الراحل د.حسن الترابي في حديث استثنائي عن انتفاضة أبريل .. لما هم نميري بتطبيق ” قوانين الشريعة ” وحتى لا تنسب لي أخذني من وزارة العدل
هنالك اتهامات لكم كإسلاميين بأنكم ساعدتم في إطالة عمر النظام المايوي بالمشاركة فيه مما افضي إلى تأخير الإطاحة بالنظام ،فما هو ردك علي ذلك الاتهام ؟
لو صدق ذلك للازمناه إلى يوم الممات (ضحك) ولكن من أول أمر المصالحات كنا آخر المصالحين ، كانت المصالحة الوطنية بالطبع بعد الهجمة العسكرية الوطنية من ليبيا من كل الأحزاب التقليدية بقيادة حسين الهندي عملاً والصادق المهدي سياسة وشارك الأخوان المسلمون أو جبهة الميثاق الإسلامي بهجمة عسكرية علي الخرطوم وبعد ذلك أدرك النظام انه حيثما كان يدركه الخطر ولو كان في بروج محصنة من الأمن والجيش وأدركت المعارضة بانها من العسير عليها بهذه التركيبة أن تزيل النظام بالقوة.
وبدأ التصالح وتعلم من بدأ التصالح وبدأ (التراضي) ببورتسودان ثم اعقبه توافق مع الهندي بلندن لكنة لم يقبل رحمة الله علية ثم بدأ الاتصال بنا في السجن لنتصالح لكننا رفضنا الكلام في السجن ولكن اطلق صراحنا ودخلنا في المصالحة ودخلت كل القوي السياسية .
من أول يوم اشترطنا ان تكون لنا حرية الكلام وأباح لنا حرية التنظيم و المنظمات غير السياسية طبعاً وكان كل الناس في إطار الاتحاد الاشتراكي مثل المؤتمر الوطني الآن كالإطار المصطنع مع الرئيس إذا سقط الرئيس سقط معه واذا قام قام معه وأتاح لنا حرية الكلام في الانتخابات ففي الانتخابات يفوز الرئيس بنسبة (99.9)% وكأن الشعب لا توجد به معارضة وحتي (النعجة) المئوية هو أراد أن ينال اغلبها أيضاً.
وكان تأيد النميري لاتفاقية السلام التي عقدها السادات مع إسرائيل خلافاً للدول العربية ولكن موقفنا مع ذلك كان علناً وعبرنا عن ذلك في الندوات ونحن في مواقعنا تلك وهذه المواقع اصر عليها ولم نكن نريدها ولكنهم أصروا علينا وهم يريدون ان يرهنونا بوزير أو وزيرين وظل الأمر كذلك كان تصالح أن تقول ما تشاء وتعارض كما تشاء كمعارضة.
*يادكتور هل يمكن ان تعطينا تفاصيل اكثر حول الفترة التي شهدت توتراً في العلاقة بينكم والنظام المايوي ما قبل الانتفاضة وماذا حدث بالضبط؟
كنت اهم بالسفر الي تونس لعمل في الجامعة العربية وانا كنت وقتها مساعداً لرئيس الجمهورية للشئون الخارجية بعد أعفائي من منصب العدل والنائب العام الذي تقلدته لفترة طويلة ولما هم بتطبيق قوانين الشريعة –وهنا يقصد نميري- وحتي لا تُنسب لي اخذني من هنا كووكل آخرين وأمر المستشارين الذين هم طلابي وأصدقائي بان لا يتحدثوا لي أصلاً حتي لا يشاركه احد في تطبيق الشريعة.وفي منصبي الجديد امرهم ان لا يمدونني بأي شيء رغم أنني أصلاً لم اكن محتاجاً لها (ضحك) فكنت اقرأ الصحف واتصل والسفراء يأتونني والمراسلون يأتونني وأنا فارغ في (السجن). وحينما كتبت له رسالة قلت له انني مغادر قالي لي –وهنا يقصد نميري- يمكن ان القاك ولقيتة وقال لي تواترت علي تقارير تتهمكم بانكم تدبرون شيئاً فقلت له هي لا تتواتر هي تاتي من مصدر واحد لكن يدخلونه عليك من مصادر شتي حتي تظن ان الشهود تواتروا وثانياً هم لا بقصدونك في شخصك وإنما لأنك حاولت أن تطبق الشريعة بنهجك لا بالمنهج ،وثالثا منعهم من ان يتصلوا بي ولكن اتصلوا بي فهم في النهاية طلابي.
حقيبة للسفر وأخري للسجن
كان هذا اللقاء يوم الاربعاء وكان من المقرر ان أسافر مساء الجمعة الي تونس والتقيت به بالجمعة بمسجد القوات المسلحة فبدل ان نتبادل تقبل الله باليد ضمن إليه تنازعت اشياء وانا كنت معه في ذات الداخلية وذات المدرسة الثانوية وكان صديقاً حتي حينما كان في الجيش قبل مايو وهو كان بين نزع ودفع ووقتها أدركت ان الأمر اصبح وشيكاً وفعلاً بعد ان علمت انه مع صاحب له ببورتسودان قال له انني مضر هذا المساء للقبض علي الترابي وجاء لي زوار كثر لدواعي وبعد مغادرتهم مباشرة هيأت حقيبتين احداهما للاحتياط للسجون والثانية لتونس –ضحك- وفعلا دخل علي ضابط امن معتذراً ويبدوا عليه الحرج وبعدنا اخذنا الي بيت الضيافة بشارع الجامعة وبعد قليل بدأت تضرب الموسيقي العسكرية مما كان يوضح ان حدثاً جليلاً قد وقع ومن بعدها خطفونا الي الطائرة الي الفاشر وشالا، ومسكين مدير سجن شلا لم يعرف ان ضيوفاً سيأتون اليه وهو طلعاً لم يهيئ لنا طعاماً او شراباً حتي لم يكتب له تمويناً.
حاوره : خالد عبد العزيز وماهر ابوجوخ
صحيفة السوداني