فيصل محمد صالح : إلى أين تتجه تركيا
يبدو أن تركيا تتجه إلى طريق مظلم لا يعرف أحد نهايته. فبعد أن كان النموذج التركي يقدم كتجربة جديدة لحركات الإسلام السياسي التي تؤمن بالديمقراطية وتستخدم وسائلها في الوصول للسلطة، وتتوشح رداء الحداثة والمعاصرة، هاهي تتجه مرة أخرى تحت قيادة أردوغان نحو أن تكون دولة شمولية مغلقة يتحكم فيها فرد واحد ويسيرها على هواه. وضح ذلك بعد أن تخلى رئيس الوزراء أحمد داؤود أوغلو عن منصبه بالاستقالة نتيجة لخلاف مع أردوغان وجاء بن علي يلدريم رئيساً جديداً للحزب ومن ثم للوزارة، وهو من مؤيدي أردوغان ومن المناصرين للتحول للنظام الرئاسي.
بدأ أردوغان إحكام قبضته بعد خلافه مع حليفه السابق فتح الله كولن زعيم الجماعة الصوفية الذي وفر قاعدة ضخمة من الناخبين لحزب العدالة والتنمية أوصلته للسلطة. ثم انقلب أيضاً على الصحافة المستقلة وشن عليها حرباً شعواء، فأغلق بعض الصحف ومحطات التلفزة وأودع كبار الصحفيين في السجن. ورغم أن أردوغان ضمن أغلبية مريحة في البرلمان لكن يبدو أنه لا يستسيغ وجود أقلية معارضة، فاتخذ كثيراً من إجراءات المضايقة لها، ووصل به الحد إلى إصدار قانون برفع الحصانة عن 138 نائباً من البرلمان، أجازه البرلمان الذي يسيطر عليه بالأغلبية الميكانيكية وبقي في انتظار التوقيع والتنفيذ، ومن ثم طرد النواب من البرلمان.
قد يدافع البعض أن أردوغان باستخدامه الأغلبية في البرلمان قد استخدم وسائل ديمقراطية، لكنها نوع من الديمقراطية الشكلية التي إن أسيء استخدامها فتحت على البلاد نيران جهنم. في كثير من بلاد العالم تحصل أحزاب على أغلبية مطلقة في البرلمان، لكنها تعرف كيف تتعامل بروح وجوهر الديمقراطية، وتدرك أن هناك قرارات كبيرة في البلد لا يصح الركون فيها للأغلبية الميكانيكية، وإنما التوافق والتفاهم. كما تستخدم بلاد أخرى مثل الهند وسويسرا الديمقراطية التوافقية للحفاظ على حقوق الأقليات وضمان مشاركتها في قرارات السلطة.
في تركيا تنوع ثقافي وسياسي من مصلحة البلاد الحفاظ عليه والتعامل معه بروح تراعي الحساسيات والمصالح المتعددة. وعندما تخرج 138 نائباً من البرلمان، تم انتخابهم بطريقة ديمقراطية فأنت تدفعهم للبحث عن وسائل عمل أخرى خارج اللعبة والممارسة السياسية السلمية المعروفة. أقل نتائج المغامرة هو فتح الباب للمغامرات العسكرية والمسلحة، خاصة وأن الجيش ليس بعيداً عن مسرح السياسة في تركيا.
وأخطر النتائج لمثل هذا العمل هو الانتهاء تماماً من طموحات تركيا للانضمام للاتحاد الأوروبي، ونسف الإمكانية من جذورها. لدى كثير من الدول الأوروبية موانع وأسباب تحول دون انضمام تركيا للمنظومة الأوروبية، بعضها ملاحظات معقولة على التطور السياسي والدستوري، وبعضها أسباب غير موضوعية وغير معلنة وبعضها مخاوف غير منطقية، لكنها ستجد السند في القرار الأخير للإدعاء أن طبيعة وثقافة الدولة والشعب في تركيا تختلف عن بقية القارة الأوروبية، ومن ذلك ترسخ العقلية الشمولية المنافية للديمقراطية.
قد ينجح أردوغان في إشباع رغبته في السلطة المطلقة، لكن ستخسر تركيا وسيخسر العالم الإسلامي قدرته على تقديم نموذج ديمقراطي، وسيخسر العالم تجربة إنسانية منفتحة قادمة من عالم مختلف.
بداية النهاية لنموذج كان يمكن ان يكون نبراسا” للحركات العقائدية و بالذات الاسلامية لأن الاحزاب الشيوعية لها تجرية نجاح في اوروبا وبالتحديد بولندا .
يبدو إنك بتسعى لجائزة جديدة من اسيادك الغربيين..او الظاهر افلست..
الغرض مرض..