عالمية

حين قال ولي العهد السعودي “خففي السرعة” لملكة بريطانيا

مغطاة الرأس بما يشبه الحجاب، كانت تتمشى قرب قصر Balmoral المخصص لعطلات ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية في اسكتلندا، فاستوقفها سياح أميركيون، وسألها بعضهم عما إذا كانت من المنطقة، وهل سبق وعرفت الملكة شخصياً، فأجابت: “أنا لا. أما هو فنعم” وأشارت بيدها إلى رجل كان برفقتها.

ذلك الرجل، لم يكن سوى الحارس الشخصي لمن أجابت عن السؤال من دون أن يتنبه إليها السياح بسبب الغطاء على رأسها، وكانت نفسها الملكة التي يحتفلون هذا الخميس بمرور 90 سنة على ميلادها في الثانية و40 دقيقة فجر 21 أبريل 1926 بمنزل جدها لأمها في لندن، على حد ما قرأت “العربية.نت” في سيرتها، وهي من أسهل ما يتم العثور عليه “أونلاين” بمعظم اللغات عن سير المشاهير.

كانت خدعة رشيقة من الملكة للسياح، ذكرها لأول مرة حارسها الشخصي Richard Griffin لصحيفة “التايمز” البريطانية قبل يومين، ومعها ذكر ما سبق وذكره سفير بريطانيا من 2003 إلى 2006 بالرياض، شيرارد كوبر- كولز، في كتاب سمّاه Ever the Diplomat وتضمن مذكراته، ومنها ما حدث في 1998 حين كان الملك السعودي الراحل، عبدالله بن عبدالعزيز، ولياً للعهد وزار بريطانيا ذلك العام، فدعته الملكة لتناول الغداء بقصر “بالمورال” في مقاطعة “آبردينشير” الاسكتلندية.

“وركّزي على الطريق فقط”

بعد الغداء، سألته إذا كان يرغب بجولة، شجعه عليها وزير خارجيته، الأمير الراحل فيما بعد سعود الفيصل، فوافق ولي العهد، ووضعوا “لاند روفر” أمام القصر لتقله، فصعد وجلس على الكرسي الأمامي، وجلس مترجمه في مقعد خلفي، وفجأة أقبلت الملكة وجلست على كرسي القيادة، وأدارت السيارة وبدأت بقيادتها، وراحت تتحدث إلى الأمير عبدالله، وفي الوقت نفسه تزيد من السرعة على طرق ضيقة.

ومع استمرار الحديث واستمرار القيادة بسرعة طلب ولي العهد من المترجم مبتسماً وممازحاً أن يقول لها: “صاحبة الجلالة، خففي سرعة السيارة، وركزي على الطريق فقط”، طبقاً لما نقل السفير عن ملكة، هي أكثر من طال بقاء التاج البريطاني على رأسه طوال 1200 عام مضت من التاريخ، وعاصرت بحسب ما راجعته “العربية.نت” أيضاً، استقلال جميع الدول العربية عن مستعمريها، كما عاصرت 12 رئيساً أميركياً، زاروها وزارتهم، منذ تتويجها في 1952 للآن، ومقبلة إذا ما امتد بها العمر على معاصرة الرئيس الثالث عشر في يناير المقبل.

بتتويجها أصبحت إليزابيث الثانية ملكة دستورية على 16 ولاية ملكية بالعالم، هي إضافة لبريطانيا: كندا، أستراليا، نيوزلندا، جامايكا، باربادوس، باهاما، غرينادا، بابوا غينيا الجديدة، جزر السولومون، توفالو، سانت لوسيا، سانت فنسينت وغرينادينز، أنتيغا وبربودا، بيليز، وسانت كيتس ونيفيس. وعلى عملاتها طبعوا صورتها وحفروها في وعلى أكثر من 23 مليار ورقة وقطعة نقد معدنية بالمملكة المتحدة و33 من دول الكومنولث أيضاً، وأصدروا للآن أكثر من 220 مليار طابع بريدي ممهور برسمها.

زيارات بدأت في 1954 إلى 13 دولة عربية

زارت إليزابيث الثانية كل الدول العربية، باستثناء لبنان وفلسطين وسوريا والعراق ومصر وموريتانيا. وأول بلد عربي زارته بعد وراثتها للعرش، ولكن ليس رسمياً، كان اليمن الذي اقتصرت رحلتها إليه في 27 أبريل 1954 على “ولاية عدن” ضمن جولة إلى دول الكومنولث مع زوجها الأمير فيليب على متن اليخت الملكي “سوربرايز” واستمرت 6 أشهر.

بعدها في أول مايو ذلك العام زارت ليبيا ليوم واحد، في رحلة اقتصرت على مدينة طبرق، عند الحدود مع مصر، وفيها استقبلها العاهل الليبي الراحل، الملك إدريس السنوسي، وكان استقباله لها حافلاً، طبقاً لما قرأت “العربية.نت” في أرشيفات الزيارة التي كانت “إجلالاً لمن قضى من جنود الكومنولث” في معارك الحرب العالمية الثانية بالعلمين وجوف الصحراء بالشرق الليبي.

وأول بلد عربي زارته رسمياً، هو السودان في 1965 بدعوة وجهها إليها قبل عام رئيسه الفريق إبراهيم عبود، حين قام في 1964 بزيارتها، فلبتها بعد أن أطاحته ثورة أكتوبر 1964 الشعبية، والشبيهة إلى حد ما بثورة “ربيع عربي”، قادها عليه طلاب جامعة الخرطوم، فحقن الدماء وسلم السلطة لحكومة انتقالية كونتها “جبهة الهيئات” ذلك العام، وبعده زارت الكويت في 1979 والبحرين والسعودية وقطر والإمارات وعمان، وتلتها في 1980 بزيارة تونس والجزائر والمغرب، ثم في 1984 الأردن، وبعده زيارة ثانية في 2010 للإمارات وعمان، ومنذ ذلك العام لم تهبط طائرتها في أي مطار عربي.

حال العرب حين أصبحت إليزابيث ملكة

ملكان وأمير ورئيسان عربيان لم يكونوا في 1952 من سكان هذا العالم حين اعتلت الأميرة إليزابيث عرش بريطانيا: الملك الأردني عبدالله الثاني، المولود في 1962 بعمان، ونظيره المغربي محمد السادس، الذي أبصر النور في 1963 بالرباط، إضافة لبشار الأسد، المولود في 1965 بدمشق، كما وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني، وهو من مواليد 1980 بالدوحة، كما ورئيس وزراء ليبيا، فايز السراج، المولود في 1960 بطرابلس.

أما العالم العربي، فكان زمن إعلانها ملكة مختلفاً جداً عما هو الآن، فلا حركات متشددة كانت فيه، وزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن لم يكن أبصر النور بعد، وخليفته أيمن الظواهري كان طفلاً يحبو بعمر سنة و18 يوماً في بيت ولد فيه بالقاهرة، عاصمة البلاد التي بالكاد كان سكانها يزيدون في 1952 عن 22 مليون نسمة. أما “الخليفة الداعشي” أبو بكر البغدادي، فلم يكن من مواليد الأرض إلا بعد 19 سنة من اعتلائها للعرش.

الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، كان طفلاً عمره سنة و10 أشهر في بيت عائلته بحي الجمالية، حيث ولد في 19 نوفمبر 1954 بالقاهرة، وكان رئيس وزراء العراق حيدر العبادي رضيعاً عمره 7 أشهر في 1952 ببغداد. أما الرئيس الفلسطيني محمود عباس، فكان طالباً مراهقاً بعمر 17 في مدينة صفد، حيث أبصر النور، وأصغر منه بخمسة أعوام كان السلطان قابوس ينتظر دوره لينتقل في 1952 من “مدرسة السعيدية” حيث تعلم العربية والمبادئ الدينية بمدينة صلالة في عمان، إلى ثانية ابتدائية.

صورة تجمع ملكة بريطانيا (90 عاما) مع ولي عهدها الأمير تشارلز (67 عاما) والثاني في ترتيب العرش الأمير وليام (33 عاما) والثالث في الترتيب الأمير جورج (عامان)

العربية نت