تدخل سياسي وليس عسكرياً
لفتت صحيفة التايمز البريطانية إلى أن “المجتمع الغربي يبحث كيف يمكن إرسال قوة عسكرية إلى ليبيا”، محذرة “من أن بريطانيا وحلفاءها يرغبون في إنهاء حالة الفوضى التي أعقبت نهاية حكم الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي عام 2011، لكنهم يسيرون في الاتجاه الخطأ”. وأوضحت الصحيفة أنه “من السهل ملاحظة العوامل التي تغري بالتدخل عسكريا في ليبيا، حيث يتمدد تنظيم (داعش) ليبث سمومه ويزعزع استقرار دول مجاورة مثل تونس”، منبهة إلى أن “موجة الهجرة الصيفية” عبر ليبيا قد بدأت للتو، وربما يستغلها التنظيم لتهريب جهاديين إلى أوروبا”.
إذن عاد الحديث مجدداً عن التدخل العسكري في ليبيا على الرغم من اعتراف الرئيس الأمريكي باراك أوباما بخطأ التدخل في ليبيا، وفي مقابلة أجرتها معه فضائية (فوكس نيوز) يوم الأحد, سئل عن أسوأ الأخطاء التي ارتكبها خلال رئاسته للبلاد, قال أوباما “ربما يكون هو فشلي في وضع خطة لما بعد التدخل في ليبيا الذي اعتقدت أنه العمل الصحيح”.
التدخل المتوقع من شأنه مضاعفة الأخطاء في ليبيا أكثر من إعادتها إلى الاستقرار، والمجمتع الدولي بحاجة إلى تحرك سياسي أكثر منه عسكري من أجل تمكين الحكومة الليبية الجديدة من بسط الأمن والاستقرار والعمل على حل سياسي من الليبيين أنفسهم.
المطلوب تحركات سياسية أكثر منها عسكرية على غرار ما قام به وزير الخارجية الإيطالي باولو جنتيلون الذي قام بأول زيارة لمسؤول غربي إلى طرابلس بعد أكثر من عام ونصف عام من العزلة السياسية. وأنهى جنتيلوني بزيارته المقاطعة التي فرضها المجتمع الدولي على سلطات المدينة منذ احداث صيف العام 2014، لتصبح إيطاليا، القوة الاستعمارية السابقة في ليبيا، أولى الدول الغربية العائدة إلى طرابلس بعدما كانت آخر من غادرها. وحدَّد الوزير الإيطالي في الزيارة التي استمرت نحو ثلاث ساعات ونصف ساعة أولويات بلاده، ومعها المجتمع الدولي في ليبيا، وهي العمل على تثبيت سلطة حكومة الوفاق الوطني، ثم مساعدتها عسكرياً لمواجهة الخطر الجهادي ما أن تطلب ذلك.
نعم المطلوب بدلاً عن التدخل العسكري المباشر مساعدة الحكومة الليبية في حربها ضد الميشيات الخارجة عن السيطرة الحكومية وداعش، التي حولت ليبيا إلى واحدة من أهم معاقلها، وهو ما يضاعف القلق الأوروبي من وجود داعش على شواطئ المتوسط، خصوصا في هذا التوقيت، حيث تفجيرات باريس وبروكسل الأخيرة لا تزال تبث الرعب في العواصم الأوروبية، وهددت داعش مؤخرا بتفجيرات أخرى في عواصم أوروبية. وبحسب صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية يعتقد أن بريطانيا وألمانيا وإيطاليا قد تكون على رأس الدول التي يستهدفها (داعش) في المستقبل.