مشاهد مخيفة لزعيم .. “عاقبته امرأة بعد إعدامه”
ملامح متجهمة، لكنها مألوفة، وجه مُستدير وشفتان معقودتان، قبضة صلبة ترتفع في الهواء بين الحين والآخر مُنتظرة تعالى أصوات الجمهور بالتحية والهتاف، إنه بينيتو موسوليني، زعيم إيطاليا في ثوبها الفاشي، ديكتاتور عتيد ورئيس وزراء البلاد لـ 21 عامًا مُتتالية، أسر خلالها قلوب الجماهير بخطابه فقادهم إلى أهم حدث في القرن العشرين، الحرب العالمية الثانية.
ورغم بدء مشواره كقطب في الحزب الاشتراكي، وتطوره في طريق الصعود للسلطة إلى مؤسس الحزب الفاشي، كُتبت نهاية «موسوليني» حليفًا لألمانيا النازية، صديقًا مُطيعا خلال الحرب الكُبرى، أنهك جيشه وكبده خسائر عسكرية مُبكرة إنما تسببت في خروجه عن المشهد السياسي قبل أن تُلقي الحرب أوزارها الأخيرة.
وفي حين يُسيطر التعقيد على مشوار صعوده، لم تكن آخر مشاهد حياته أكثر بساطة، فمع نهاية الحرب العالمية الثانية واقتراب ألمانيا النازية من سقوط مصيري في إبريل عام 1945 كان «موسوليني» خارج السُلطة رسميًا منذ ما يصل إلى عامين، وذلك بعد تنحيه عن سُدة الحُكم من قبل ملك إيطاليا، فيتوريو إيمانويل الثالث على خلفية عدة سقطات عسكرية إبان الحرب إلا أن ذلك لم يعصمه لهيب خسارة حرب حصدت أرواح الملايين، فكانت الدموية علامة مُميزة للفصل الأخير في حياة الزعيم الفاشي، لم ينته باختراق طلقات الإعدام الآلية لصدره بل استمر يسرد وقائع تاريخية لتُعطي مثالا تاريخيا لا يُنسى لنهاية الديكتاتور.
وفي هذا التقرير رصدت صحيفة المصري اليوم، مشاهد تاريخية في إعدام الديكتاتور الإيطالي بينيتو موسوليني.
مشهد 4: بداية النهاية
بحلول شهر يوليو من عام 1943 كان ملك «إيطاليا» والقيادة العامة الفاشية استقرا على التخلص من زعيمها الفاشي موسوليني، بعد فصول من إنهاك الأخير للجيش في القارة السمراء، تطورات ميدانية أخرى كانت قد رسمت كلمة النهاية، بينها سقوط جزيرة «صقلية» في قبضة الحلفاء كما ورد في موقع History.com، خاصة مع وصول الحلفاء لعتبات إمبراطوريته المزعومة وذلك بتمكنهم من قذف «روما» عاصمة الفاشية في الشهر ذاته كما ورد في وثائقي «موسوليني .. كابوس إيطاليا».
اعتُقل «موسوليني» وحُددت إقامته مع عزله من منصب رئيس الوزراء، إلا أن حلفاءه النازيين لم يقبلوا بإهانة حليفهم العجوز، ففي سبتمبر من العام ذاته، نظم النازيون عملية لإنقاذه من محبسه تمت بنجاح، وبالقوة النازية وُضع الحليف المنبوذ مرة أخرى على رأس السُلطة إلا أنها ليست المُخول لها حُكم إيطاليا كاملة، بل فقط «الجمهورية الإيطالية الاشتراكية» أو «جمهورية سالو» إحدى ظلال النازية على الأراضي الأوروبية، انقسمت بذلك «إيطاليا» إلى جزأين، تسبب ذلك فيما يُشبه حرب أهلية ضارية.
مشهد 3: الهروب شمالًا
بحلول إبريل من عام 1945، لم يعد بوسع «هتلر» النازي مُعاضدة حليفه، فكان آخرون على وشك إسقاط الرايخ الثالث، ومع الزحف المُستمر على ألمانيا بخسارة الحرب تحصن هتلر ببرلين، فيما عانى «موسوليني» وحيدًا في الجنوب فُقدان ألمانيا النازية المُتداعية للسيطرة على شمال إيطاليا، وفي 25 من إبريل وافق الزعيم الفاشي على حضور جلسة مع وفد مُناهضي الفاشية، وهناك علم لأول مرة بتداعي الأمل الوحيد، استسلمت ألمانيا.
في عامه الـ62 اصطحب «موسوليني» حبيبته، كلارا بيتاتشي البالغة من العمر 33 عامًا فقط وفرا إلى ميلان في سيارة رياضية من طراز «ألفا روميو» في مُحاولة للبعد عن الحلفاء في تقدمهم المُستمر.
في صباح اليوم التالي كان من المُفترض أن تستمر عملية الهروب لأبعد نقطة، حيث انضم الثنائي لقافلة هاربين بين مستشارين ومُساعدين فاشيين وجنود ألمان، تقدم الجميع شمالًا باتجاه بُحيرة «كومو» والحدود السويسرية إلا أن القوات المُناهضة للفاشية أوقفت القافلة بالقرب من قرية «دونجو» فأنهت الخطط جميعها، كان «موسوليني» مُتخفيا آنذاك بلباس جُندي نازي، تعرف عليه الجميع من اللحظة الأولى رغم ذلك.
مشهد 2: رشاش آلي
اعتُقل «موسوليني» وحبيبته في منزل ريفي حيث قضيا ليلتهما الأخيرة، بعد أن خاف الجنود من أن يُحاول النازيون تحريره من الأسر مرة أخرى، في صباح الـ 28 إبريل عام 1945 اقتيد الثُنائي إلى قرية جولينو دي ميزيجرا على ضفاف بُحيرة «كومو».
بغير مُحاكمة أو شهود، أُمرا بالوقوف أمام حائط صخري، وانهالت عليهما الرشاشات بوابل من الرصاص كتب كلمة النهاية الفعلية للثنائي، أُعدم «موسوليني» إلا أن سيرته لم تنته بعد.
مشهد 1: استقبال أخير
في الـ29 من إبريل من العام ذاته، وُضع جثمان «موسوليني» و«بيتاتشي» و 14 آخرين من الفاشيين في شاحنة، ونقلوا إلى ميلان، ميدان «لوريتو» على وجه التحديد حيث كان في انتظارهم استقبال حاشد من الجماهير التواقة للتأكد من وفاة الديكتاتور، غاب الهتاف باسم الزعيم وبات التشفي سيدًا للموقف، آلاف ينتظرون وصول الجثمان الذي لم يخل موقع استقباله من رمزية، ففي الميدان ذاته، ومنذ ما يُقارب 8 أشهر فقط، أمر «موسوليني» بالعرض العلني لجثامين 15 من مُناهضي الفاشية بعد إعدامهم، عُرضت جُثته ومُعاونيه كذلك لساعات، إلا أنها لم تُستقبل بالآلام والنحيب، بل بأكوام من الخضروات المُجهزة للقذف على جُثمان الزعيم «الفاشي» الذي عُلق من قدميه في الساحة العامة قبل أن يتم سحبه إلى أرض الميدان حيث أصبح عرضة لركلات الأقدام والتمثيل العلني الجماعي من آلاف الحاضرين.
تلك لم تكن المرة الأخيرة التي يُقتل فيها «موسوليني» فبعد اجتماع الآلاف على إهانة جسده تقدمت سيدة وفي يدها مسدس وأطلقت على جسده الهامد خمس رصاصات أخيرة انتقامًا لاغتيال قواته أبنائها: «هذه خمس رصاصات لأبنائي الخمسة المُغتالين».
لم يرسل جثمانة إلى المشرحة سوى بوصول الحلفاء المدينة، ودُفن لاحقًا بقبر مجهول في مقابر المدينة، بعد 12 عامًا سُلمت رُفاته إلى زوجته، ودفن رسميًا بحضور عائلي.
البيان