تحقيقات وتقارير

(600) تاجر يواجهون التشرد بإخلاء دكاكين ترحيلات السوق الشعبي بأم درمان

معتمد أم درمان في مواجهة جديدة إثر تداعيات تنظيم سوق المدينة!!
تقرير – سيف جامع
لم تكد تهدأ مشكلة تنظيم سوق أم درمان وإفرازاتها ، والتى كانت أولى المشكلات التي أثارت سخط العديد من أهالي المنطقة ،حتى بدأ فصل جديد من الصراع بين المحليات والتجار، عندما شرع معتمد أم درمان “مجدي عبد العزيز” باستخدام الجرافات الي جانب تهديدات الإخلاء في حملة هدفت لتنظيم الأسواق، الامر الذي أثار، مجددا، حفيظة التجار والعاملين بأسواق محلية أم درمان.
أكثر من (600) شخص من العاملين بمكاتب الترحيلات بالسوق الشعبي أم درمان، بات مصيرهم التشرد بعد تسلمهم أوامر بالإخلاء ، من وحدة السوق الشعبية الإدارية ،توطئة لهدمها ، دون معالجات لوضعهم ، يتضمن نقلهم إلى محلات وأماكن أخرى، وتسبب قرار القاضي بهدم المكاتب في بروز حالة غضب وسخط بين العاملين في السوق الشعبي، إذ يتردد في اوساط أصحاب مكاتب الترحيلات بأن المحلية تريد نقلهم بعد أن باعت الأرض ، التي عليها الدكاكين، لمستثمر يعتزم تشييد أبراج تجارية عليها .
(المجهر) زارت التجار بالسوق الشعبي أم درمان وجلست إلى بعض المستأجرين للدكاكين، الذين قالوا تفاجأوا بينما كانوا يزاولون نشاطهم- المعتاد- في نقل بضائع المواطنين إلى كافة ولايات البلاد ، بإعلانهم بأمر إخلاء يوم 29/ 11/ 2015م ،في فترة أقصاها أسبوعين من تاريخ تسلمهم الإعلان الصادر من مدير وحدة السوق الشعبي “عبد الله محمد عبد الله”، وقد تم تكرار إعلان الإخلاء مرة أخرى بصيغة أكثر تصعيداً وتشددا ً، يوم 23/3/2016م حمل خطاب إخلاء وإزالة، حيث تحججت المحلية بأنهم أخلوا بالالتزام بموجب العقد المتعلق بالتنازلات والمبايعات، التي تمت دون الرجوع للمحلية، وكذلك بالإيجار من الباطن والفشل في سداد الأجرة الشهرية، على حد قوله . وأكد التجار أن المحلية أخطرتهم بأمر الإخلاء بفسخ العقد المبرم بخصوص إيجار دكاكين السلخانة مع احتفاظها بالمطالبة بالمتأخرات والتعويض.
ويقول رئيس اللجنة “داؤود عطية” إن المحلية بدأت بالتضييق عليهم بإنذارهم ثلاث مرات، وجاء التهديد بالهدم والإخلاء نسبة لأسباب رفعناها في عريضة للمحكمة بواسطة المحامي المعروف الوزير الأسبق، النائب البرلماني “عبد الباسط سبدرات”، ويسرد عطية بأنهم شيدوا هذه الدكاكين في عام 1984م بطلب من المحلية، وبإشراف وحدة الشؤون الهندسية، وقال : ” كان شرطها أن نشيدها نحن وهم يستأجرونها لنا. وظللنا ندفع الإيجار منذ عام 1985م وحتى 2016م،” وأشار إلى أن الزيادة ظلت في ارتفاع مستمر في السنوات الماضية، واستطرد قائلا:” رغم ذلك نجلس مع المعتمدين السابقين أو المديرين التنفيذيين، وكنا نجد منهم تجاوباً، لكن في آخر مرة وصلت الزيادة إلى (300) جنيه ثم إلى (600) جنيه ثم إلى (1000) جنيه، وأوصلها المعتمد الجديد “مجدي” ، حاليا ً، إلى (1200) جنيه، ووقع معنا عقداً لمدة سنة واحدة ، ويأخذ الإيجار خارج العقد لمدة عشرة سنين قادمة، ونحن نعتبر كل هذه الزيادات في الإيجار بها تجاوز لقانون الإيجارات.”
وقال “عطية” إن المحلية تتحدث بأن التجار باعوا هذه الدكاكين لآخرين، وإن الإيجارات تتم بالباطن، وهذا حديث غير حقيقي، وأضاف: هم مشككون بأن هنالك تجاراً باعوا، وفي حال تم بيع أي دكان تأخذ المحلية (1000) جنيه عبارة عن رسوم تحويل ملكية.
ويوضح العم “عطية” أن الوحدة الإدارية وعدت بالجلوس مع المحامي، والأخير قدم رؤيته حول القضية لكنهم لم يقتنعوا بها.
رئيس لجنة السوق شدد بأن الدكاكين شيدت بمنحة لغرض معين، وبعقد استثماري استمر لأكثر (30) عاماً.
وكشف بعض التجار بأن المحلية تعتزم ترحيل كافة مكاتب الترحيلات إلى منطقة (جبل طورية) غرب أم درمان، ” لكننا لا نأتمن المحلية لأنها لا توفي بالوعود، على حد تعبيره ، وشاهدنا تجربة نقل (سوق الملجة) إلى جوار المستشفى الصيني، حيث رحلت (الملجة) ، ووعدت التجار بأن خلال ثلاثة أشهر سينتهي العمل بـ(الملجة) الجديدة، والآن مضى على ذلك خمس سنوات ، ومازال تجار الخضروات يفترشون طريق الإسفلت جوار المستشفى الصيني.”
ورفض معظم أصحاب الترحيلات نقلهم إلى (جبل طورية) مبررهم أن ذلك أمر مستبعد وقرار غير موفق، مشيرين إلى أن المعتمد غير قادر على توفير الخدمات والطرق والكهرباء في تلك المنطقة.
وأكد “عطية داؤود” أن المحلية تريد هدم دكاكين مشيدة بالخرسانة بواسطة مهندسين أكفاء وتسمح لطابقين آخرين، كما أن مساحتها واسعة لأجل أن تشيد دكاكين صغيرة وتقسمها كـ”المرارة” حتى يزيد عددها، ورفع إيرادات إيجاراتها دون مراعاة مواصفات مكاتب الترحيلات، التي ينبغي أن تكون مساحتها واسعة باعتبارها مكتباً ومخزناً لأغراض الزبائن، وأضاف: أن “الكثيرين” من أصحاب مكاتب الترحيلات يستأجرون مخازن إضافية لان الدكاكين لا تسع بضاعة الزبائن.
ويقول العمال بالسوق إن معظم مشاكل الأسواق الأخيرة، بما فيها مشكلة سوق أم درمان، تسبب فيها المعتمد الجديد، بالإضافة للمدير التنفيذي الجديد ومدير الوحدة الإدارية بالسوق الشعبي الجديد، لأنهم جدد ،وليست لديهم خبرة والدراية الكافية في التعامل مع قضايا الأسواق.
وأبان رئيس لجنة أصحاب دكاكين ترحيلات الشعبي، بأن المدير التنفيذي للمحلية يتحدث بأن مكتب الترحيلات لا يحتاج لدكان في مساحة (60) متراً، وهو لايعلم بأن الدكان يجب أن يكون أكبر من ذلك.
وانتقد عدد من التجار الذين استطلعتهم (المجهر) سياسة هدم الدكاكين، مشيرين إلى أنها سياسة غير مدروسة، وكان ينبغي على المعتمد الاهتمام بنظافة السوق، وتنظيم العمل فيه بدلاً عن الهدم وتشريد العاملين، وذكر التجار بأن هنالك 8 دكاكين تم هدمها منذ ثلاث سنوات ، دون أن يسلم أصحابها أي تعويض!
وشدد التاجر “حمودة محمد حمودة ” على موقفهم قائلا انهم يرفضون جملة وتفصيلاً نقلهم وهدم دكاكينهم، وسيستمرون في مناهضة القرار، ورفع شكوى لأعلى الجهات، وأضاف “بيننا المحكمة والقانون، وإذا حكمت المحكمة بنقلنا سنخلي فوراً).
وانتقد المواطنون والتجار القدامى، بالسوق ، معاً ، الوحدة الإدارية في إزالة المصلى الذي يؤدون فيه الصلاة أثناء عملهم بالسوق، ويشير التجار إلى أنهم شيدوا المصلى وفرشوه من جهدهم الخاص، حيث يسع لحوالى (50) شخصاً ، فبدأت المحلية أولاً بإزالته توطئة لهدم المحلات التجارية. واستنكر التجار هدم المسجد معتبرين أن هدمه كان أمراً مستعجلاً، وأنه سلوك لا يقدم عليه يقدم عليه أحد، لمايتضمنه من محاذير دينية.
وقد وقفت (المجهر) على المصلى الذي تحول إلى أطلال ومأوى للمشردين، وأصبح مكاناً للتبول، بدلاً بعد أن كان مكاناً طاهراً يسجد عليه الخاشعون.
وخلال الزيارة رصدت كاميرا الصحيفة كيف يبدو دوام العمل بمكاتب الترحيلات، حيث يعمل الجميع في همة ونشاط، فهنالك الصبية الذين يشحنون البضائع على الشاحنات الكبيرة، وهنالك بائعات الشاي و الباعة الجائلين، وغيرهم من العاملين في المنطقة، لكن تهديد الإزالة جعل الكل متخوفاً من مستقبله ، مهموما بالسؤال حول أين ينتهي به الحال إذا تمت إزالة المكاتب؟

المجهر