الخرطوم.. مدينة تُهدد سكانها بالتلوث البصري.. البحث عن نظافة
شُوهد الفريق أول عبد الرحيم محمد حسين والي ولاية الخرطوم يتجول راجلاً منتصف ليلة أمس الأول بموقف الشهداء بأم درمان ومن ثم امتطى سيارته دون حراسة (هذه هي طريقة الرجل منذ أن كان وزيراً للدفاع لا يحيط نفسه بسواتر)، وأكمل جولته على مواقع عديدة بأحياء وأسواق مدينة أم درمان.
كان عبدالرحيم محمد حسين يطوف على وسط الخرطوم بين أزقة السوق العربي وموقف جاكسون ليقف على الوضع بنفسه دون الركون للتقارير التي توضع على مكتبه كل يوم. هذا الخبر تناقلته صحف اليومين الماضيين، وكذلك راج بشدة في الأسافير.. ونشير إلى أن الزيارات المباغتة والجولات دون حراسة تميز بها هذا الجنرال دون غيره من الولاة، فقد عُرف عنه دخول مؤسسات وأسواق ولايته ليل ونهار دون سابق ميعاد، من أجل مشاهدة وجه المدينة قبل إضافة مساحيق التجميل عليه، بواسطة صغار الموظفين والمعتمدين، لو نما لعلمهم خبر الزيارة.
مردود جيد
قطعاً الجولات مثل تلك التي ينفذها عبدالرحيم محمد حسين، لها مردود رائع على المنطقة المقصودة، وأيضاً تمتد فائدتها لبقية أجزاء الولاية التي يتحسس الموظفون فيها مواقعهم حين يعلموا أنهم قد يباغتون بزيارات مفاجئة، لكن المهم في زيارة جولات الوالي الأخيرة على أم درمان والخرطوم هو أنه ابتدع اسماً جديدا للتردي البيئي بالخرطوم، حيث عرفه بالتلوث البصري، وحذر القائمون على أمر النظافة بالمحليات من خطورته على المواطنين، ورغم أنه تحذير مثل هذا معلوم بالضرورة إلا أن المغزى منه عدم رغبة الوالي في مشاهدته في جولته المفاجئة القادمة، بحسب قراءة (زياد عبدالله) تاجر بسوق ليبيا لحديث الوالي، ويرى زياد أن صبر الفريق عبدالرحيم محمد حسين بدأ ينفد بعد أكثر من عام تقريبا ظل خلالها يوجه باستمرار بمضاعفة الجهود للارتقاء بالبيئة ونظافة الأحياء والأسواق، لكن تقاعس بعض الموظفين عن أداء مهامهم جعله يصدر مثل هذا الوصف على التردي البيئي، فصار عنده تلوثاً بصرياً، وهو وصف غاية في الدقة والمنطقية.
نهج إداري متقدم
كذلك رأى عبدالرحيم علي – يسكن الحارة (30) أم بدة – أن خطوة الفريق عبدالرحيم محمد حسين باللجوء للطواف بنفسه على الأسواق والأحياء للوقوف على مستوى الخدمة، نهجاً إدارياً حقيقياً، يجنب المسؤول الوقوع في ورطة إدارة الشأن العام عبر التقارير، والحديث لـ (عبدالرحيم علي)، الذي ألمح إلى أن فائدة الخطوة ظهرت جلية من خلال رفض الوالي لتردي البيئة، ووصفه له بالتلوث البصري، وهو إشارة واضحة للقائمين على أمر النظافة بأنهم أمام واجب نظافة المدينة بالصورة المثُلى في أسرع وقت بناءً على رغبة الوالي شخصياً، وإذا تأخر الأمر فلن يستغرب أحد إذا طُلب منه القيام من المقعد الذي يجلس عليه، ليأتي من هو قادر على جعل النظافة واقعا يجنِّب العيون الإصابة بالتلوث البصري، كما أطلق عليه الوالي، وهذه دلالة واضحة على عدم رضاه عن القائمين على أمر النظافة في الولاية كلها.
فرق شاسع
بالتأكيد ليست الخرطوم وحدها ما تعاني من قضية النظافة، فبقية المدن الأخرى تكتوي بالنار ذاتها، لكن البُّون شاسع ما بين الخرطوم وغيرها.. فالأولى بجانب أنها العاصمة والواجهة للبلد لها تاريخ ناصع في النظافة، حيث كان يطلق عليها في مطلع القرن الماضي اسم زهرة أفريقيا لشدة تفتحها ونضارتها وجمالها، فهي المدينة الوحيدة التي كانت لا يدخلها أشخاص ينتعلون الصنادل أو السفنجات، وأن شوارعها تُغسل كل مساء بالصابون وتُرش بالعطر، ويتحدث سكانها بلغات الأرض جميعا ويسهرون حتى الصباح باستمرار. ولهذا بدأ الفريق أول عبدالرحيم محمد حسين السعي حثيثاً من أجل العودة بها لتلك الحقبة، رغم أن المهمة تبدو عسيرة، ولكنها أقل من المستحيل بقليل، ويمكن أن تتحقق على الأقل بصورة ترد له بعض من كرامتها المباحة تحت المزابل وبين الأوساخ. وهذا يحتاج مزيداً من الجولات الفجائية لمواقع وأسواق وأحياء أخرى، بجانب تفعيل وضبط حركة آليات النظافة التي ساهمت فيها توفير الدولة والمنظمات الصديقة، منها جايكا اليابانية، التي تبرعت بمئات منها كما قطع بذلك زياد عبدالله.
الخرطوم – محمد عبدالباقي
صحيفة اليوم التالي
لله درك ياعبدالرحيم….ربنا يوفقك
حقيقة هذا نهج سليم نتمنی ان يتواصل ويثمر ويوتي اكله و مقصده
كما نتمنی ان ينعكس ذلك علی جميع الجوانب الصحية والتغليمية وعلی الاسواق
.
.
.
كان الله في عون الوالي عبدالرحيم محمد حسين
وربنا يوفقه الی ما فيه خير هذه الامة