عبد الباقي الظافر

اطبخ لحكومتك..!!


وأفاد شاهد عيان أن الشرطة اضطرت لإطلاق سراح نزيلة بالقسم الجنوبي بأم درمان حتى تفسح المجال للمعتقلين الجدد.. قائمة المقبوض عليهم شملت وزير الدولة بوزارة الداخلية بجانب اثنين من أبرز نواب الحركة الشعبية بالبرلمان ..بدت الخرطوم في صباح السابع من ديسمبر ٢٠٠٩ في حالة استثنائية ..الحكومة أعلنت ذاك اليوم عطلة رسمية تحسباً للمواجهات .. قوى تحالف جوبا المعارضة ظنت أن الثورة الشعبية قد حان قطافها.. ولكن من وراء الكواليس كان هنالك خط ساخن بين الرئيس البشير ونائبه الأول سلفاكير.. المفاوضات انتهت إلى تسوية أدت لتمرير عدد من القوانين المهمة ..أما أحدها فهو قانون الأمن الوطني غير القابل للتنازلات بالنسبة للحكومة..القانون الثاني كان قانون الصحافة والذي نالت فيه الحركة الشعبية امتيازات مقابل تنازلها في قوانين أخرى.
أمس ترأس وزير العدل اجتماعاً طارئاً للجنة تعديل قانون الصحافة.. وزير العدل أمهل اللجنة الموقرة شهراً واحداً لإنجاز مهمتها..اللجنة المنوط بها المهمة مكونة من رئيس مجلس الصحافة الأستاذ فضل الله محمد.. الشعب السوداني يحتفظ للأستاذ فضل الله محمد بقصيدة الجريدة التي تغني بها الفنان محمد الأمين..بل إن الأستاذ فضل الله كان من نجوم صحافة مايو الشمولية..الرجل الثاني في لجنة فضل الله هو صديقنا الأستاذ الصادق الرزيقي والذي من شدة تعلقه بالأسفار أطلق عليه الأستاذ حسبن خوجلي لقب النقيب طيار .. شملت عضوية اللجنة ممثل لنقابة المحامين ونخبة من موظفي الحكومة..الجهات الثلاث المعنية بحقوق الصحافة الممثلة في مجلس الصحافة واتحاد الصحفيين ونقابة المحامين لاذت بالصمت في كل المعارك التي خاطتها الصحافة مؤخراً..ولأن المؤسسات الثلاث تتبع بشكل مباشر أو غير مباشر للحكومة والحزب الحاكم فستنجح اللجنة في طبخ قانون يرضي الحكومة.
الناحية الثانية لماذا العجلة في تغيير قانون الصحافة والبلاد متجهة بكلياتها نحو مخرجات الحوار الوطني..أمس حملت الصحف تصريحاً لرئيس لجنة التشريع بالبرلمان..مولانا أحمد التيجاني أكد أن مخرجات الحوار ستحدد طريقة اختيار ولاة الولايات..وهذا يعني أن مخرجات الحوار ستُعدل في الدستور ذات نفسه الذي منح رئيس الجمهورية سلطة اختيار الولاة وقد كانوا من قبل منتخبين مباشرة ..الأهم من ذلك مولانا التيجاني أكد أن الجمعية العمومية للحوار ستعقد في هذا الشهر..العجلة هنا تضع علامة استفهام كبرى.
الأهم من ذلك أن لا أحد من القاعدة الصحفية اشتكى من سوء قانون الصحافة للعام ٢٠٠٩ إلا الأستاذ فضل الله محمد رئيس مجلس الصحافة..هذا لا يعني أن القانون مثالي ولكن الصحافيين يدركون أن القادم سيكون أكثر سوءاً..كل الاحتجاجات كانت تنادي بتحكيم القانون في الفصل بين السلطة الأولى والصحافة السودانية..كلما ألمت بالصحافة نائبة كان الصحافيون يصرخون حاكمونا بالقانون.
قانون الصحافة الحالي جاء في مناخ أكثر ديمقراطية من الآن.. في تلك الأعوام كان هنالك توازن قوى بين الحزب الحاكم والحركة الشعبية ..أما في أيامنا هذه فالحزب الحاكم مهيمن على كل الساحة السياسية..إبراهيم محمود والصادق الرزيقي وفضل الله محمد ومولانا الطيب هارون يجلسون تحت شجرة وارفة الظلال اسمها المؤتمر الوطني..لهذا سيكون القانون معبراً عن رؤية الحزب الحاكم الذي ضاق ذرعاً حتى من عدد الصحف فاقترح أن تدمج ليعود المشهد الصحفي كما كان في أيام الإنقاذ الأولى.
بصراحة..مطلوب من الأسرة الصحفية أن تقف في صف واحد ضد اي تعديلات في قانون الصحافة في الوقت الراهن..ولنا في نقابة الصحفيين في مصر نموذجاً في وحدة الكلمة وإن اختلفت الاتجاهات.