حوارات ولقاءات

القيادي الإسلامي في حوار لا تنقصه الجرأة

كان من أكثر رجال الإنقاذ دفاعاً عنها، لكنه أُبعد بصورة مفاجئة، فالرجل أصبح في أيامه الأخيرة يشكل خميرة عكننة داخل الحكومة بسبب فضحه لعدد من الملفات، لا سيما المتعلقة بقضيتي النقل النهري وسودانير، أمين بناني من أشهر قيادات الحركة الإسلامية، بيد أن جهره بالحق كان سبباً في إبعاده من السلطة.. آخر لحظة جلست إليه وطرحت عليه حزمة من الأسئلة التي تدور في أذهان الكثيرين حول المشروع الإسلامي والأوضاع التي تمر بها البلاد، فجاءت إجاباته شفافة وواضحة وخالية من اي مساحيق، فمعاً نتابع مادار في الحوار:

حوار : عمر دمباي..

كيف تقرأ مسيرة الحوار؟
شئنا أم أبينا يعتبر الحوار المخرج الوحيد للخروج مما نحن فيه، وللوصول لحلول حول النزاعات التي انتشرت بالسودان.
وماذا عن مخرجاته؟
مخرجات الحوار حتى وإن لم تمثل قناعاتي أو رؤيتي الحزبية، إلا أن الأمر في النهاية أخذ وعطاء ولابد من تنازلات، ولكن نريد أن يكون الرابح الأكبر هو الوطن.
الانضمام المفاجيء لنائب رئيس الجبهة الثورية ألا تتفق معي أنه كما المستجير من الرمضاء بالنار؟
الجبهة الثورية تعاني مشاكل جمة بنيوية وسياسية، والتركيبة العرقية للجبهة تمثل تحدياً مستمراً لها، واختلفت في أكثر من مرة في من يقودها، لأن تركيزها على أساس عرقي وأثني، أضف الى ذلك ليس لها مشروع واضح ومحدد لحكم السودان، ولكن بلا شك انضمام أبو آمنة مهم ويمثل منطقة حساسة، وما زالت الحوارات مستمرة لانضمام المزيد من القيادات.
كأنك ترسم صورة قاتمة لمستقبل الحركات المسلحة في البلاد؟
– العمل المسلح ما عاد ذا جدوى، ولا أرى الآن مبرراً لحمل السلاح، ولا أرى الآن أن هناك قضية تسمى دارفور، لأنها تحولت الى نزاع قبلي أكثر منه سلاح محمول ضد النظام الحاكم وخاصة في دارفور، ولكن الحكومة لا تراهن على الحسم العسكري، لأن الحرب كر وفر ونصر وهزيمة، ويظل الحل المناسب الطرق السلمية.
الرئيس بدا زاهداً بعدم ترشحه في الانتخابات المقبلة و….؟
مقاطعاً… ربما يكون حديثه به نوع من الإيجاب، ولكن الوطني يراهن عليه كثيراً في الانتخابات كما أثبتت لنا التجربة السابقة.
كثيرون يشككون في عدم جدية المؤتمر الوطني ويقطعون بعدم تنفيذ مخرجات الحوار؟
المؤتمر الوطني حزب غير موحد تجاه قضايا السلام والوحدة في السودان، وهناك أشخاص من داخل الحزب ضد الحوار، وربما أبعد الرئيس جزءاً منهم لهذا السبب، ومع ذلك ظل هذا التيار يسعى لإفشال الحوار أثناء مسيرته من خلال اطلاق التصريحات والإعلانات الفاشلة، والآن منهم من يعمل على عرقلة الجمعية العمومية وتعميق القضايا الخلافية التي ذهبت للموفقين، ولكن مع ذلك مطمئن لتنفيذ المخرجات لما تواجهه الحكومة من ضغوط سواء كانت داخلياً أم خارجية.
كيف تنظر لقطع العلاقات مع إيران؟
الصورة التي تم بها قطع العلاقة مع إيران لم تكن بالسليمة حتى بالمعايير الدبلوماسية الدولية، فالنظام في السودان بنى علاقات قوية معها خلال السنوات الماضية، وخاصة البُعد الأمني الذي شكل الأساس في هذه العلاقة، ونأمل أن تتحسن الأوضاع في المنطقة، وتعود العلاقة مع إيران باعتبار أنها دولة مهمة في الاستراتيجيات السياسية بالمنطقة، ولها قدرات في العالم الإسلامي لا يمكن تجاهلها، وما بينها وبين الدول الأخرى قد لا يعنينا كثيراً بصورة مباشرة، ولكن حتى التوجه نحو الدول الخليجية الذي أملته الأوضاع الاقتصادية، كان يمكن أن يكون متوازناً.
اتهمك الراحل د. الترابي بالتبشير ونشر المذهب الشيعي في السودان؟
لم يتهمني إطلاقاً بهذه الصفة، فقد كان يعتبرني من أنجب تلاميذه، وأنا آخر من التقاهم الترابي لقاءات خاصة، ولكنها تهمة تأتي من بعض الأشخاص في داخل الحركة الإسلامية الذين يتضايقون من جرأتنا ونقدنا لكثرة أخطائهم، وهم كانوا يحترمون تعليمات الترابي التنظيمية أكثر منا، وهي اتهامات فاشلة، ومن اتهموني هم أكثر الناس الذين بنوا علاقات سياسية مع إيران، ولا تخرج من باب اغتيال الشخصية وليس لها أي تأثير، وأؤكد بأنه لا تجمعني بإيران اية علاقات سواء فكرية أو سياسية.
ورحيل د. الترابي هل بداية النهاية للحوار الوطني؟
الترابي شجع النظام للانفتاح نحو الحوار، وكانت رؤاه مقنعة للرئيس البشير للحد البعيد لإعلان كل هذه الالتزامات، أضف إلى ذلك نظام الإنقاذ مهما قيل لن يتجاوز الترابي كمرجعية فكرية رغم الاختلاف السياسي، فبغيابه تغيب الدراما السياسية، وأكبر ميزات الترابي أنه لم يجرب العمل السياسي في الخارج على الإطلاق منذ نشأته السياسية، فيصبر على الحياة السياسية ويمارسها في الداخل، ولم يذهب للعيش في أي عاصمة أجنبية، فهو يخاصم ويعادي من الداخل، ويقترب من الخارج في معايير واضحة.
بعد رحيل شيخ حسن عاود الإسلاميين حنين الوحدة وذرف بعضهم الدموع الى أي مدى يمكن أن يلتقي الإسلاميون مجدداً في كيان واحد؟
– ما يدور من حديث عن وحدة الإسلامين لا يسنده منطق لأنهم توحدوا وفشلوا، ومتفقين بأنهم لم يتوحدوا في حزب واحد إزاء القوى السياسية الأخرى، لأن من خرج لم يخرج للزعل فقط، وإلا لتم إرضاؤه بسلطة أو مال ولكن القضية أكبر من ذلك.
ماهي القضية إذن.. خاصة وأن كل الأحزاب الإسلامية ذات مرجعية واحدة رغم الاختلاف في المواقف؟
القضية قضية مشروع إسلامي لحكم البلاد قمنا بطرحه وفشلنا فيه، من خلال مجموعة لا تؤمن إلا بالسلطة، وفشل لذلك المشروع، ولم يتبقَ إلا مشروع الحوار الذي نريد أن يكون الإسلام أحد مرتكزاته الفكرية.
هل أنت نادم على الخروج من الحكومة؟
أحمد الله لم أندم يوماً على خروجي من سلطة الإنقاذ، لأنه تم إبعادي عندما أثرت ملفات الفساد والخصخصة التي صفت الناقل الوطني الجوي والنهري، وما من مؤسسة حكومية إلا خصخصوها أو دمروها.

آخر لحظة