احمد يوسف التاي : العدو الأكبر
مئات الزملاء اشتعلت نفوسهم غضباً على النائب البرلماني الذي أشار إلى أن الصحافة السودانية أضحت العدو الأخطر على التنمية أكثر من الحركات المسلحة، وأن الصحافيين يفعلون ما عجز عنه حملة السلاح، لجهة أنهم لا يعكسون إنجازات الإنقاذ.
النائب فضل المولى الهجا الذي وضع الصحافة في خانة العدو الأخطر الحكومة من الحركات المسلحة لم يكن وحده الذي يجاهر بعدائه للصحافة، بل كان الرجل ضمن جوقة من نواب “الوطني” كانوا يتسابقون في إخراج أضغانهم وأحقادهم على الصحافة الحرة، وهؤلاء جميعاً يقتفون أثر من سبقهم إلى ماراثون السباق في مضمار استعداء الصحافة .
ما يجب أن يتذكره الناس دائماً هو أنه عندما تتحدث هذه العناصر عن الصحافة السودانية، لابد أن نتذكر تصنيفاتهم للصحف وقائمة “هؤلاء معنا، وهؤلاء ضدنا”، وحرمان صحف “الضد” من الإعلانات الحكومية، لذلك عندما يقولون إن الصحافة عدو أكبر خطراً من الحركات المسلحة إنما هم يقصدون الصحف الأربعة المغضوب عليها والمحاربة من قبل الحكومة وهي (الصيحة والتيار والجريدة وآخر لحظة)..
ندرك تماماً حجم الغيظ الذي تمور به نفوسهم تلقاء الصحف الأربعة، لكننا لم نكن ندرك أن البغض والكراهية والتحريض وصل إلى هذه الدرجة.
الصحافة الوطنية الحرة لن تكون عدواً للتنمية التي ينهل من خيرها المواطن، لكنها ستظل العدو الأكبر للوبيات الفساد ذات المصالح المشتركة المحمية بالنفوذ السلطوي، وستظل العدو الأكبر للذين يتحكمون في حركة الاقتصاد ويكنزون الذهب والفضة والدولار ويحمون مصالحهم ويستغلون نفوذهم… الصحافة ستظل العدو الأكبر للذين يجمعون بين الوزارة والتجارة.. !! وستكون عدواً للفاشلين والنفعيين والانتهازيين والمتسلقين على أكتاف الرجال..
عموماً إذا كان نواب الوطني المحترمين يقصدون أن الصحافة هي العدو الأكبر لـ”تنمية” هؤلاء الصنف من البشر، نقول لهم إننا على اتفاق كامل معكم في أن الصحافة الحرة باتت تشكل خطراً عظيماً على “تنمية” مكاسب هؤلاء واستثماراتهم، وسيكون الصحافيون الأحرار أسعد الناس بهذا التصنيف.
الحركات المسلحة لم تكشف فساداً مالياً أو إدارياً أو أخلاقياً، لذلك فهي لن تشكل خطراً على المنحرفين، ولا الطبقات الطفيلية التي هي العدو الحقيقي للشعب، ولا المتحكمين في مقابض المال والاقتصاد، بل العكس تماماً فتلك العناصر ستظل هي المستفيد الأكبر من الأجواء التي تخلقها الحركات المسلحة، فكلما صعدت الحركات المسلحة عملياتها العسكرية وهددت الأمن كان ذلك “كسباً” لخفافيش الظلام وتجار السلاح وسماسرة المفاوضات السرية، فهذا الغطاء الذي يوفره حملة السلاح للذين يسعون في الأرض فساداً، لن يوفره لهم حملة الأقلام، بل ينزعونه عنهم فتبدو عوراتهم تحت الأضواء الساطعة، عرفتم سادتي كيف أن الصحافة الحرة هي العدو الأكبر التي يتضاءل بجانبها جهابذة الحركات المسلحة..
الصحافة رغم بؤسها والكرب العظيم الذي يأخذ بخناقها ظلت تسدد الطعنات النجلاء لأوكار الفساد، وتصليها حمماً، وتقذف بالحق على أباطيلها، حتى ضاقت بها ذرعاً وما عادت تحتمل مجرد إضاءة خافتة على سوءاتها… إخوتي النواب بدلاً عن اللفة الطويلة هذه، أما كان الأجدر بكم أن تقولوا الصحافة أصبحت عدواً لتنمية مكاسب ذوي الحظوة بدلاً عن حكاية التنمية هذه… اللهم هذا قسمي فيما أملك.
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله؛ وثق أنه يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين.
“النائب فضل المولى الهجا الذي وضع الصحافة في خانة العدو الأخطر الحكومة من الحركات المسلحة لم يكن وحده الذي يجاهر بعدائه للصحافة، بل كان الرجل ضمن جوقة من نواب “الوطني” كانوا يتسابقون في إخراج أضغانهم وأحقادهم على الصحافة الحرة، وهؤلاء جميعاً يقتفون أثر من سبقهم إلى ماراثون السباق في مضمار استعداء الصحافة .”
لا مندوحة من ان يري الصحافة من ألد اعداء النظام لان تلك حقيقة، فأي صحافة مستنيرة، مستقلة وسلطة رابعة لا تعادي الأنظمة الديكتاتورية؟ واي صحافة تلك التي لا تخشاها جميع السلطات، حتي الاولي والثانية والثالثة؟
ان الأصل في الرسالة الصحفية مستمد من المصداقية والشفافية والصحافة هي الاولي التي يجب ان تمتلك ذلك في حين ان السلطات الثلاث الاخري قد لا تمتلك اي مقدار من هذه القيم.