أول مشروع سوداني مرشح للدخول فى سوق الكربون العالمي
مشروع تثبيت الكربون بالسودان، هو أول مشروع فى مجال تغير المناخ لتخفيف الإنبعاثات ينفذ فى قطاع الغابات بالسودان مستهدفا التسويق لفكرة سوق الكربون العالمي، بتمويل من مرفق البيئة العالمي والصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد) ضمن آلية تخفيف إنبعاثات ثاني أكسد الكربون. ويتوقع أن تستفيد منه حوالي 10 ألف أسرة بمنطقة البطانة.
تقول المديرة القومية لمشروع الكربون السوداني سمية عابدون،المشروع ممول بمنحة من مرفق البيئة العالمي بقيمة 3.650 مليون دولار أمريكي، كما هوبرنامج تكاملى مع مشروع البطانة للتنمية الريفية المتكاملة بولايتي القضارف والجزيرة. الممول بقرض من الإيفاد لمشروع الكربون ومبلغ أكثر من عشرة مليون دولار.
وينفذ خلال أربع سنوات تمتد من2014-2017 وتتشارك في تنفيذه كل من الهيئة القومية للغابات، وزارة الزراعة والغابات وهيئة تنمية البطانة والمجلس الأعلى للبيئة والموارد الطبيعية. حيث تزرع فيه أشجار غابية في مساحة 10 ألف هكتار أى حوالي 25 ألف فدان، تعد ذات إمكانات عالية للنمو المستدام للكتلة الحيوية. وبإستخدام وسائل متعددة مثل التشجير وإعادة التشجير وتطبيق نظم الزراعة المختلطة وطرق الحصاد المائي المناسبة .
ويهدف إلى تعزيز التنمية الريفية الصديقة للتغير المناخي عن طريق زيادة مخزون الكربون و تخفيض صافي الإنبعاثات من الغازات الدفيئة في البلاد، مع الحفاظ على التنمية الريفية والإدارة المستدامة للمورد في منطقة المشروع.
ويتكون من أنشطة التشجير وإعادة التشجير لزيادة إمتصاص الكربون.
وحماية وتحسين إدارة الغابات عبر صون مخزون الكربون وتحسين سبل إدارته. وتعزيز إنتاج الطاقة المستدامة على مستوى المجتمع المحلي. وبناء القدرات على المستوى الوطني للرصد والإبلاغ عن مخزون الكربون والتوعية المحلية.
ويدار المشروع بواسطة لجنة تسيير قومية، ولجنة فنية ووحدة تنفيذ قومية بالهيئة القومية للغابات بالخرطوم إضافة إلى وحدتى تنفيذ ولائيتين.
وتقول سمية عابدون إن المشروع تنفذه الهيئة القومية للغابات كجهة حكومية ، ولكن في مسألة الكربون الحكومة والقطاع الخاص كلاهما يمكنهما أن يستفيدا من موارد الغابات ويبيعان ما يخزنانه من ثاني أكسيد الكربون في السوق العالمي لهذه السلعة الجديدة إذا ما أحسنا بصورة مستمرة إدارة وحماية الموارد الشجرية التي يملكانها .
فالسوق نوعان: رسمي وطوعى حيث يستطيع القطاع الخاص والمجتمعات عرض سلعة الكربون سواء كانوا حكومات أو مواطنين، أفراد أو منظمات. وتتراوح فيه الأسعار ما بين 3 إلى 13 دولارا وأكثر للطن الواحد من الكربون. وكمثال تقول إن 10 ألف هكتار يمكن أن تدر مبلغ 4 ملايين و400 ألف دولار أمريكي في 4 سنوات بسعر 7 دولارات للطن الواحد.
وتؤكد إن التخطيط السليم للغابات والأشجار والحفاظ عليها وعدم قطعها وإزالتها، واستخدامها في أغراض أخرى مثل الزراعة ، جميعها إدارة حكيمة تكفل الإستفادة منها كسلع كربونية تدر عائدات مقدرة للبلاد.
وتبين أن السوق العالمي للكربون يعتمد وسيلة التحقق من إستدامة بقاءالأشجار وأراضيها مصانة. ووسيلة قياس مقدار ثاني أكسيد الكربون الذي تخزنه حتى يتم الإتفاق على سعرها ودفعه لاحقا، قائلة “يجب تسجيل الموارد الغابية منذ البداية في سوق الكربون” وأن تحدد ملكية الأراضي واستخدامه في هذا الغرض المحدد.
وتوضح أن فكرة إعتبار ثاني أكسيد الكربون سلعة يمكن بيعها جاءت ضمن مباحثات إتفاقية كيوتو في اليابان حول التغير المناخي العام 1997 واستندت على مبدأ بسيط وهو أن الشجرة مخزن للكربون تحتفظ به في كتلتها أي ساقها وبقية أجزائها وبالتالي تقلل وتحد من إطلاقه في الهواء والغلاف الجوي المحيط بالأرض ومن ثم يتم تقليل الإنبعاثات الحرارية وتخفيض درجة حرارة الأرض هذا من جهة.
ومن الجهة الأخرى هناك دول بعينها تزيد من إطلاق غاز الكربون نتيجة لصناعاتها الضخمة وترفع حرارة الأرض ولا تستطيع أن تستغنى عن هذه الصناعات، فإتفاق كيوتو نص على أن تدفع هذه الدول أموالا للدول النامية المتضررة من هذه الإنبعاثات، ولكن يجب على هذه الدول المتضررة أن تزرع المزيد من الأشجار المخزنة للكربون حتى تتمكن من أخذ هذه الأموال وهو ما يعرف بسوق الكربون. فالمسالة جميعا تعني زراعة وغرس المزيد من الأشجار التي يمكنها إمتصاص الكربون المسبب لإرتفاع حرارة الجو.
وتشير إلى أن شجرة الهشاب يمكن أن تخزن 12 طن من الكربون في الهكتار في السنة والسنط 25 طن في السنة. وتضيف بالتالي يمكن لأي أن يزرع أشجاراً ملائمة للبيئة المحلية التي يقيم بها وعندها قابلية جيدة لامتصاص وتخزين الكربون.
وهناك سبيلان متاحان حالياً للاستفادة من أرصدة إنبعاثات الكربون هما سوق الكربون الطوعي وآلية التنمية النظيفة المنبثقة عن بروتوكول كيوتو. ولكل منهما مجموعة خاصة من شروط الأهلية والإجراءات لتنفيذ الأنشطة التي يمكن من خلالها إكتساب أرصدة إنبعاثات الكربون وتتوقف أهلية المشروع على عدة أمور، من بينها الكيفية والتوقيت ونوع الأرض ونطاق غرس الأشجار.
منسق برنامج الحصر القومي لموارد الغابات بوزارة الزراعة الإتحادية المهندس صلاح يوسف محمد: يقول بحسب الحصر الذي قامت به الوزارة فإن هناك 184 نوعاً من الاشجار والشجيرات المحلية كلها مخزن جيد للكربون . ويمكن قياس الكربون الذي تخزنه بطرق معينة ومعادلة محددة للحصول على الكتلة الحية للشجرة أي الوزن الجاف لها.
ويمكن الحصول عليه بتجفيف الساق عن طريق الأفران وليس عن طريق التعرض الطويل للشمس للتخلص من أي رطوبة فيها. ويراعى في ذلك كثافة الشجرة وحجمها وتمددها، مشيرا إلى أن الأوزان الجافة للأشجار مختلفة ومتباينة من حيث القلة والكثرة.
ووفقا لما ذكره فإن الهيئة القومية للغابات لديها حتى الآن أوزان الكتلة الحية لعدد قليل من الأشجار تشمل الطلح والهبيل والهجليج والسنط والكافور والهشاب. قائلاً “من المهم أن تعمل المراكز البحثية ذات الصلة والجامعات على التوسع وإجراء البحوث العلمية في هذا المضمار”، حتى تتوفر قياسات ومعلومات تعين المتعاملين من السودانيين وغيرهم في هذا السوق.
وشجع القطاع الخاص والجمعيات والمنظمات المدنية والإدارات الأهليةخاصة في مناطق الصمغ العربي، على الاهتمام بالادارة الجيدة لجنائنهم وغاباتهم وحمايتها وكذلك الإهتمام بالملكية الرسمية لحيازاتهم.
وتجارة الكربون هو الإسـم المختصر الذي يطلـقه الصناعيون على تجارة الغازات الدفيئة، حيث تتضمن سوقاً دولية للكربون مثل أي سوق أخرى في العالم وفيها أسعار محددة لطن الكربون الذي يتم إطلاقه في الجو من قبل الدول الصناعية، والذي يدخل في عملية تمويل مشاريع تجارة الكربون في العالم. وبحسب المعطيات العلمية، فإنّ كل دولة صناعية وقّعت على معاهدة كيــوتو تعمل بموجب آلية التنمية النظيفة(Clean Development Mechanism) ، وبمعنى آخر، فهي تلتزم بتخفيض إنبعاث الكربون إلى رقم محدد، خاص بكل دولة.
وبما أن الدول الصناعية تجد أنه من الصعب الوصول إلى الرقم المحدد لها، فهي تلجأ إلى تخفيض نسبة معينة من الانبعاثات لديها والرقم المتبقي الذي يجب أن تخفضه تلجأ إلى الحصول عليه عبر تمويل مشاريع خضراء في الدول النامية.
وفي هذه الحالة يكون البائع من الدول أو الجهات ذات الإنبعاثات المنخفضة من غاز ثاني أكسيد الكربون، ويكون المشتري هو صاحب الإنبعاثات المتزايدة، بينما السلعة هي ثاني أكسيد الكربون، الذي يمثل نحو 50% من غازات الدفيئة، والسعر حسب العرض والطلب.
وبمستوى عام يرى الخبراء أن تجارة الكربون معقدة. وقد عانت أسعارها من الإنخفاض المريع خلال الفترة الماضية. ويقولون أن ضمان الإلتزام السياسي بتخفيضات الإنبعاثات على المدى الطويل سيدعم الأسعار. وحتى الآن، إلتزم الإتحاد الأوروبي بأنه بحلول عام 2020 سيتم تخفيض الانبعاثات بنسبة 20% عن مستوياتها التي كانت سائدة عام 1990. والإتفاق على تخفيضات أكبر للعقود المقبلة قد يرسل لعالم الأعمال مؤشرات الأسعار التي يحتاج إليها.
وينص بروتوكول كيوتو، الذي جرى إعتماده في عام 1997، على إلتزامات كمية تقيد أو تخفض إنبعاثات غازات الإحتباس الحراري بالنسبة للبلدان الصناعية وتلك السائرة على طريق التحول إلى إقتصاد السوق. إذ نص على ثلاث “آليات لتحقيق المرونة” تستند إلى السوق، هي: الإتجار في الإنبعاثات، والتنفيذ المشترك، وآلية التنمية النظيفة.
وتهدف هذه الآليات إلى مساعدة البلدان الصناعية على تحقيق أهدافها عن طريق الإتجار في الإنبعاثات مع بعضها البعض، والحصول على أرصدة تكميلية من الإنبعاثات عن طريق تنفيذ مشروعات لخفض الإنبعاثات في بلدان أخرى. ويشير التنفيذ المشترك إلى المشروعات التي تم البدء في تنفيذها في بلدان ملتزمة بالحدود المقررة للإنبعاثات، أما آلية التنمية النظيفة فتشمل المشروعات التي يجري تنفيذها في البلدان النامية التي لا توجد لديها أهداف بخفض الانبعاثات.
وتسمح الإتفاقية بشراء وحدات خفض الإنبعاثات فيما بين الدول من ناحية وفيما بين الشركات داخل الدولة الواحدة. ومنذ العام 2005 بدأ الإتحاد الأوروبي تنفيذ آلية الإتجار في الإنبعاثات، حيث يتم توزيع شهادات مقابل كل طن مسموح به من إنبعاثات ثاني أكسيد الكربون أو أي غاز آخر مشابه للضرر الذي يحدثه الكربون، يمكن أن تتداول فيما بين الدول أومابين الشركات. وتشمل هذه التجارة قطاعات محددة مثل قطاع الطاقة والصناعة كصناعة الحديد والصلب وصناعة الورق والخشب.وتم إحداث أول بورصة لتداول مثل هذه الشهادات في ألمانيا.
إشراقة عباس
الخرطوم -17-5-2016-(سونا)