي، لكنه يبعث الضحك في نفوس من يجهلون به..
أقول قولي هذا بعد رحيلها بي ألمين وفقد.
و………..
الحمد لله
لدواعٍ في بالي.
برضو زيك يا بحر
البنت دي مدهشة
و بتكتب من زوايا خافية
تدركها وحدها
حفظها الله
(بنت ليس تقليلا من شأنها و لكن لإني عجوز)