محمود الدنعو

مانديلا في رام الله


هو قدر الزعيم نيلسون مانديلا – إذن – أن يقبع في سجون سلطات الفصل العنصري بجنوب أفريقيا 28 عاما ثم يحتجز مجسم للمناضل الأفريقي لمدة شهر لدى سلطات الاحتلال الإسرائيلي، ولتبقى فقط سلطات الفصل العنصري بجنوب أفريقيا سابقا، وسلطات الفصل العنصري في فلسطين المحتلة حالياً الجهتان الوحيدتان اللتان اعتقلتا مانديلا حياً ورمزاً، وتكرهان هذا المناضل الذي ألهم وألهب العالم بنضالاته من أجل الحرية والتحرر من أشكال الاحتلال كافة، عند رحيله اجتمع العالم أجمع في موكب جنازته الشرق أتى والغرب أتى، اجتمع الأصدقاء والفرقاء على جنازته وعلى الاعتراف بنضاله كأيقونة للبشرية عندما تنشد الحرية والكرامة الإنسانية، واللافت أن جنازة مانديلا كانت سبباً مباشراً في إنهاء قطيعة بين الولايات المتحدة وكوبا امتدت لنصف قرن عندما التقى الرئيسان الكوبي والأمريكي وتصافحا لأول مرة في مراسم جنازة مانديلا.
رمزية المناضل مانديلا تجد صداها في فلسطين التي تتمتع بعلاقات جيدة مع جنوب أفريقيا وسند قوي لقضيتها العادلة في المحافل الدولية بفضل وصية مانديلا.
تستعد مدنية رام الله الفسلطينية لأهم حدث في تاريخها الحديث عندما يزيح الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الثلاثاء المقبل، الستار عن مجسم ضخم للزعيم مانديلا في ميدان بحي الطيرة الراقي في المدينة.
وأكدت بلدية رام الله، في بيانها، بحسب ما أوردت وكالة (الأناضول) إن “المجسم هو الأكبر والأول من نوعه خارج جنوب أفريقيا، وبموافقة مؤسسة نيلسون مانديلا”، وهو مصنوع من البرونز، ويبلغ ارتفاعه 6 أمتار، قامت بلدية جوهانسبرغ بتحمل تكاليف تصنيعه وشحنه إلى فلسطين، كهدية إلى رام الله التي تربطها ببلديتها علاقة توأمة.
ولكن رحلة مسجم مانديلا من بلاد الحرية إلى بلاد الاحتلال التي تنشد الحرية لم تكن سلسة كما هو متوقع، وكما هي حياة المناضل الأفريقي الكبير مانديلا التي كانت سلسلة من المشقات في سبيل هدف أسمى، وهو الحرية والعدالة لشعب جنوب أفريقيا الذي كان يرزح تحت نير الفصل العنصري تماما كما هو شعب رام الله وفلسطين عموما الذي يعيش معاناة الاحتلال الإسرائيلي الذي يفرض على فلسطين المحتلة حصاراً من كل شيء حتى من دخول رمز النضال مانديلا حتى لا يقدح مزيد من شرارات النضال ويضخ الحماسة في دماء الشباب لمواصلة الكفاح من أجل الحرية الاستقلال، وقامت سلطات الاحتلال الإسرائيلي باحتجاز المجسم لنحو شهر، قبل السماح بدخوله إلى الضفة الغربية.
وقال رئيس بلدية رام الله، موسى حديد إن مانديلا اختار أن يكون في فلسطين كأول دولة بعد وطنه الأم، لارتباطه الوثيق بالقضية العادلة للشعب الفلسطيني.