رأي ومقالات

الصحافة الورقية لن تنتهي

مسؤول، يذهب إلى السوبرماركت ليشتري صحيفته المفضلة ويعود إلى المنزل لقراءتها قبل مغادرته لعمله.

لديه «آي بادي»، وثلاثة هواتف ذكية.. سألته لماذا لا تتابع صحيفتك على موقعها الإلكتروني؟ قال: بعد أكثر من سنتين من متابعتي للصحف والمقالات والتعليقات على الهاتف بدأت أشعر بصداع، وكان التشخيص اعتلال في الشبكية فذهبت إلى دولة أوروبية لمعالجة ما أصابني ونصحني الطبيب أن أخفف من مطالعة الأجهزة الإلكترونية فبات لدي رغبة وحب لقراءة الصحيفة الورقية.

قبل أكثر من ثماني سنوات كانت «الصن» أعلنت حينها أنها سوف تصدر طبعتها الأخيرة الورقية بعد سنتين وتحديدا في العام 2010 وأذكر أننا كتبنا تقريرا عن هذه الكارثة التي ستصيب الصحافة الورقية.. واستمرت الصن دي أو الإندبندنت إلى يوم أمس الأول لتعلن وفاة نسختها الورقية لصالح نسختها الإلكترونية.

فهل اتخذت الخطوة الصحيحة أم إنها أيضا ستفشل وتغلق موقعها كما الكثير من المواقع؟

وحقيقة.. ان من عاش في بريطانيا بالذات يرى أن الناس تنشغل أثناء وقوفها أمام محطات المترو أو خلال ركوب القطار بقراءة الكتب أو الصحف.. قد ينعكس الحال بمطالعة الجوالات الذكية التي زحفت بقوة محل الورقية.

أجرينا في الوطن تحقيقا وكانت نسبة من يفضلون الورقية أكثر من نسبة من يفضلون الإلكترونية للأسباب الصحية حيث يحذر متخصصون في البصريات من أن إدمان النظر على شاشات الهواتف الذكية من شأنه أن يزيد من مخاطر الأضرار التي تصيب العين، إضافة إلى الصداع وقلة النوم.

ويقولون إن التعرض لإضاءة الهواتف وأجهزة الكمبيوتر، والحواسيب اللوحية، إضافة إلى الشاشات المسطحة، يمكن أن يؤدي إلى ضرر على المدى الطويل.

وجاءت التحذيرات بعد استمارة استبيان وزعت على 2000 شخص، أفادت أن المستطلعين يطالعون هواتفهم الذكية قرابة 32 مرة في اليوم.

وبحسب أخصائي البصريات آندي هيبورث، فإن الأشعة البنفسجية الصادرة من هذه الأجهزة قد تسبب أضرارا على مؤخرة العين، ولذلك فإنه من المحتمل أن تلحق هذه الأشعة أضراراً بالغة على المدى الطويل.

ويقول آندي: «حينما تحدق في شاشة هاتفك فإن أعلى درجات تلك الأضواء هي الأشعة البنفسجية».. مشيراً إلى أن الاختبارات أظهرت أن إكثار التعرض إلى الأشعة البنفسجية يمكن أن يضاعف خطر ما يسمى بـ«الضمور البقعي»، الذي يعتبر السبب الرئيس للعمى.

وبحسب ما نشرته إذاعة «بي بي سي» الأولى في موقعها على الإنترنت، فإنه على رغم إيمان علماء البصريات بفائدة الأشعة البنفسجية في تنظيم الساعة البيولوجية، إلا أن التعرض المكثف لهذه الأشعة يمكن يؤثر على النوم والمزاج.

ويرى آندي أن هذا الضرر هو مزيج من قلة الطرف (إطباق الجفون)، إضافة إلى تقريب الهاتف من العين بأقرب مما يفعله الشخص مع بقية الأشياء، جميعها تتسبب في إجهاد العين.

هذه الحالة أمر بها الآن لذلك.. لن أتابع الصحافة الإلكترونية التي أدمنتها أكثر من 5 سنوات.. وأنا أؤمن أن الصحافة الورقية لن تنتهي فقد صمدت في وجه الترانزستور أواسط خمسينيات القرن الماضي وصمدت أمام الشاشة الصغيرة التي دخلت كل بيت.. وباتت مفضلة بل عادة من عادات الناس من الوزير إلى الخفير.

فالصحافة الورقية لن تنتهي وستعود أقوى.. فالمعلن يحب أن يرى إعلانه واضحا لا خلف شاشة معتمة.. والله من وراء القصد.

بقلم : سمير البرغوثي – الوطن القطرية